عقدت امس «حركة الشعب» لقاء تشاوريا مع مجموعة من الاحزاب بالمقر المركزي للحركة لمناقشة مبادرتها من اجل «مشروع وطني جامع لتونس الثورة». كما تطرق اللقاء الى بعض المسائل الحساسة المتعلقة بالسياسات الداخلية والخارجية للحكومة الحالية, مع تقديم بعض التصورات والمقترحات التي رأتها الحركة حلولا عاجلة «لإنقاذ البلاد من غول العنف وتعديل الأوتار للخروج من مستنقع الأزمات التي عصفت بها». و اشرف «محمد براهمي» الأمين العام للحركة و«زهير المغزاوي « عضو المكتب السياسي للحركة على اللقاء الذي حضره بعض ممثلي الأحزاب السياسية . و حذر براهمي في كلمته من مخاطر العنف والاحتقان السياسي «الذي سيعيد تونس الى الوراء أي إلى ما قبل حقبة بن علي التي تميزت بالاستبداد» قائلا: «عندها لن نتحدث عن الاستبداد بل عن الفوضى والتدخل الأجنبي في شؤوننا ولا اعتقد أن مناضلا واحدا يرضى هذا», داعيا الى ضرورة الشروع في صياغة مشروع وطني يجنب بلادنا شر الفوضى والعبثية والتصحر السياسي. حكومة الخلافة ودولة الوكالة و نبه براهمي من خطورة الاستقطاب الثنائي الذي تعيش على وقعه تونس قائلا : «هناك استقطاب ثنائي بين دولة الوكالة التي أثبتت فشلها وحكومة الخلافة القادمة الينا ... وبين منوال تنموي فاشل ومنوال حكم لا يختلف عن سابقه». وأشار الامين العام للحركة الى وجود محاولات حثيثة لتقسيم المجتمع التونسي على اساس عقائدي في حين ان القضية الاساسية اكبر بكثير وتمس التنمية والتشغيل وتحقيق اهداف الثورة, مضيفا «هناك محاولة لتقسيم الشعب الى شقين الاول مؤمن والآخر غير مؤمن... خلافنا مع «النهضة» ليس عقائديا وخلافنا مع الاحزاب الاخرى ليس حداثيا , فنحن متجذرون في هويتنا العربية الاسلامية وحداثيون في الآن نفسه». الخوف من «النهضة» و اكد براهمي ان الاستقطاب الثنائي الذي ترزح تحته بلادنا لا يخدم العملية الديمقراطية, مضيفا ان ما يعيشه المشهد السياسي اليوم يعيد الى الاذهان ما شهدته بلادنا من استقطاب ثنائي كانا طرفاه بن علي والحركة الاسلامية «النهضة» في التسعينات , معتبرا ان بعض القوى السياسية التجأت الى ربط علاقات جيدة مع الشق الاول خوفا من حركة «النهضة» انذاك وليس حبّا في النظام النوفمبري. و بيّن براهمي ان حركته تسعى الى توسيع دائرة الحوار مع الاحزاب السياسية التي تشاطرها الرأي في بعض المسائل والقضايا لتجنيب البلاد التصحر السياسي ... دول تُؤوي المجرمين ومن جانبه تحدث «المغزاوي» عن أزمة حقيقية يمرّ بها المسار الوطني , مضيفا ان الحكومة ورئاسة الجمهورية لم تنكرا هذه الازمة والدليل على ذلك ان الاولى اعلنت عن بدء المشاورات لاجراء تحوير وزاري والثانية متمثلة في شخص «المنصف المرزوقي» طالبت بضرورة تشكيل حكومة مصغرة تشرف عليها كفاءات حسب تعبيره. و بيّن المغزاوي ان الشعب يعيش حالة من الترقب والقلق نتيجة عدم الايفاء بالوعود قائلا : «الشعب قلق لانه لم ير مشاريع حقيقية ولا تنمية ولا تشغيل» مضيفا ان الشعب ليس مستعدا للرجوع الى الخلف . كما دعا المغزاوي الى ضرورة الحفاظ على استقلالية القرار الوطني وربط علاقات ودية مع الدول الاجنبية لا تكون قائمة على الاستغلال والتبعية مشيرا الى انه لا يعارض تكوين علاقات مع قطر لكنه يرفض تنصيبها كضمير اعلى على الثورة قائلا : «ثورتنا لم تخرج من عباءة قطر أو تركيا... أنهما تؤويان المجرمين وترفضان تسليمهما... على غرار «السيدة العقربي»». الترحم على النظام السابق و أعرب المغزاوي عن خشيته من حنين الشعب الى النظام السابق بعد أن يكتوي بنار حكومات ما بعد الثورة مشيرا الى ان بلادنا في ازمة حقيقية نتيجة الارتفاع الصاروخي في أسعار المواد الغذائية وافتقار الأسواق الى بعض منها , قائلا: «أخطر شيء ان يترحم الشعب على الزمن الماضي ...». و ابرز عضو المكتب السياسي لحركة «الشعب» ان الحكومة «تنكرت للشعب وهمومه وانكبت على البحث عن مخرج لها من المأزق الذي وقعت فيه مصيفا: «ما يجري اليوم هو البحث عن حل لخروج «النهضة» من ازمتها...» و اعتبر المغزاوي ان «النهضة» قائدة الائتلاف الحاكم تتغول يوما بعد يوم وتسعى الى احكام قبضتها على الدولة من خلال تعيين ابنائها على رأس مناصب سامية في الدولة مضيفا ان الولاة الجدد يمثلون «النهضة» ولا يمثلون الجهات وتساءل :» من اين أتوا بهم؟». الرهائن و ذكر المغزاوي ان «الترويكا» الحاكمة قامت على أساس المحاصصة الحزبية وتعاملت مع البلاد على انها غنيمة , مشيرا الى ان حركة «النهضة» تستخدم سياسة التخويف والترهيب لتركيع القضاء والإعلام... قائلا: «النهضة» تريد ان ترهن الاعلاميين ورجال الاعمال ... ومن دخل بيت ابي سفيان فهو امن « معتبرا ان القضاء افسد مما كان عليه زمن بن علي».