انطلاقا من الدور الاقتصادي والاجتماعي للغابة فقد نشطت هذه الايام في ولاية سليانة الحركة استغلالا للزقوقو من قبل الذين يجنون ثمار شجرة الصنوبر التي تمثل مصدر عيش أساسي لما توفره لهم من امكانيات تشغيلية وما تدره عليهم من مداخيل محترمة بغضّ النظر عن المعاناة والأتعاب الذي يسببه لهم هذا النشاط الموسمي. الغابات في ولاية سليانة تمسح في مجملها 106 آلاف هك منها 60 الف هك من اشجار الصنوبر المنتج للزقوقو وتوفر سنويا موارد الرزق المباشر وغير المباشر لآلاف العائلات التي يعكف بعضها على قضاء فترة الشتاء في مناطق الاستغلال والانتاج. وتنتج غابات الصنوبر المنتشرة اساسا بمعتمديات برقو وكسرى ومكثروسليانة الجنوبية وبوعرادة وقعفور حوالي 60 طنا من حبوب الزقوقو كمعدل سنوي وهي كمية يتم ترويجها في كامل البلاد بمناسبة المولد النبوي الشريف ويساهم ترويجها في تنشيط الحياة التجارية. ولكن يتكبّد منتجوها مشقة كبرى في جني المخاريط الحاملة للحبوب السوداء وتجميعها واستخراج ثمارها باستعمال افران تقليدية محفورة في الأرض يكون المتعامل معها (النساء عادة) عرضة للمخاطر الصحية بين لفح حرارتها في الداخل وبرودة الطقس في الخارج. وبخصوص المحافظة على هذه الثورة الثمينة، وعلى الرغم من حرص الدائرة الجهوية للغابات على تنظيم سوق «الزقوقو» واخضاعه لكراس شروط وعقود متابعة فنية ضمن موسم محدد يمتد عادة على الفترة المتراوحة بين ديسمبر ومارس من كل عام، فإن غابات الجهة كثيرا ما تتعرض الى الاستغلال العشوائي والمفرط فلا يتوانى المستغلون في بعض المناطق والذين تمثل لهم هذه الحركية نشاطا اصليا في جني المخاريط قبل نموها الكامل ونضجها النهائي في اطار دورة طبيعية تدوم ثلاث سنوات تكون بعدها الثمار قد استكملت مواصفاتها. من جهة اخرى تمثل ولاية سليانة منطقة عبور لأغلب كميات «الزقوقو» المنتجة في الولايات الأخرى وحتى المتأتية احيانا من القطر الجزائري المجاور وتشير المعطيات المتوفرة لدى المصالح الفنية المعنية الى أن جملة الكميات المراقبة والمنقولة عبر الجهة قد تجاوزت في العشرية الماضية عتبة الألف طن. وهذه كمية لا تعكس حقيقة الانتاج الفعلي نظرا لوجود خلل ثابت في دقة مسالك المتابعة والنقل والترويج. وتؤكد بعض المؤشرات أن اسعار بيع الكلغ الواحد من «الزقوقو» عند المنتج قد تراوح خلال النصف الأول من شهر ديسمبر الجاري بين 12 و13 دينارا علما وأن بعض العائلات يمكنها الحصول يوميا على 4 أو 5 كلغ وهو ما يعكس قيمة هذا المنتوج. يذكر أن غابات الصنوبر تقدر مساحتها الجملية في كامل البلاد الونسية بنحو 300 ألف هك اي ما نسبته 36٪ من المساحات الغابية الوطنية. وتحتوي ولايات سليانة والكاف والقصرين وحدها على 240 ألف هك من الاشجار المنتجة ل «الزقوقو» اي 80٪ من مساحات الصنوبر في تونس والتي توجد ايضا بكل من القيروان وزغوان وبن عروس. وتعتبر ولاية سليانة اهم مركز لانتاج وتخزين هذه المادة وترويجها وخصوصا بمنطقة مكثر والتي لسكانها تقاليد عريقة في ذلك.