من سنحاسب ؟ من يحاسب وكيف؟ عمّا سنحاسب ؟ متى سنحاسب ؟هي أسئلة من المنتظر أن يجيب عنها المؤتمر الوطني للمحاسبة الذي سينعقد يومي 12 و13 من الشهر الجاري بقصر المؤتمرات بالعاصمة، وفق ما أعلن عنه أمس خلال الندوة الصحفية التي عقدتها حركة وفاء بالتعاون مع عدد من الأحزاب والجمعيات بالعاصمة لإعطاء لمحة عن المؤتمر وعن كيفية اشتغاله وللتعريف بالمشاركين فيه وأهم أهدافه ؟ وطرح المشاركون خلال الندوة عديد التصورات والاقتراحات «لاستئناف مسيرة الثورة وتصحيح المسار الذي انزلقت فيه البلاد اليوم بعد أن طغى الصراع المفتوح من أجل السلطة على المشهد العام بين الائتلاف الحاكم والمعارضة، وذلك بتجميع قوى الثورة من جديد في مهمة وطنية مركزية تحقق أهداف الثورة» حسب تعبيرهم. ومن بين الأحزاب التي التحقت بهذا المؤتمر البالغ عددها 18 حزبا، حركة النهضة والمؤتمر من أجل الجمهورية والتكتل من أجل العمل والحريات وحزب العمال وحزب الأمان وحركة الشعب.. اضافة إلى 40 جمعية ومنظمة. إقصاء «نداء تونس» وفي هذا الإطار أعلن «سليم بوخذير» الناطق الرسمي لحركة «وفاء» أن بعض الأحزاب غير معنية بهذا المؤتمر ولم تتم دعوتها على غرار حركة «نداء تونس»، وأرجع أسباب إقصاء هذا الحزب إلى كونه «متفرعا عن حزب التجمع المحل الذي جثم على صدور التونسيين سنوات» حسب تعبيره، مشيرا إلى أن القطاعات الحساسة للدولة مازالت تزخر برموز الفساد مضيفا أن منظومة الديكتاتورية لم تفكك بعد، كما لم يستبعد وقوع قادة حركة «نداء تونس» تحت طائلة المحاسبة وأن تطالهم يد العدالة. أما عن الاتحاد العام التونسي للشغل الذي غاب عن الندوة، قال بوخذير إنه تمت دعوته لحضور الندوة وفعاليات المؤتمر المرتقب، إلا أن حركة وفاء لم تظفر بإجابة لا بالقبول ولا بالرفض. وبسؤاله عن رابطات حماية الثورة، ابدى بوخذير تمسكه الشديد بها باعتبارها الضمير الاعلى للثورة قائلا: «نحن ننسجم مع الرابطات لانها تعمل في اطار قانوني..». كشف أرشيف العهد السابق ومن جانبه أكد «عبد الرؤوف العيادي» رئيس حركة «وفاء» ان النخبة السياسية بشقيها الحكومي والمعارض منهمكة في خوض المعارك الانتخابية واللهث وراء الكراسي وتناست مسائل وقضايا اعتبرها مهمة على غرار المحاسبة.. و اعتبر العيادي أن مؤتمر المحاسبة يندرج ضمن رؤية سياسية بامتياز وليس منبرا للخطابة وإضاعة الوقت، يراد من خلاله تقديم قوانين وتصورات لتنظيم المحاسبة للخروج من الاستقطاب الذي ميز الساحة السياسية ولتطهير القطاعات الحساسة في الدولة كالقضاء والأمن والإعلام والتربية.. مضيفا أن مؤتمر المحاسبة يهدف إلى كشف أرشيف الدولة في العهد السابق وكشف الحقيقة للشعب التونسي واستعادة العدالة والوطنية الضائعة قائلا: «المؤتمر هو تحطيم لما كان سائدا وبناء على أسس صحيحة..». ومن جهة أخرى أشاد «سامي الطريقي» عضو المكتب السياسي ل«النهضة» بمؤتمر المحاسبة واعتبر أنه مناسبة لمحاسبة من أجرم في حق الشعب التونسي ونافذة لبناء الجمهورية الثانية مضيفا أنه وجب التفريق بين القوى الثورية والقوى المعادية للثورة. وأبدى الطريقي تخوفه مما أسماه «قوى الجذب إلى الوراء» بحكم قدرتها الهائلة على المناورة والنفاذ وسعيها الدائم إلى الالتفاف على أهداف الثورة، كما حث مكونات الحقل السياسي إلى الانخراط في عملية محاسبة الفاسدين وتجاوز التجاذب السياسي، مضيفا أن الحكومة لا تستطيع لوحدها محاربة الفاسدين إلا بتعاون الجميع. السبسي وبن عاشور في قفص الاتهام أما «خالد الكريشي» عن حركة الشعب فقد انتقد بعض القوانين والمراسيم التي كرست سياسة الإفلات من العقاب، واستشهد بشكاية قدمت ضد «الباجي قائد السبسي» وسقطت بحكم تقادم التهمة المنسوبة إليه، مشيرا إلى أن النظام البائد عاد عبر بوابة الأحزاب والمنظمات عن طريق المرسوم 87 و88، داعيا إلى ضرورة تكريس الشرعية الثورية. وفي نفس السياق ادانت جمعية المعطلين عن العمل تواصل سياسة تهميش أصحاب الشهائد العليا في الوقت الذي يتقاضى فيه «فؤاد المبزع» مبلغا قيمته 20 ألف دينار شهريا، كما دعت إلى إنشاء محكمة خاصة بالثورة. ومن جانبها بشرت منظمة حرية وإنصاف إنه وقع اعداد فصول قانونية لمحاسبة كل من تورط في التعذيب مضيفة أن عهد الإفلات من العقاب ولى وانتهى، في إشارة إلى السبسي وقضية تعذيب اليوسفيين. ودعا ممثل رابطة حماية الثورة الأحزاب السياسية إلى مساندة الحكومة في معركتها مع الفاسدين لاحالتهم على أنظار العدالة مضيفا أن الحكومة لا تستطيع أن تتكفل بملف المحاسبة لوحدها لكي لا تتهم بالتشفي والانتقام. واتهم الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والانتقال الديمقراطي بقيادة «عياض بن عاشور» بالالتفاف على الثورة وخيانة أهدافها، وشجبت الرابطة عودة السبسي إلى الحياة السياسية بعد 14 جانفي 2011 واصفا بقوى الردة مشيرا إلى أنه جزء من منظومة الفساد حسب تعبيره. ونادى «عبد الوهاب الهاني» رئيس حزب «المجد» بضرورة النهوض بالاقتصاد الوطني واصلاح الوضع الاجتماعي والانتقال من اقتصاد النهب الذي كرسه العهد السابق إلى خدمته.