تواصلت، أمس، حالة الاحتقان والتوترّ التي تعيشها ولاية سليانة منذ أيام جرّاء المواجهات العنيفة والإصطدامات بين الأهالي وأعوان الأمن. ورغم حالة الهدوء النسبي التي سجّلتها الجهة صباح أمس بسبب انسحاب الأمنيين في ساعة متاخّرة من مساء أمس الأول وتمركز الجيش في المنطقة فإنها عرفت بعض المناوشات والمسيرات الحاشدة التي تعبّر عن غضب الأهالي وتمسّكهم بمطالبهم ممّا أسفر عن مواجهات جديدة مع أعوان الأمن. وأكد مراسلنا بالجهة أن عددا من المتظاهرين حاولوا أمس اقتحام مقرّ منطقة الأمن على خلفيّة خبر تسرّب إليهم مفاده أنّ الوالي موجود داخل المقر ممّا استوجب صدّهم بالغاز المسيل للدموع مضيفا أن صراعات جدّت بين أهالي منطقة قعفور وعدد من الأمنيين عندما كان هؤلاء في طريق العودة إلى بلدتهم. كما أشار مراسلنا إلى أنّ جميع معتمديات ولاية سليانة واصلت إضرابها العام ممّا جعل المنطقة في شلل تام جرّاء غلق المؤسّسات والمحلات عدا المستشفى الجهوي والصيدليات. اعتداء على أمنيين عاين مراسل «التونسيّة» تعرّض أعوان من الأمن وعددهم ثلاثة إلى اعتداء بالعنف الشديد من قبل متظاهرين وسط مدينة سليانة كما وقع سلبهم قذيفتي قنابل مسيلة للدموع وبندقية لخراطيش الرشّ. لا تراجع عن المطالب وقد تجمّع أمس أمام مقر الإتحاد الجهوي للشغل بسليانة أكثر من 20 ألف مواطن ومواطنة من مختلف الشرائح الاجتماعية من أبناء الجهة معزّزين بجماهير توافدت عليهم من بقية المعتمديات ثمّ توجّهوا نحومقر الولاية مؤطّرين من ممثلي المجتمع المدني مطالبين برحيل الوالي وبتمكين الجهة من نصيبها في التنمية وبإطلاق سراح موقوفي أفريل الماضي وبفتح تحقيق في تجاوزات رجال الأمن. كما رفع المتظاهرون فيها شعارات ندّدت بتصريحات رئيس الحكومة ووزير الداخلية ووالي الجهة بخصوص الأحداث في ولاية سليانة ثمّ عادوا أدراجهم إلى محيط مقر الإتحاد العام الجهوي للشغل لمواصلة احتجاجاتهم مؤكّدا أنّ عددا من الأمنيين حاولوا قطع الطريق أمام متظاهرين قادمين من منطقة قعفور إلا انّهم لم ينجحوا في ذلك ممّا مكّن هؤلاء من اللحاق بالتجمّع المتواجد أمام مقر الإتحاد. غلق مكاتب «النهضة» تمّ غلق بعض مكاتب حركة «النهضة» وإتلاف محتوياتها وإنزال لافتاتها ببعض المعتمديات على غرار بوعرادةوبرقووقعفور والكريب وبورويس ومكثر من قبل بعض المتظاهرين. كما جابت مسيرات حاشدة مختلف شوارع الجهة تنديدا بما تشهده الجهة من أحداث دامية إضافة إلى ذلك تمّ حرق مقر معتمدية الروحية ومركز الشرطة ومركز الحرس الوطني ومقر «النهضة» وإحراق مركز الحرس الوطني بكسرى حسب ما أدلى به مراسل «التونسيّة». إخلاء الولاية وتركها للوالي اتخذ الإتحاد الجهوي للشغل قرارا يقضي بإخلاء الجهة وتركها للوالي ومناصريه وقد لاقت هذه الفكرة تأييد واستحسان المتظاهرين من الأهالي الذين يعتزمون تنظيم مسيرة جماعية على الأقدام في اتجاه العاصمة لتكون في شكل هجرة جماعية إذ لم تلّب مطالبهم التي قامت من أجلها المواجهات. كما عبّر بعض النقابيين عن قرارات أخرى وقع اتخاذها حيث قال محمّد علي الزكراوي رئيس النيابة الخصوصية لبلدية سليانة من أمام مقرّ الإتحاد أنّ يتمّ تعليق نشاط المجلس البلدي إلى حدّ رفع الحصار عن المدينة وإيجاد حلول للتهميش الإقتصادي والإجتماعي وتأمين الخدمات اللازمة وتلبية طلباتهم الإدارية. في حين أعلن ممثّلو النقابتين الأساستين للتعليم الثانوي والإبتدائي المتواجدين بمقر الإتحاد الجهوي على التزامهم بإتمام السنة الدراسية حالما تهدأ الأوضاع. قافلة «الجبهة الشعبية» وصلت، أمس،القافلة التضامنيّة التي أعلن عنها سابقا أعضاء حركة «الجبهة الشعبية» إلى ولاية سليانة وقد شارك وفدها في الوقفة الإحتجاجية التي انتظمت أمام مقر الولاية ثمّ اتّجهوا إلى مقرّ الإتحاد أين انتظم إجتماع عام ألقى فيه الناطق الرسمي باسم الجبهة حمّة الهمامي كلمة عبّر من خلالها عن مساندة الجبهة لنضالات ومطالب أهالي سليانة. وقال الجيلاني الهمّامي الذي كان ضمن الوفد الذي اتجه إلى ولاية سليانة ل»التونسيّة» إنّه عاين إصرارا من المواطنين على ضرورة تنحية الوالي مضيفا أنه لمس حالة من الإحتقان والغليان في صفوف أهالي سليانة جرّاء تصريحات أعضاء الحكومة الأخيرة خاصة منها تعليقات الجبالي القائلة «ماعادش ثمّة ديقاج». وحمّل الهمّامي مسؤولية التصعيد إلى الحكومة متّهما إياها بانعدام المسؤولية وعدم توجّهها إلى معالجة الأوضاع مشيرا إلى انّ أعضاءها «حاولوا خلق أشياء تفقدهم المصداقية معتبرا أنّ خطابهم قديم انتهجه بن علي في السابق» وأن المواجهات الأخيرة أظهرت درجة الشراسة والفضاعة التي يتمتّعون بها في التعامل مع المتظاهرين». كما أكّد الهمامي انّ الحكومة تجاوزت الخطّ الأحمر بحملها سلاحا محرّما دوليا ضدّ المتظاهرين وانّ لا شيء يبرّر لها عمليّة الإضرار بهم ممّا يقتضي إقالة وزير الداخلية ومحاكمته شأنه شأن الوالي مشيرا إلى انّ الوضع في سليانة لن يتغيّر بالخطب الرنانة على حدّ تعبيره بل يستوجب حلولا فعلية خاصّة وانّ الشعب أظهر أنّه لا يستسلم بسهولة. 23 إصابة جديدة من جهة أخرى أكّد محمّد الزايدي مدير المستشفى الجهوي بسليانة في اتصال هاتفي مع «التونسيّة» أنّه وقع عشيّة أمس استقبال 23 مصابا احتفظ منهم بحالتين يعدّان على درجة من الخطورة ليبلغ عدد القابعين بالمستشفى 4 حالات فيما تلقّى بقيّة المصابين الإسعافات اللازمة وعادوا أدراجهم كما أشار الزايدي إلى انّه وقع أوّل أمس توجيه 24 مصابا إلى مستشفيات العاصمة لتلقّي الإسعافات اللازمة نظرا لدرجات الخطورة التي تكتسي إصاباتهم. في السياق نفسه عبّرت مصادر طبية مسؤولة من داخل مستشفيي شارل نيكول والهادي الرايس لأمراض العيون بالعاصمة أنّ الإصابات التي وصلتهم تتفاوت في درجة خطورتها وانّه وقع إسعافها عبر عمليات أوّلية لإيقاف النزيف مؤكّدين أنّه لا يمكن الجزم في تحديد خطورة الإصابات إلا بعد القيام بتشخيص معمّق.