الساعة تُشير إلى الواحدة من صباح غرّة جانفي 2013... الأجواء في قاعة طينة للمؤتمرات بنزل الزيتونة بلاص بصفاقس هادئة بعد أن كانت صاخبة مع وصلة محمد علي بركات وخاصّة حياة جبنون... العيون كلها تتطلّع إلى باب القاعة، في انتظار اعتلائها الرّكح... وبمجرّد إطلالتها ارتفعت الحناجر وعلت الأصوات وصفّقت الأيادي ترحيبا بمقدمها... إنها المطربة التونسية صوفية صادق التي افتتحت وصلتها ب»وأنا كل مأقول التوبة» للعندليب الأسمر لترحّب مباشرة بعدها بالحضور وبعناصر فرقة سفيان السيالة معبّرة عن فرحتها بوجودها في صفاقس بين جمهور تُبادله الاحترام والتقدير وأبت إلاّ أن تكون معه لأول مرة في سهرة رأس السنة الميلادية. بعد ذلك، كان الجمهور على موعد مع باقة من الأغاني الطربية التي كان أغلبها استجابة لطلباته، فاستمتع بمقاطع من «فات الميعاد» و«ألف ليلة» و«ابعتلي جواب» و«أكذب عليك» و«خليك هنا» وغيرها... وقبل العودة إلى الطرب الأصيل مع مقطع مطول من «الأطلال»، تفاعل الجمهور رقصا وتصفيقا وترديدا مع بعض المقاطع من الأغاني التونسية الخفيفة على غرار «بالله يا حمد يا خوي» و«أليف يا سلطاني» و«واكديلالي» و«ع الجبين عصابة» وطبعا «يهبل»... لن أُضيف جديدا حين أقول أنه من خلال هذه الباقة من الأغاني أثبتت صوفية من جديد أنها من طينة الكبار ويكفي أن أُشير إلى حضورها الركحي الرهيب وتعاملها السلس مع الأغاني وعناصر الفرقة وجمهورها الذي أحرجها أحيانا بصعوده على الركح من أجل الصور التذكارية. ولكن اللحظة الفارقة في الحفل تمثلت في تقدّم أحد المعجبين منها طالبا مقطعا من «يا تونس»... وقد بان جليا ارتباك صوفية رغم استعدادها التام لتلبية طلبه، ولكنها ارتأت أن تُرجئ ذلك إلى نهاية الحفل. وهو ما كان، حيث اختتمت صوفية وصلتها بمقطع من «يا تونس» شاركها في ترديدها كل الحاضرين بدون استثناء مثلما شاركها جمهورها أينما حلّت داخل البلاد وخارجها في ترديدها وترديد غيرها من الأغاني الوطنية التي يزخر بها «ريبارتوارها».