رغم أن لا شيء كان يوحي بفرضيّة إبقاء القرش على وقار هيبته الكرويّة في نسخته الماضية بسبب التغييرات التي طرأت على الفريق ككلّ سواء من جانب الاطار الفنّي أو حتى من الجانب البشري بعد اختيار قوّته الضّاربة أحمد محمود الزويّ الرّحيل باتّجاه الخليج العربي بحثا عن تأمين احتياجات مستقبله المادّية ، ناهيك عن التجاذبات الاخيرة وما اعتراها من نشر غسيل طالما كان بالدّاخل محكم الغلق زادته رباعيّة الرجّاء كشفا، جاءت أولى جولات البطولة في شكلها وتقسيمها الجديد لتؤكّد بما لا يدع مجالا للشّك أن قدر البنزرتي كان وسيظلّ بين كبار قوم الكرة، وأن لا أحد باستطاعته المزايدة على حقيقة مظهره أوقات الجدّ وأنّ إشارات التحكّم عن بعد قد بدأت مبكّرا من جانب البنزرتيّة الذين لن يساوموا على أرضيّة ميدانهم في ثقافة الكسب التي اكتسبوها حتّى وإن تغيّرت هويّة الرّبان الذي سلك أفضل الطرق بأخرى حاملة لاحرف جزائرية المنبت والمنشأ. البجاوي بامتياز الملاحظة الابرز في لقاء البنزرتي بالنّادي الافريقي المدجّج بعدد من الاسماء الكبرى من حيث القيمة الماليّة والهالة الاعلاميّة دون المردوديّة، تأتي لتؤكّد سلامة الموقف المنادي بمبدأ الاستمراريّة على مستوى التركيبة وما يعني ذلك من تأمين لمنطق التناغم حتّى وإن كانت الظروف غير التي كانت عليه ، ولتؤكّد أيظا أنّ المال وحده لا يصنع ربيع الفرق دون رغبة حقيقيّة في العمل الجاد. اللقاء الاوّل للكتيبة الصفراء بطعم الجدّ كشف أولى المفاجآت السّارة بعيدا عن منطق النتيجة وعقليّة الاداء، وأظهر أنّ الفراغ الذي خلنا أن يتركه الكنزاري قد أمّن سدّه الوافد القديم الجديد برتبة المساعد شكري البجاوي الذي أثبت بحقّ أنّه المهندس الاوّل لعودة القرش الى سكّته والابقاء على معنويّاته وإن كان لحديث الورق والعقود رأيهما المغاير بخطّ اسم الجزائري نورالدين السعدي بالبنط العريض كقائد أوّل للكتيبة الفنّية وهو الجاهل الى حين بأسلوب الفريق وأسماء منضويه ولاعبيه. البجاوي يكره الجلوس في المقاعد الخلفيّة ويمقت دور الرّقيب عن بعد ، لذلك كان طوال المباراة واقفا على مضمار الرّيادة والقيادة وحتّى السيادة لتأمين سير المباراة وإرسائها أخيرا على شاطئ الامان بما يبقي على ضمان حسن العودة الى الدّيار بمعنويّات مرتفعة هي الاصل والفصل في تأثيث قادم المواجهات بعد كسب معركة ترميم المعنويّات المفتّش عنها منذ رحيل الكنزاري في انتظار ما هو آت . اللّياقة البدنيّة بحاجة إلى المراجعة المتابع عن قرب لاداء البنزرتي في أولى مواجهات الجدّ يقف على حقيقة نقص الجاهزيّة البدنيّة بالرغم من وجود إسمين اثنين يعملان جنبا الى جنب وهما محمد بن مسعود وبوكر الحنّاشي بما يعنيه ذلك من تداخل في الادوار ولخبطة في البرمجة والاعداد. العمل البدني بات يتطلّب مراجعة وأصبح يمثّل أولويّة أملاها التراجع المذهل في التعاطي مع مساحات اللّعب إذا ما رام البنزرتي أن يكون جاهزا على أحسن ما يرام لقادم الاستحقاقات والمواجهات بمنطق التقسيم الجديد للبطولة. في انتظار القادم وإن اختلفت التعاليق في صفوف الاحبّاء بين مرحّب بالنتيجة بالنّظر لقيمتها المعنويّة التي من شأنها إعادة الفريق الى سالف عهده وسكّته، وبين متحسّر على التفريط في نقاط اللّقاء مذكّرا بنسخة البنزرتي التي لم تعد ترضى بغير الانتصارات لغة وتخاطبا، فإن ما وجب الاتّفاق عليه أنّ العمل لا يزال في بدايته وأنّ الكرة الآن في أقدام إدارة بن غربيّة بعد نجاح الاطار الفنّي في كسب معركة ترميم المعنويّات واستعادة الحضور الذهني لاغلب عناصر الكتيبة البنزرتيّة. هيئة بن غربيّة أصبحت مطالبة أكثر من ذي قبل بالوقوف على أخطائها الماضية وتجنّب التصريحات المجانيّة والظهور في المنابر التلفزيّة بعقليّة «صيد بوقلادة» فلا شيء يوحي بذلك في الاصل حتّى يأتي التأكيد على مستوى قادم الانتدابات لتعزيز الرصيد البشري خصوصا على مستوى الخطّ الامامي، ناهيك وأن عبد الملك زياية لن يستطيع بمفرده تأمين الهجوم والتسجيل وسرقة النقاط بلغة الكرة وهو الذي لم يرتق مردوده الى المستوى المطمئن، فالحاجة أصبحت ملحّة للبحث عن هدّاف يبقي على آمال الأحبّاء في المراهنة على الالقاب والابتعاد عن منطق تصفية الحسابات ونهج التعتيم كما هو الحال في التعاطي مع ملفّ كريم بن عمر الذي بات تواجده بالمجموعة أكثر من ضروري لتأمين الحصانة الدّفاعيّة.