يعيش قطاع المقاولات العمومية في تونس أزمة كبرى من الممكن بأن تعصف به وتحيل 520 ألف عامل على البطالة. إذ تعرض هذا القطاع كغيره من القطاعات الحيوية في البلاد إلى أزمة كبرى منذ الثورة حيث عجز السواد الأعظم من المقاولين عن الإيفاء بآجال تسليم المشاريع. وهم اليوم يواجهون شبح دفع ضريبة التأخير الموثقة بعقد الصفقة والبالغة 5 % من القيمة الجملية للصفقة. هذا الأمر أكده عدد من المقاولين الذين اتصلوا بنا بمقر الجريدة علهم يبلغون أصواتهم إلى الجهات المختصة. أزمة اليد العاملة وقد بيّن بعض المقاولين أن أزمتهم تفاقمت بعد الثورة ذلك ان اليد العاملة المختصة وغير المختصة تناقصت حد الندرة حيث أصبحت الحظائر مقفرة إلا من 3 أو 4 عمّال. وأكدوا أن معظم المشتغلين بقطاع البناء يأتون من الأرياف وأنهم بعد الثورة فضلوا الرجوع إلى ديارهم خوفا من الاعتداءات ولحماية أملاكهم وذويهم إضافة إلى أنهم تمكنوا من ضمان عمل في الحظائر بالمعتمديات التي يقطنون بها أو تحصلوا على جرايات من الدولة الأمر الذي جعلهم يستغنون عن العمل في قطاع البناء. ولهذا طالب المقاولون الدولة بتمكينهم من جلب يد عاملة من الخارج وهو طلب رفض على حد قول محدثينا بحجة أن البلاد في حالة سن تشريعات إضافة إلى أنها تشتكي من عبء 800 ألف عاطل عن العمل وأنه من غير المعقول الحديث عن استيراد يد عاملة أجنبية في حين أن أبناء البلد عاطلون.لكن الواقع حسب ما صرح به محدثونا لا يعكس وجود هذا الكم الهائل من العاطلين حيث يعزف الشاب التونسي عن العمل في الحظائر «فالمرمة ولات عيب وغير لائقة بالنسبة للقارين» رغم ان «البناي» يتقاضى 25 دينارا والعامل العادي 13.800 دينار كأجرة يومية. وهم يتمتعون بالتغطية الاجتماعية. ارتفاع جنوني لأسعار مواد البناء ويضيف محدثونا أن أسعار مواد البناء التهبت بعد الثورة حتى وصل ثمن الكيس الواحد من الإسمنت إلى 15 دينارا بعد أن كان لا يتجاوز السبعة دنانير وبات من النادر الحصول على الكمية الكافية للتقدم في الأشغال بالطريقة المرجوة مدة 8 أشهر على التوالي هذا بالإضافة إلى نقص فادح في بقية مواد البناء. كل هذه المعطيات جعلت تسليم المقاولين للمشاريع التي تكفلوا بإنجازها مستحيلا في الآجال المتفق عليها في العقود التي أبرموها مع الوزارات .و وجدوا أنفسهم أمام خطر تطبيق الشرط الجزائي وهو ما من شأنه أن يحيلهم على الإفلاس ويهدد السواد الأعظم منهم بالسجن نظرا للديون المتراكمة التي يواجهها. وبيّن محدثونا أن الإدارات المعنية بالصفقات أدارت لهم ظهرها ولم توافق على مطالبهم بخصوص تمديد فترة أشغال المشاريع رغم ان المراقبين التابعين لهم يعون جيدا حجم المشاكل التي يتخبطون فيها. وأكد المقاولون أن الذين يتقدمون اليوم للصفقات العمومية مضطرون لذلك وأنهم لا يفعلون إلا «تأخير موتهم» على حدّ تعبيرهم. الإدارة متفهمة ولكن... لكن السيد الطيب زكري رئيس الغرفة الوطنية لمقاولي البناء أكد أنه لا يجب تهويل الأمر مشيرا الى أن اجتماعا عقد مؤخرا بالوزارة الأولى لمناقشة مشكل المقاولين القائمين بالصفقات العمومية وأنه لمس تفهما واضحا من المسؤولين سيما المسؤولين عن لجنة الصفقات. وبين أن هناك وعودا من الوزارة الأولى ووزارة التجهيز وبقية المديرين العامين المعنيين بالأمر بتمديد آجال تسليم المشاريع. واستنكر محدثنا طلب المقاولين جلب يد عاملة أجنبية وبين أن عزوف الشباب عن العمل بالحظائر مرده عدم تطبيق شروط الشغل خاصة المتعلق بالجرايات. وطالب محدثنا المقاولين الذين سلط عليهم ظلم أو هم مهددون بعقوبات جراء تأخير تسليم المشاريع في الآجال المتفق عليها بمراسلته في الغرض ووعد بإيجاد حلول لهم. وبين السيد الطيب زكري أن قانونا جديدا خاصا بالصفقات العمومية بصدد الصياغة وسيكتمل في جوان القادم وتشارك في صياغته جميع الأطراف المعنية. الواضح في كل ما تقدم انه لا يوجد تواصل بين الهياكل النقابية لقطاع المقاولات العمومية والمقاولين حيث نفى هؤلاء علمهم بوجود بوادر تسوية في الموضوع وهم يهددون اليوم بالتصعيد لإيصال صوتهم وإيجاد حل يبعدهم عن الخطر من ذلك إرسال ملفاتهم إلى المجلس التأسيسي والقيام بوقفات احتجاجية.