اعتصام «الصمود من أجل تفعيل العفو العام التشريعي» هكذا اطلقت مجموعة من المساجين السياسيين ممن تمتعوا بالعفو العام على اعتصامهم الذي يتزامن مع «عيد الميلاد الثاني» للمصادقة على هذا المرسوم الذي صدر في شهر فيفري سنة 2011 إبان الثورة التونسية وأثناء فترة تولي حكومة محمد الغنوشي الأولى تسيير مهام البلاد. «التونسية» حلت ضيفة على هذا الاعتصام ظهر أمس وأنصتت الى مطالب المعتصمين واطلعت على مجموعة من كواليسه الخفية: منذ اربعة ايام وهم هناك رابضون ..معزولون في ركن من أركان ساحة القصبة الكبيرة قرب قصر الحكومة وبجانب مستشفى عزيزة عثمانة... رأيناهم وعلى وجوهم مظاهر الحزن لفقدان اخ عزيز عليهم الذي وافته المنية أول أمس السبت ورغم ذلك تحدث الينا محمد العقربي الناطق الرسمي باسم الاعتصام بالقول: «نريد بهذه الحركة الاحتجاجية تبليغ رسالة الى كل الاطراف من حكومة واحزاب في الحكم والمعارضة وحركات ومنظمات وطنية والى كل من تبنى في يوم من الايام مطلب العفو التشريعي العام.. لقد بقي هذا المرسوم يترنح بين تجاذبات سياسية نحن بمعزل عنها وما نريد الا ان يفعل هذا المرسوم لكي يأخذ كل ذي حق حقه». وبين العقربي ان المجلس الوطني التأسيسي لم يصادق على هذا المرسوم ل«يصبح قانونا إلزاميا يوجب كل الاطراف بالتعويض لنا ليس ماديا فقط بل معنويا فنحن لا نتسول وانما نرغب حقيقة في رد الاعتبار لنا وحفظ كرامتنا التي سلبت منا لأننا احترقنا بلوني الظلم والظلام». وقتاش؟... من جانبه أكد لنا المكلف بالاعلام داخل الاعتصام فتحي الماجري ان اجتماع هؤلاء المساجين السياسين كان بطريقة عفوية وأنه ليس هناك نية للخروج عن كل الوسائل السلمية فنحن «لا نريد الا ان يصبح المرسوم قانونا لأن ذلك يعني بالنسبة الينا ان حقنا مكفول». واكد محمد العقربي ان قانون العدالة الانتقالية في بعده الواسع ومفهومه الشامل قد يأخذ حيزا زمنيا للتحقيق ونحن ممن ظلمنا في الحقبة التسعينية نريد ان يتم التسريع في التعاطي الجدي والمسؤول مع هذا المرسوم مضيفا «ان هناك بوادر ايجابية منها في الارجاع للعمل والانتداب المباشر ولكن لا بد حقيقة من التفعيل الكلي لهذا المرسوم». زيارات... وطوال فترة اعتصامهم زار المعتصمون كل من وزيري العدل نور الدين البحيري والفلاحة محمد بن سالم ومختار اللموشي نائب بالمجلس الوطني التأسيسي واعضاء من مجلس الشورى بحركة «النهضة» نذكر منهم لطفي العمدوني ونور الدين العرباوي عضو المكتب السياسي لحركة «النهضة». نقاس بمعيار الذهب... ولم يُخف المعتصمون غضبهم على سيل الاتهامات التي تكال اليهم بأنهم يلهثون وراء التعويض المالي حيث قال صابر الحمروني وهو منظم الاعتصام: نحن المناضلون نقاس بمعيار الذهب وليس بالكيلو والرطل كما يقولون عنا واسالوا هؤلاء ان يقولوا ما ثمن «التبندير والقفة والصبة لبن علي». وأضاف: «نحن أصحاب مظلمة وقد حرمنا طيلة اكثر من عقدين من الزمن ونرفض ان يتم تصنيفنا في خانات ذوي الحالات النفسية الصعبة». حلات صعبة... و قد لمسنا من بين هؤلاء المناضلين ان هناك من يعاني من أوضاع اجتماعية صعبة رغم ان جميع المعتصمين لم يرغبوا في البوح لنا لكننا استطعنا بأساليبنا الخاصة ان نغوص في طيات هذا الموضوع حيث علمنا ان رفاقهم في النضال منهم من يعاني من الاعصاب على غرار حبيب الفني أصيل منطقة الكبارية الذي قال عنه صديقه منذر السقلي انه مريض وليس له من معين وهو في حاجة الى المساعدة. كما اكدوا لنا أن هناك حاليا من يزور مستشفى الرازي لتلقي العلاج نظرا للحالة النفسية الصعبة التي يعاني منها وهي من مخلفات التعذيب على غرار فيصل المهذبي. أين بقية المساجين؟... عند حديثنا مع المعتصمين لم نلحظ وجود مساجين سياسيين تابعين لاحزاب أخرى وانما فقط مناضلين من حركة «النهضة» وهو ما يفسر بأن جميع من زاروهم كانوا من اتباع حركة «النهضة» رغم إصرار المعتصمين على ان ضيوفهم أتوا بصفتهم الشخصية كمناضلين لا على اعتبار مناصبهم. ويبقى لرئاسة الحكومة ووزارة حقوق الانسان والعدالة الانتقالية تحديد عمر هذا الاعتصام.