- الولاياتالمتحدةالأمريكية محمد بوغلاّب لم تكن مغادرتنا لجحيم نيويورك سهلة، فقد أطاح صقيعها بزميلنا العراقي حيدر الأسدي ، ومن الغد أصبحت في حالة شديدة السوء، أوجاع في وجهي وصداع رهيب وإحساس بالغثيان، لم أشأ أن أزعج أحدا في «بلاد الناس» بالشكوى ولكن حرصي على إخفاء ألمي فضحته علامات الإعياء الشديد فتطوع بعض الزملاء بإخبار مرافقتنا «الست ماجدة» بضرورة نقلي إلى الطبيب... وهو ما كنت في حاجة إليه دون أن أطلبه خشية التعقيدات وبطء الإجراءات... لا أريد العودة طويلا إلى ما عشته في عيادة الطبيبة في مواجهة سكرتيرة سمراء من الأرجح أنها تكن حقدا دفينا لجنس الذكور، فقد رفضت في البداية الإعتراف بوثيقة التأمين ، وبعد مكالمات طويلة وإنتظار أطول من «الست ماجدة» إقتنعت الشابة السمراء بسلامة الوثيقة وبأن وزارة الخارجية هي التي تتولى رعايتي ضمن وفد كامل، ظننت للحظة أني تجاوزت منطقة الخطر فإذا بصديقتنا السمراء تطلب مني سداد 185 دولارا معلوم عيادة الطبيبة... في تلك اللحظات بعيدا عمّن أحب من الأهل والأصدقاء تذكرت الشاعر المصري أحمد عبد المعطي حجازي في «مدينة بلا قلب» وقلت في نفسي أغلب الظن أنه كان يقصد نيويورك ... من مطار «لاغوارديا» إنطلقت رحلتنا منتصف نهار الثلاثاء الماضي ليكون وصولنا إلى مطار مدينة تامبا في الثالثة ظهرا ... كانت سفرة طويلة ومرهقة بعد إجراءات أمنية بالغة الحساسية والتعقيد . تقع مدينة تامبا الساحلية في ولاية فلوريدا في أقصى الجنوب الشرقي للبلاد، وفيها مدينة سانت أوغسطين التي تعتبر أقدم مستعمرة أوروبية ظلت مسكونة بشكل مستمر في أمريكا. تشتهر بزراعة البرتقال، كما أن فيها مركز كندي الفضائي الذي إستخدمته وكالة ناسا لإطلاق عدد كبير من مركباتها الفضائية. وتعتبر تامبا مثل كل مدن فلوريدا ملاذا مفضلا للمتقاعدين بفضل نظامها الضريبي و مناخها شبه الاستوائي الدافئ بسبب وقوعها بين خليج المكسيك والمحيط الأطلسي، ومع ذلك فإن فلوريدا تعرضت عدّة مرات لأعاصير قوية. و من أشهر مدن الولاية أورلاندو التي تعتبر مدينة الترفيه الأولى في الولاياتالمتحدةالأمريكية، وميامي ذات الطابع الإسباني و ديتونا بيتش التي تعد من أجمل السواحل في العالم، و تالاهاسي و ميلبورن. في معهد «بوينتر» التقينا صبيحة الاربعاء الماضي بالأستاذ «آل تومكينس» بمعهد «بوينتر» ، و«بوينتر» كان صحافيا شهيرا في زمانه يصدر جريدة تحمل اليوم إسم Tampa bay Times وخشي على مصير الصحيفة بعد وفاته فقرر بعث معهد لتدريب الصحافيين يحمل إسمه تعود ملكية الجريدة إليه وهو ما تمّ، والجريدة تصدر بإنتظام منذ قرابة مائة وخمسين عاما! تحدث السيد «آل تومكينس» عن نشأته في ولاية كنتاكي الفقيرة في أحياء عمال الفحم وبأنه يفضل التعاون مع الدول النامية وأعلن أنه سيزور تونس واليمن خلال شهر سبتمبر القادم ، ثم قدم شروط القصة الصحفية الأمريكية، إذ ينبغي أن تدور حول أحد المحاور التالية: المال، العائلة، السلامة والأمن، الصحة، المجتمع والمرأة، الجماعات الدينية ، وتحدث عن الإمكانيات الواسعة للنفاذ إلى المعلومة فالسجلات العامة مفتوحة أمام من أراد عدا المتصلة بالأمن القومي أو تلك التي تصنف على أنها سرية مثل خلطة دجاج كنتاكي أو الأسرار التجارية قائلا «حين يرسل قاض رسالة إلكترونية من مكتبه من الحاسوب الموضوع على ذمته للعمل فإن تلك الرسالة تصبح ملكا للشعب ويمكن للجميع أن يطلع عليها، بل إنه يحق لأي قاطن بفلوريدا أن يطلب الإطلاع على المفكرة الورقية لعمدة المدينة مادامت المفكرة قد تم إقتناؤها بأموال دافعي الضرائب ...». قلت لمحدثنا إن ما تقوله أشبه بروايات الخيال العلمي عندنا، ماذا علينا أن نفعل كأفراد في ظل مؤسسات هشة مهددة بالإغلاق أو الافلاس كل يوم بسبب حصار المعلن أو تضييق الموزع، ردّ «إن لم تخوضوا أنتم الصراع فأنتم تؤجلونه لأولادكم، ولكن ثقوا أنه لن تنجح أي ديمقراطية لا في تونس ولا في مصر ولا في غيرها إن لم يكن هناك حرية نفاذ إلى المعلومة». وواصل المتحدث وصاياه: لا يجب الوثوق بأية معلومة على شبكات التواصل الاجتماعي إلا بعد التأكد المباشر من مصدرها ومن مصداقية المصدر نفسه. ليس عليكم نقد المسؤولين طوال الوقت ، لابأس من مدحهم عندما يحسنون فعلا. أفضل شيء تقومون به لبلدانكم أن تكونوا صحافيين ، تثبتوا من أية معلومة ولا تصدقوا من تميلون إليهم ، وأعطوا الكلمة لكل الأصوات لمن تحبون وللذين لا تحبونهم. ليس من المناسب ان تتدخلوا في احتجاجات وحملات لقضايا ما ولو كانت نبيلة ، دعوا الحقيقة تظهر من خلال عملكم الصحفي. وختم وصاياه قائلا « لا ترفعوا الراية البيضاء، أنتم لا تقومون بهذا العمل من اجل انفسكم بل من اجل الآخرين، كونوا على ثقة أن الناس سيتخذون القرار الجيد في الوقت المناسب». كان لافتا أن السيد «آل تومكينس» قريب من القضايا العربية، فسألناه عن الشرق الأوسط فأجاب»غالبية وسائل الإعلام الأمريكية صديقة لإسرائيل بشكل ما ، ولكن أعتقد أن الأمور في إتجاه نحو أكثر توازن في وجود شبكة «الجزيرة». تساءلنا في ما بيننا ونحن القادمين من أكثر من قطر عربي، أين حكامنا ووزراؤهم ومفكروهم وخبراؤهم الإتصاليون؟ لماذا لا يتحدثون لمثل السيد آل تومكينس»؟ لماذا لا نصنع اصدقاء يدافعون عن قضايانا؟ مؤسسة لكشف كذب السياسيين انتقلنا عشية الأربعاء إلى مقر جريدة Tampa bay Times لملاقاة السيدة «أنجي دروبنيك هولان» المشرفة على موقع PolitiFact.com وهو موقع تأسس سنة 2007 وهو الأول من نوعه في أمريكا ويقوم محرروه الخمسة والثلاثون بتتبع تصريحات رجال السياسة والتدقيق في صدقها ، وينشط الموقع خلال الحملات الإنتخابية بوجه خاص ، وعندما سألنا السيدة «أنجي» عن الرئيس أوباما، ردت « أوباما حذر في خطاباته المكتوبة لأن وراءه فريق عمل متكامل فضلا عن كونه رجل قانون قبل أن يكون حاكما أو رئيسا، ولكن ذلك لم يمنعه من الكذب المفضوح بنسبة 7 في المائة» كما يقوم الموقع بتتبع تنفيذ أوباما لوعوده الرئاسية ما تحقق منها وما تراجع عنه وما هو بصدد الإنجاز. أما أفضل السياسيين كذبا فهي ميشال باكمان المحسوبة على المحافظين المتطرفين بالحزب الجمهوري الذي خاضت خلاله السباق التمهيدي لرئاسيات 2012 ، وتسمى الدرجة القصوى للكذب بالسروال الذي اشتعلت النيران فيه وإن كانت إمرأة فالنيران تشتعل في تنورتها. أوباما في اسرائيل إهتمت الصحافة الأمريكية بزيارة الرئيس أوباما إلى إسرائيل وهي الزيارة الأولى لأوباما رئيسا لهذه الدولة الغاصبة ، وقد حظي تعطل السيارة الشبح التي تقل الرئيس الأمريكي بين مطار بن غوريون بتل أبيب والقدس بإهتمام واسع على الرغم من أن أوباما لم يستقل السيارة أصلا وتنقل إلى القدس عند وصوله على متن مروحية. وتصدرت الصفحة الأولى من جريدة «أمريكا اليوم» صورتان، واحدة تظهر شبابا فلسطينيين غاضبين في غزة يرفعون صور أوباما وقد كتب عليها « No hope» في تذكير للرئيس الأمريكي بوعوده الخلابة التي أطلقها قبل سنوات في خطابه الشهير من جامعة القاهرة بدأه بعبارة «السلام عليكم» دون أن يحقق منها الكثير، وصورة ثانية تظهر فيها فتيات إسرائيليات شاءت الصدف أن يكنّ جميلات؟؟؟ يرفعن الأعلام الأمريكية يتوسطها علم إسرائيل يرحبن بزيارة أوباما الذي وجد في استقباله عتاة المستوطنين بدعوة من الحكومة الإسرائيلية نفسها وهو الذي ساءت علاقته بنتنياهو بسبب سياسة الاستيطان نفسها.