هل هناك خلايا إرهابية نائمة... وما خطر تكديس السلاح على المشروع الديمقراطي ان الواقع الذي تعيشه تونس في الظرف الراهن خاصة مع تعاقب حجز كميات من الأسلحة جعل الملاحظين يعتبرون أن ذلك مؤشر خطير عن الانفلات الأمني في البلاد ومن شأنه تهديد الأمن وسلامة المدنيين مع تنامي ظاهرة التطرف. هذا الوضع الخطير يفرض عدة تساؤلات منها: هل تحولت تونس الى خزان بشري للتنظيمات المصنفة في خانة التنظيمات الارهابية خاصة مع تزايد عدد التونسيين في صفوف الحركات الجهادية المنتشرة على امتداد المنطقة العربية حتى أن البعض منهم أصبح يحتل مواقع قيادية بهذه التنظيمات؟ وهل أن سلسلة العمليات الارهابية التي تم الكشف عنها بتونس على غرار عمليات الروحية وبئر علي بن خليفة وجبل بوشبكة دليل على وجود خلايا نائمة خرجت من السريّة الى مرحلة التحرك في تونس لتحويلها الى أرض جهاد ؟ الخلايا النائمة: صحوة البركان؟ مبدئيا لا بد من الاشارة الى أن التقارير الإعلامية والاستخباراتية تفيد أن التواجد التونسي صلب التنظيمات الجهادية يعود الى ثمانينات القرن الماضي عندما انخرط البعض من التونسيين في صفوف تنظيم «القاعدة» الذي كان يحارب المد الشيوعي في افغانستان. وكان لبعض التونسيين الدور الفعال في اطالة الحرب الأهلية في افغانستان حيث تشير التقارير الى أن مقتل القيادي الافغاني شاه مسعود كان على يد تونسيين اثنين وذلك في 9 سبتمبر 2001 وكان تنظيم «القاعدة» قد جندهما لتنفيذ هذه العملية لصالح حركة طالبان. ومنذ ذلك الوقت بدأ تسليط الضوء على التواجد التونسي في صفوف تنظيم «القاعدة» حيث تم اعتقال 12تونسيا في افغانستان وباكستان ونقلهم الى معتقل غوانتانامو فيما برز عدد منهم في القتال في البوسنة أثناء الحرب البلقانية مما يعني أن هذا الخطر كان متواجدا منذ فترة سابقة رغم تعدّد المجهودات لقمعه. لكن هذه التنظيمات كانت تنتظر لحظة الانطلاق ويبدو أنها استفادت من حالة الانفلات الأمني الذي صحب قيام الثورة وقامت بتسريب الأسلحة من ليبيا فضلا عن الأسلحة التي تم الاستيلاء عليها من المقرات الأمنية إبان الثورة. هذا الانتشار الخطير للاسلحة كان وراء تتالي العمليات الارهابية في تونس بداية من أحداث الروحية التي تتمثل وقائعها في الكشف عن ثلاثة ارهابيين مسلحين وما أسفر عنه من تبادل لإطلاق النار بينهم وبين قوات الجيش مما تسبب في وفاة عنصرين من الجيش الوطني وهما المقدم الطاهر العياري والرقيب الأول وليد الحاجي وجرح العريف الصغير المباركي ومقتل سفيان بن عمر وعبد الوهاب بن حميد المنتميين الى المجموعة الارهابية. وقد كشفت التحريات عن تورط العديد من الأطراف في هذه الشبكة الارهابية وهم ليبيان وخمسة أطراف من جنسيات مختلفة من بينهم نبيل السعداوي المتحصّن بالفرار وقد قضي بسجنهم 20 سنة. ثم تلتها أحداث بئر علي بن خليفة بمنطقة صفاقس والتي انطلقت عندما بلغت معلومات الى أعوان الأمن مفادها وجود سيارة مسلحة فتم نصب عديد نقاط التفتيش من اجل إلقاء القبض على أطرافها وفي يوم الواقعة قامت سيارة مؤجرة بمضايقة حافلة في الطريق قريبا من منطقة «طلاب» وتبعا لهذه المضايقة اتصل السائق بالحرس وأعلمهم بالأمر فتم إيقاف هذه السيارة وبتفتيش الصندوق الخلفي عثر أعوان الأمن على سبع قطع سلاح حربي من نوع كلاشينكوف وقرابة 500 رصاصة وقد نجحت المجموعة في الافلات الى غابات الزياتين ومعهم كمية من الأسلحة والذخائر فقامت قوات الحرس بفرض طوق امني على المنطقة التي اختفت بها المجموعة وقد أسفرت هذه العملية عن إصابة خمسة عناصر من قوات الأمن والجيش والحرس الوطني.. نفس الوضعية تكررت في أحداث جبل بوشبكة وصولا الى اكتشاف مخزن أسلحة بمدنين والذي يحتوي على ترسانة من الأسلحة قادرة أن تحول امن وأمان تونس الى مجازر إذ عثر على مائة صاروخ روسي و70 قذيفة و75 لغما ارضيا وكمية هامة من القنابل اليدوية وأسلحة رشاشة وأكثر من 1800طلقة في صناديق وأخرى في مخازن سلاح ومناظير عسكرية وأجهزة اتصال حديثة.... مخزن آخر اكتشف منذ 3 أيام بالمنيهلة يحتوي على كميات هائلة من الأسلحة وقد تم إيقاف شخصين في انتظار إماطة اللثام عن الأطراف الحقيقية التي تتخفى وراء هذا النشاط المشبوه ولو أن المختصين اعتبروا أن هذا الكمّ الهائل من الأسلحة هي بصمة تيارات جهادية في تونس. من يقف وراء صفقات الأسلحة والارهاب ؟ يرى الخبير في الشؤون الأمنية هيكل محفوظ أن اكتشاف كميات هامة مخزنة من السلاح يثير عدة تساؤلات مشروعة هي: من هي الجهات التي تقف وراء انتشار هذه الأسلحة؟ ماهي علاقة الأسلحة المخزنة بفرضية وجود خلايا نائمة لتنظيمات ارهابية؟ ما مدى تأثير تكديس السلاح على الانتقال الديمقراطي وهل يمكن أن تلجأ بعض الجماعات والتنظيمات الى توظيف امتلاكها للسلاح في الصراع السياسي؟ ويرى الخبير محفوظ أن الترجيح الغالب أن السلاح المخزن لفائدة تنظيمات دينية متطرفة واعتبر أن هناك تقارير تناقلتها وكالات أنباء اشارت الى أن متطرّفين دينيين ينتقلون عبر المنطقة الحدودية التي تربط بين كل من تونس والجزائر وليبيا وأنه سبق للرئيس المرزوقي بان اكد أن سقوط نظام القذافي ساهم في انتشار السلاح في المنطقة الحدودية. صيحات فزع أول من تحدث عن معسكرات تدريب قتالية بالجبال وأطلق صيحة فزع استشرفت الخطر الذي يحدّق بتونس اليوم هي النقابات الأمنية وبالتحديد الصحبي الجويني مكلف بالشؤون القانونية بالاتحاد الوطني لقوات الأمن التونسي . وقد تعرض الى مضايقات كبيرة اثر كشفه لهذه الحقيقة المدوية وفندت الوزارة كلامه في بلاغ رسمي واعتبرت أنهم أشخاص يتعاطون الرياضة لكن باتصالنا به أفادنا أن وضع عنق الزجاجة الذي عليه تونس اليوم مردّه عدم التعامل مع الملف الأمني بجدية وطرحه على طاولة النقاش داخل المجلس التأسيسي بين مختلف الكتل النيابية. وأشار محدثنا إلى أن النقابة الأمنية طالبت مرارا بالاهتمام بالأوضاع المهنية لأعوان الأمن سواء المتعلقة بالأمور المعيشية أو بالتجهيزات ملاحظا أنه لو تمّ تحصين عون الحرس الذي توفي في أحداث بوشبكة أنيس الجلاصي بواقي الرصاص لكانت فرضية نجاته واردة نفس الأمر بالنسبة للطفي الزار فالملف الأمني المسكوت عنه وتحسين وضعيته هي السبيل الوحيد لتوفير الأمن للمواطن في هذا الظرف الحساس لخلق ارضية عمل اجتماعية واقتصادية مناسبة، لذلك يقول محدثنا أنه آن الأوان لفتح ملف المؤسسة الأمنية بصفة عاجلة واكيدة والتعامل معه باكثر جدية لأنه لا يمكن أن نقاوم الإرهاب دون أمن. في نفس الاتجاه يعتبر رمزي بالطيبي صحفي بموقع «نواة» أن السعي إلى تدمير الدولة وحالة الانفصام التي تعيشها بسبب تغلغل الأجهزة الموازية وراء الجرائم المنظمة وانتشار الإرهاب ومخازن الأسلحة وقد سبق لموقع «نواة» أن فجّر هذا الموضوع بنشره مقطع فيديو كشف عن وجود اتفاق لجلب أسلحة من منطقة قابس ليتم اثر ذلك توصل أعوان الأمن الى إكتشاف مخزن أسلحة بمدنين ...ومادامت حالة الانفصام التي تعيشها الدولة متواصلة فان خطر الارهابيين متواصل وامن تونس في الميزان ...