مع الشروق : فصل آخر من الحصار الأخلاقي    كأس إفريقيا للأمم – المغرب 2025: المنتخب الإيفواري يفوز على نظيره الموزمبيقي بهدف دون رد    "طوفان الأقصى" يفجر أزمة جديدة في إسرائيل    الغاء كافة الرحلات المبرمجة لبقية اليوم بين صفاقس وقرقنة..    نجاح عمليات الأولى من نوعها في تونس لجراحة الكُلى والبروستاتا بالروبوت    وزارة الداخلية تطلق خدمة جديدة لاستخراج بطاقة التعريف عن بعد لفائدة تلاميذ السنة الثالثة ثانوي    الليلة: الحرارة تترواح بين 4 و12 درجة    الإطاحة بشبكة لترويج الأقراص المخدّرة في القصرين..#خبر_عاجل    مناظرة 2019: الستاغ تنشر نتائج أولية وتدعو دفعة جديدة لتكوين الملفات    كأس افريقيا للأمم 2025 : المنتخب الجزائري يفوز على نظيره السوداني    أستاذ قانون: العاملون في القطاع الخاصّ يمكن لهم التسجيل في منصّة انتداب من طالت بطالتهم    هيئة السلامة الصحية تحجز حوالي 21 طنا من المواد غير الآمنة وتغلق 8 محلات خلال حملات بمناسبة رأس السنة الميلادية    بابا نويل يشدّ في'' المهاجرين غير الشرعيين'' في أمريكا: شنوا الحكاية ؟    تمديد أجل تقديم وثائق جراية الأيتام المسندة للبنت العزباء فاقدة المورد    تونس 2026: خطوات عملية لتعزيز السيادة الطاقية مع الحفاظ على الأمان الاجتماعي    الديوانة تكشف عن حصيلة المحجوز من المخدرات خلال شهري نوفمبر وديسمبر    توننداكس ينهي معاملات الإربعاء على منحى سلبي    القصور: انطلاق المهرجان الجهوي للحكواتي في دورته الثانية    في الدورة الأولى لأيام قرقنة للصناعات التقليدية : الجزيرة تستحضر البحر وتحول الحرف الأصيلة إلى مشاريع تنموية    الرابطة الأولى: علاء الدين بوشاعة رئيسا جديدا للمستقبل الرياضي بقابس    الديوان الوطني للأسرة يجهّز ثلاث مصحات متنقّلة بهذه المناطق    زلزال بقوة 1ر6 درجات يضرب هذه المنطقة..#خبر_عاجل    عاجل: شوف شنيا قال عصام الشوالي على الماتش الجاي لتونس    عاجل: بعد فوز البارح تونس تصعد مركزين في تصنيف فيفا    تزامنا مع العطلة المدرسية: سلسلة من الفعاليات الثقافية والعروض المسرحية بعدد من القاعات    عدّيت ''كوموند'' و وصلتك فيها غشّة؟: البائع ينجّم يوصل للسجن    عاجل/ بعد وصول سلالة جديدة من "القريب" إلى تونس: خبير فيروسات يحذر التونسيين وينبه..    قائمة سوداء لأدوية "خطيرة" تثير القلق..ما القصة..؟!    حليب تونس يرجع: ألبان سيدي بوعلي تعود للنشاط قريبًا!    هام/ المركز الفني للبطاطا و القنارية ينتدب..    عاجل: هذا موعد الليالي البيض في تونس...كل الي يلزمك تعرفه    ندوة علمية بعنوان "التغيرات المناخية وتأثيرها على الغطاء النباتي والحيواني" يوم 27 ديسمبر الجاري على هامش المهرجان الدولي للصحراء    رد بالك: حيلة جديدة تسرّق واتساب متاعك بلا ما تحسّ!    عركة كبيرة بين فريال يوسف و نادية الجندي ...شنوا الحكاية ؟    قابس: أيام قرطاج السينمائية في الجهات ايام 25 و26 و27 ديسمبر الجاري بدارالثقافة غنوش    درجة الحرارة تهبط...والجسم ينهار: كيفاش تُسعف شخص في الشتاء    هذا هو أحسن وقت للفطور لخفض الكوليسترول    تونس: حين تحدّد الدولة سعر زيت الزيتون وتضحّي بالفلاحين    بول بوت: أوغندا افتقدت الروح القتالية أمام تونس في كأس إفريقيا    عاجل: تغييرات مرورية على الطريق الجهوية 22 في اتجاه المروج والحمامات..التفاصيل    صفاقس: تركيز محطة لشحن السيارات الكهربائية بالمعهد العالي للتصرف الصناعي    عاجل: اصابة هذا اللّاعب من المنتخب    اتصالات تونس تطلق حملتها المؤسسية الوطنية تحت عنوان توانسة في الدم    راس السنة : جورج وسوف بش يكون موجود في هذه السهرية    مع بداية العام الجديد.. 6عادات يومية بسيطة تجعلك أكثر نجاحا    وزارة التجهيز تنفي خبر انهيار ''قنطرة'' في لاكانيا    عاجل/ قضية وفاة الجيلاني الدبوسي: تطورات جديدة..    البرلمان الجزائري يصوّت على قانون يجرّم الاستعمار الفرنسي    تونسكوب تطلق نشيدها الرسمي: حين تتحوّل الرؤية الإعلامية إلى أغنية بصوت الذكاء الاصطناعي    عاجل/ العثور على الصندوق الأسود للطائرة اللّيبيّة المنكوبة..    كأس الأمم الإفريقية المغرب 2025: برنامج مباريات اليوم والقنوات الناقلة..#خبر_عاجل    اتحاد المعارضة النقابية: استقالة الطبوبي ليست نهائية ولم تكن مفاجئة    عبد الستار بن موسى: المنتخب الوطني قادر على التطور.. والمجبري كان رجل مباراة اليوم    دعاء السنة الجديدة لنفسي...أفضل دعاء لاستقبال العام الجديد    الطقس اليوم شتوي مع أمطار غزيرة بهذه المناطق..#خبر_عاجل    مع الشروق : تونس والجزائر، تاريخ يسمو على الفتن    في رجب: أفضل الأدعية اليومية لي لازم تقراها    برّ الوالدين ..طريق إلى الجنة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«عبد الوهاب الهاني» (رئيس «حزب المجد») ل«التونسية»:البعض في «الترويكا» يسيّر الدولة بعقلية «تنظيم سرّي»
نشر في التونسية يوم 18 - 11 - 2012


هناك مخطط مدروس لبث الفتنة
للثورة الحق في محاسبة جماعية لمنظومة الفساد والاستبداد بعيدا عن التشفي
هل كان مطلوبا منا استجداء «الترويكا» لتتبع قضية اغتيال «أبو جهاد»؟
بعض الأحزاب توظف أموالا طائلة لحملات التشويه والتشهير
هو وجه حقوقي بارز، ظهر على الساحة السياسية إثر رجوعه من المهجر (فرنسا) بعد الثورة تحت لواء «حزب المجد». وفي ظل تسارع نسق الأحداث في بلادنا وتنوع المشهد السياسي وتنامي الحراك الحزبي، لا يتوانى عن الإصداع بمواقفه في مختلف المناسبات وآخرها موقفه من الاعتراف الإسرائيلي بقتل القيادي الفلسطيني «أبو جهاد» والذي كان مدعاة للتحرك وفتح ملف القضية، «التونسية» التقت عبد الوهاب الهاني وسألته عن مساعيه لإرجاع حق تونس على خلفية الاعتداء على سيادة البلاد باغتيال «أبو جهاد» في أفريل 1988 وعن رده على اتهام بعض الأطراف له باستغلال القضية للترويج لحزبه وعما يقوله عن التردد في تعيين كمال الجندوبي رئيسا لهيئة الانتخابات وعن موقفه إزاء التعيينات الديبلوماسية الأخيرة.. فكان الحوار التالي:
في البداية هل تحدثنا عن جديد «حزب المجد»؟
- على المستوى السياسي نحن بصدد استكمال اللمسات الأخيرة للتقارب مع عديد الأحزاب والقوى الوسطية والديمقراطية لتحقيق الأمل التونسي في حزب وسطي ديمقراطي يدافع عن هويتنا العربية الإسلامية المنفتحة ويدعو إلى الوفاق والوئام المدني من أجل مناعة الوطن وعزة المواطن ومجد تونس.
وستكون باكورة هذا التقارب مع احتفالات الذكرى الثانية لاندلاع شرارة الثورة للإعلان عن اندماج مجموعة من القوى السياسية صلب «حزب المجد»، هذا بالإضافة إلى حرصنا شبه اليومي على المساهمة في بناء جبهة سياسية انتخابية أوسع استعدادا للاستحقاق الانتخابي القادم.
وهذه الديناميكية السياسية حتمت علينا مراجعة بنائنا التنظيمي لإعادة الهيكلة والاستفادة من كل الطاقات الجديدة. أما على المستوى السياسي العام فنواصل دورنا في مراقبة آداء الحكومة، وفي تقديم المقترحات والحلول الكفيلة برفع حالة الاحتقان السياسي والاجتماعي والاستجابة لانتظارات شعبنا في الديمقراطية والتنمية والكرامة.
بماذا تصفون المشهد السياسي وكيف تقيّمونه؟
- المشهد السياسي لا يزال يتميز بحالة احتقان شديد واستقطاب ثنائي ثم ثلاثي أدت إلى توتير الأجواء السياسية وتعطيل مسار الحوار الوطني، وفي هذا الإطار فقد فشلت «الترويكا» الحاكمة في إدارة الحوار الوطني والانفتاح على القوى السياسية والفاعلين الاجتماعيين، فلم توفق الحكومة في تفعيل الحوار الذي أكدت عليه في برنامجها المقدم أمام المجلس التأسيسي. كما فشل رئيس الجمهورية في الاستماع للجميع واحتضان الحوار الوطني ولم يبادر رئيس المجلس الوطني التأسيسي بجمع الشركاء في الوطن بل وصل الأمر بحزبين من «الترويكا» (حركة النهضة والمؤتمر من أجل الجمهورية)، إلى مقاطعة الحوار الوطني الذي دعا له واحتضنه الاتحاد العام التونسي للشغل، وفي المقابل حولت «الترويكا» دعوات الحوار الوطني إلى توافق داخلي في داخلها لرأب صدعها وهو ما لا يرقى إلى مستوى التوافق الوطني الواسع الذي يدعو له الجميع والكفيل بتأمين ما تبقى من المرحلة الانتقالية.
أما من جهة المعارضة فإن بعض القوى اختارت أسلوب المزايدة والمطالب التعجيزية وغير المسؤولة خاصة عبر تلويح البعض بانتهاء الشرعية الانتخابية يوم 23 أكتوبر الفارط وهو ما أدى إلى انقسام كبير داخل الرأي العام وإلى توتير للمناخ السياسي والاجتماعي وهو الوضع الذي لم تستفد منه إلا القوى المعادية للثورة والجهات التي قامت ضدها الثورة.
وفي هذا الإطار كان موقفنا في «حزب المجد» دعوة الجميع للتهدئة وللتوافق ولإعلاء مصلحة الوطن، حيث تقدمنا يوم 6 سبتمبر المنقضي بمبادرة 18 أكتوبر للوفاق الوطني والوئام المدني والقائمة أساسا على ضرورة دعم وتثبيت الشرعية الانتخابية القائمة بشرعية توافقية تحافظ على الوحدة الوطنية وتؤمن الانتقال الديمقراطي. واقترحنا ضرورة التوافق على خارطة طريق للمرحلة الانتقالية في ما يتعلق بالدستور والاجراءات الانتخابية بالإضافة إلى مسار وآليات العدالة الانتقالية ثم تقييم أداء وسياسة الحكومة وإدخال تحوير وزاري وأخيرا محاربة العنف وخاصة العنف السياسي والعقائدي، وهي القضايا التي لا تزال مطروحة اليوم.. حادثة السفارة الأمريكية، بينت ضرورة التوافق الوطني على محاصرة ظواهر العنف خطابا وممارسة..
ماذا تقولون عن التعيينات الديبلوماسية الأخيرة؟
- لا تزال «الترويكا» تمارس أسلوب التعيينات الحزبية في أهم مفاصل الدولة. فبعد التعيينات الفاشلة في سلك الولاة واصلت «الترويكا» انتهاج نفس الأسلوب على المستوى الديبلوماسي من خلال تعيين سفير (التكتل) لا ينتمي إلى السلك الديبلوماسي بفرنسا التي تعتبر أهم شريك سياسي واقتصادي وتعيين قنصل عام (النهضة) بباريس بموجب المحاصصة الحزبية ودون أية كفاءة ديبلوماسية أو قنصلية تذكر ودون حتى التحري في جنسية المعني بالأمر الفرنسية ولا حتى الانتباه إلى صراع المصالح التجارية والتي بالإمكان أن تتسبب في تضارب المصالح.
فكأن الدولة أصبحت كعكة أو «خبزة» أو غنيمة يتقاسمها الموالون لأحزاب «الترويكا» بقطع النظر عن كفاءاتهم وبقطع النظر عن ولاءاتهم للوطن.
والجدير بالذكر أن دورنا كحزب غير مشارك في الحكم هو التنبيه إلى الانزلاقات والمخاطر حتى لا نسقط في تأجيج الأوضاع وانفلاتها بفعل قلة خبرة وكفاءة المسؤولين كما حصل في زغوان وسيدي بوزيد وقابس أين اضطرت الحكومة إلى إعفاء الولاة الفاشلين وتعويضهم بآخرين ينتمون إلى سلك الإدارة ويتمتعون بالخبرة اللازمة، فلو استمعت الحكومة إلى صوت العقل لكان بالإمكان تفادي مآسي التعيينات الحزبية.
أين وصلت مساعيكم في قضية «أبو جهاد»؟
- لا نزال نطالب الحكومة بالدعوة لاجتماع طارئ لمجلس الأمن لبحث موضوع الاعترافات الإسرائيلية الأخيرة باغتيال الزعيم الشهيد أبو جهاد في أفريل 1988 في بلادنا، لأن الحكومة هي وحدها القادرة على مخاطبة أمين عام الأمم المتحدة في هذا الصدد بصفتها تمثل الدولة التونسية صاحبة العضوية التامة في المنظمة.
ما قمنا به مؤخرا من مساع تتمثل في إنجاز دراسة قانونية حول سبل تفعيل القرار 611/1988 وتحسيس الرأي العام الوطني والدولي والشروع في حشد الدعم الدولي لهذه القضية عبر صداقاتنا وعلاقاتنا الديبلوماسية والحقوقية، علما أننا بصدد التشاور مع جميع الأحزاب الوطنية وخاصة المؤمنة منها بعدالة القضية الفلسطينية.. وبدأنا مساعي الاتصال بالرئاسات الثلاث وبوزارة الخارجية لحثهم جميعا على الإسراع باتخاذ الإجراءات الديبلوماسية اللازمة. كما قمنا بالاتصال بالشيخ رائد صلاح الزعيم الفلسطيني (في الأراضي المحتلة سنة 1948) وبعديد المنظمات الحقوقية الفلسطينية التي لديها خبرات كبيرة في مجال رصد وتوثيق الانتهاكات الإسرائيلية، كما تعاونا مع الشبكة الدولية للحقوق والتنمية وهي منظمة غير حكومية عالمية من أجل حشد الدعم الحقوقي وسنكون حاضرين في مؤتمر الخرطوم أيام 18 و19 من الشهر الجاري للتباحث مع الشخصيات العربية والإسلامية والإفريقية الرسمية منها والشعبية في سبل حشد الدعم الدولي للقضية. حيث ثبت الآن اعتراف نائب قائد الوحدة الخاصة بهيئة الأركان العامة لجيش الاحتلال في تخطيط وتنفيذ اغتيال أبو جهاد وهو ما سمحت بنشره الرقابة العسكرية للكيان الصهيوني. وبهذه الطريقة يمكن اعتماد هذه الاعترافات كعنصر جديد يحتم إحالة الملف على مجلس الأمن بموجب الفقرة الرابعة من القرار 611 «التي تطلب من الأمين العام للأمم المتحدة أن يقدم تقريرا على وجه السرعة إلى مجلس الأمن عن أية عناصر جديدة تتاح له وتتعلق بهذا العدوان».
علما أن دولة الهند الصديقة تترأس مجلس الأمن لشهر نوفمبر والمطلوب من السيد رفيق عبد السلام مراسلة الأمين العام بهذا الاتجاه خاصة أن الديبلوماسية الهندية تساند القضية الفلسطينية وتصطف منذ زمن بعيد إلى جانب القضايا العادلة في العالم. وقد علمنا بوسائلنا الخاصة أن السفير المندوب الدائم لبلادنا لدى الأمم المتحدة بنيويورك اقترح مراسلة الأمين العام في الغرض.. مما يؤكد تبني موظفي السلك الديبلوماسي لتوجهنا واستعدادهم لخوض المعركة الديبلوماسية لاسترداد حق تونس وإدانة الكيان المعتدي، علما أن رئيس الجمهورية المؤقت قدم أوراق اعتماد سفير بلادنا الجديد بنيويورك السيد خالد الخياري وهو من أبناء السلك الديبلوماسي الذين حازوا على خبرة دولية كبيرة، وهو عنصر إيجابي في الملف فالمطلوب الآن هو توفر الإرادة السياسية لدى «الترويكا» وتنقل وزير الخارجية أو خليفته (إذا صحت توقعات التحوير الوزاري) إلى نيويورك للإشراف على الملف على عين المكان.
كما تمكنا من استخراج كل مداولات مجلس الأمن المتعلقة بالقرار 611 وتبويب مداخلات الدول الصديقة والشقيقة لتسهيل مهمة الوفد التونسي. ونقترح على هذا الصعيد تكوين خلية أزمة عليا على مستوى وزارة الخارجية بالتنسيق مع رئاسة الجمهورية لتجميع المعطيات وتوحيد الجهود ونقترح أن يضم الوفد المفاوض بالإضافة إلى الخبرات الديبلوماسية مجموعة من النشطاء الحقوقيين والسياسيين المتمكنين من الملف.
هناك من اعتبر إثارة قضية «أبو جهاد» في الوقت الحالي «بروباغندا» (دعاية سياسية) بماذا تردّون؟
- مباشرة بعد الاعترافات الإسرائيلية كان من المفروض على سلطة «الترويكا» تفعيل القرار 611 ولكن قلة التجربة وانعدام الخبرة الديبلوماسية لدى «الترويكا» أديا إلى نسيان حق تونس وحق فلسطين، وكان من واجبنا كحزب سياسي الانتباه والتحلي بالفطنة والتقدم باقتراح واضح للحكومة وللرأي العام بتفعيل القرار وخوض المعركة الديبلوماسية اللازمة. فلا تحركنا الرغبة في الدعاية السياسية بل الواجب الوطني في الدفاع عن حقوقنا..
فهل كان مطلوبا منا الصمت كما يريد البعض؟ وهل كان من المطلوب انتظار عودة الوزير من جولاته المكوكية حتى نستأذنه في مخاطبة الرأي العام؟ وهل كان مطلوب منا التسول أمام عتبة «الترويكا» واستجداء مقابلة لتقديم اقتراح بهذه الأهمية الوطنية والقومية، علما أنني حقوقي قبل كل شيء ولا أنتظر إملاءات من أحد لأصدع بالحق ولأقدم الحلول والمقترحات التي أراها ويراها «حزب المجد» ضرورية لخدمة بلادنا.
ماذا تقولون عن التردد حول تعيين كمال الجندوبي رئيسا لهيئة الانتخابات؟
- للأسف الشديد لا يزال البعض داخل «الترويكا» يفكرون بطريقة حزبية ضيقة والبعض يسير الدولة بعقلية تسيير تنظيم سري.. ونحن نعتقد في «حزب المجد» أن المطلوب من المجلس الوطني التأسيسي والحكومة التأسيس للديمقراطية الدائمة وللمؤسسات الدائمة وليس لتأبيد التركيبة الحالية للمشهد السياسي، وهو ما يتطلب التجرد من المصالح الآنية والحزبية واختيار المسؤولين وخاصة على رأس الهيئات الدستورية على قاعدة الكفاءة والنزاهة والاستقلالية والحياد. وفي هذا الإطار فإنني أعتقد أن السيد كمال الجندوبي قام بعمل جبار على رأس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات وراكم مع فريقه تجربة ثمينة ينبغي الاستفادة منها وعدم إهدارها. ونأمل أن يأخذ المجلس الوطني التأسيسي ذلك بعين الاعتبار وأن يجدد الثقة في الفريق السابق مع إجراء التعديلات اللازمة على القانون المنظم للهيئة وخاصة على مستوى التشديد في شروط الاستقلالية لرؤساء مكاتب الاقتراع وأعضاء الهيئات الجهوية بتفادي الاندساسات الحزبية التي لاحظناها في انتخابات 23 أكتوبر وكذلك إضفاء صبغة الإلزامية على القرارات الترتيبية للهيئة (منع الإشهار السياسي) حتى تتمكن من فرض احترام القانون الانتخابي على الجميع وضمان شفافية ونزاهة الانتخابات.
بماذا تعلقون عن انتشار السلفية الجهادية؟
- ظاهرة السلفية الجهادية موجودة في تونس منذ أكثر من عقد من الزمن أي قبل الثورة ولكن للأسف الشديد يحصل الخلط بين كل أدعياء ومنتسبي «السلفية»، وللأسف الشديد لم تتصرف الحكومة بالحزم اللازم مع الأعمال العنيفة لبعض المنتسبين للتيار السلفي الجهادي الذين أحسوا بالحصانة وبالإفلات من العقاب، حتى تطور الأمر إلى الاعتداء على السفارة الأمريكية ثم على أعوان الأمن ثم دعوة البعض للجهاد في أرض الإسلام أي التحريض على الإرهاب ضد المواطنين وضد المنشآت العامة والخاصة وهو أمر لا يمكن السكوت عنه ويجب إدانته إدانة مطلقة، وللأسف تعامل بعض الإخوان في حركة «النهضة» بمنطق المغازلة الانتخابية وهو الأمر الذي جربه البعض في الجزائر وأدى إلى نتائج وخيمة كانت حصيلتها أكثر من مائتي ألف قتيل ولا نريد لبلادنا أن تعيش نفس الكابوس الذي عاشته الجزائر.
من ناحية أخرى، يوجد مخطط مدروس لبث الفتنة عبر التعدي على مقامات وزوايا أولياء الله الصالحين وصل حد التخريب والحرق والهدم لأكثر من عشرين معلما دينيا بحجة مقاومة البدع والعودة إلى منهج السلف في حين أن الإسلام والسلف الصالح براء من هذه الأعمال التخريبية.. وهذا المخطط لا يتوقف عند حدود تونس بل هو مخطط إقليمي أدى إلى تدمير مساجد تاريخية عريقة في ليبيا ومالي تمثل جزءا من تاريخ الإنسانية.
كما تواتر الهجوم على أيمة المساجد وتغييرهم بالقوة والتهديد بالقتل لقرابة مائتي إمام جمعة في ظل صمت مطبق من طرف وزارة الشؤون الدينية المعنية برعاية بيوت الله والقائمين عليها، وهنا تكمن خطورة جماعات السلفية العنيفة التي تمثل تهديدا «للعقيدة» حيث أننا في تونس مسلمون على مذهب الإمام مالك وعقيدة الأشعري أي أننا ننزه الذات الإلهية في حين أن السلفيين يجسمونها. كما أننا نعتقد أن العبادات من شروط اكتمال الإيمان ولذلك لا نكفر من نطق بالشهادتين في حين أن فكرهم الوهابي يعتبر أن العبادات من شروط تحقق الإيمان لذلك نراهم يكفّرون كل من تخلف عن فريضة من الفرائض ويستبيحون دماء المسلمين وأعراضهم، هذا بالإضافة إلى فتاويهم الغريبة عن روح الإسلام وعن فقه الإسلام، كما دافع عنه وطوره السادة المالكية في هذه الديار حيث قدمت المدرسة التونسية للفقة المالكي إضافات فقهية لكل المسلمين يهتدي بهديها اليوم إخواننا في كافة أصقاع العالم الإسلامي وفي المدينة المنورة.
لذلك فإن مقاومة انحرافات الفكر الوهابي لا تقتصر على الجانب الأمني في ردع العنف بل تتجاوزه إلى الجانب الفكري والفقهي لتحصين عقيدتنا ومذهبنا نم الإنحرافات. وقد عبرنا مؤخرا عن استيائنا من سيطرة الكتاب الوهابي على الدورة 20 لمعرض الكتاب وطالبنا وزارة الثقافة والمجتمع المدني بالحرص على جودة المشاركات في المعرض والحرص على جودة المهرجانات وطالبنا بحماية سيادتنا الثقافية عبر آليات توعوية وتعديلية لدعم التوازن ودعم حضور الكتاب الديني المستنير والحد من مخاطر نشر مذاهب لا تتماشى مع خصوصياتنا الثقافية، ليس بمعنى رفض الآخر وإنما بمعنى الدفاع عن الذات.
هل تؤيدون من يقول إن حزب «نداء تونس» إعادة إنتاج للتجمعيين؟
- نحن مع حرية التنظم للجميع ولكننا أيضا مع ضرورة الاحتياط من عدم تسلل رموز وقيادات العهد المخلوع ومنظومة الاستبداد والفساد عبر تنظيمات حزبية أو جمعياتية. لذلك نطالب بالإسراع بمسار العدالة الانتقالية لمحاسبة كل من أجرم في حق تونس عبر الاستبداد والقمع والتعذيب ونهب المال العام والتمتع بامتيازات عن غير وجه حق، وكل هذا يدخل في باب المسؤولية الفردية للأشخاص، فعلى العدالة أن تقول كلمتها، لكن للثورة الحق في محاسبة جماعية للمنظومة السابقة بمعنى تحميل المسؤولية الجماعية لقيادة الحزب الحاكم سابقا ولمهندسي دولة الفساد والاستبداد. والمطلوب أن تتم هذه العملية في إطار قانوني بعيدا عن روح التشفي ومع الحرص على تقليص مدة المنع من الحقوق السياسية وعدد الممنوعين والحرص أخيرا على المصالحة الوطنية وطي صفحة الماضي في أقرب وقت. فنحن لسنا مع إقصاء كل من انتمى إلى «التجمع» المحل أو كل من تحمل مسؤولية فيه، بل نحن مع تقنين المسؤوليات والأشخاص الذين مارسوا الاستبداد والفساد.
نلاحظ على شبكات التواصل الاجتماعي تواتر حملات التشويه الحزبية، ماذا تقولون؟
- حملات التشويه الحزبية هي دليل على فشل النخبة السياسية في إدارة الحوار وعلى فشل الإعلام في الإرتقاء بأخلاقيات السجال السياسي وفشل الدولة في حماية المواطنين من حملات التشهير والتخوين وهتك الأعراض التي يعاقب عليها القانون في الأصل ويشجبها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (المادة 125) بحث جميع الدول على حماية مواطنيها من حملات التشويه والتشهير والاعتداء على أعراضهم. وأخص بالذكر حملات التشويه والتسريبات الكيدية لتصريحات مفتعلة أو مقتطعة من سياقها بهدف تشويه الخصوم السياسيين، حتى أصبحت وسيلة التخاطب الرئيسية على الشبكة الاجتماعية هي التنابز والتشكيك والتخوين المتبادل بين الفاعلين السياسيين وأنصارهم حيث وظفت بعض الأحزاب أموالا طائلة وانتدبت مئات من المتطوعين والموظفين للقيام بهذه الحملات المغرضة وهو ما يُعد انتهاكا لأخلاقيات العمل السياسي والإعلامي ويمثل فشلا ذريعا في تأطير المناضلين والأنصار. فدور الحزب السياسي هو تأطير المواطنين والإرتقاء بوعيهم وليس تأجيج غرائزهم العدوانية وأول خاسر في هذا التوجه هو من يقوم بهذا التوظيف الدنيء حيث أن السحر لابد أن ينقلب على الساحر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.