اكتسى الاحتفال بذكرى إحياء عيد الشهداء الذي أقامه «الاتحاد من أجل تونس»، طابعا احتجاجيا رفعت فيه شعارات تندّد بالسياسة التي تنتهجها حكومة «الترويكا» وتطالب بمواصلة النضال من أجل تحقيق أهداف الثورة، ومن ضمن هذه الشعارات «شغل حرية كرامة وطنية» و«دولة مدنية ضد الرجعية» و«حل الرابطات واجب، الانتخابات واجب والديمقراطية واجب». وقد انطلقت مسيرة «الاتحاد من أجل تونس» من مكان النصب التذكاري ابن خلدون بشارع الحبيب بورقيبة لتمر عبر شارع محمد الخامس ثم ساحة الشهداء وصولا إلى باب سويقة أين تم نصب منصة عملاقة انتهت إليها المسيرة لتأخذ شكلا احتفاليا، حيث تم استقبال المحتفلين بعرض موسيقي لفرقة شعبية. شعارات مناهضة ل «النهضة» ولحكومة «الترويكا» ولئن كان الاحتفال بعيد الشهداء ذكرى وطنية، فإن «الاتحاد من أجل تونس» اختار كغيره من الأحزاب الأخرى مساحة خاصة به للاحتفال بهذه الذكرى لتعلو بذلك الشعارات الحزبية المناهضة للحزب الخصم على الشعارات الوطنية شأن ذلك شأن كل الأحزاب التي خرجت لتحتفل على حدة بذكرى 9 أفريل. فكل حزب كان «يغني على ليلاه»، حيث تعالت حناجر مناصري «الاتحاد من أجل تونس» لتردد شعارات تنتقد فيها «الترويكا» الحاكمة وبالتحديد حزب حركة «النهضة» على غرار «وكلاء الاستعمار نهضوي رجعي سمسار» و«نعم سنموت ولكننا سنقتلع «النهضة» من أرضنا». كذلك بدا سخط أنصار «الاتحاد من أجل تونس» على دولة قطر واضحا حيث قاموا بحرق علم دولة قطر وسط تصفيق وتصفير، كما اختار عدد منهم ارتداء اللباس القطري في إشارة إلى أن تونس أصبحت في تبعية لقطر، ومن ضمن الاشخاص الذين اختار التعبير عن رفضه لما أسماه بسياسة التبعية لدولة قطر علي الحرابي عضو حركة «نداء تونس» بزغوان، الذي أكد أن لباسه للعباءة القطرية تعبير رمزي على «احتلال دولة قطر لتونس» معتبرا أن «الترويكا» ما هي إلا «نداء قطر» وأنها «تسعى إلى محو الهوية التونسية» على حدّ قوله. بينما التحف عدد آخر بالعلم التونسي، وقد كان ذلك اختيار المواطنة راضية بن عمار التي أكدت أن ارتداءها للحجاب لا ينفي «تونسيتها»، فقد اختارت العلم التونسي ليكون حجابها، مشيرة من خلال هذه اللفتة إلى أن تونس فوق الجميع ولتبلغ رسالة مفادها أنه لا يمكن احتلال التونسي باسم الدين. وقد ضمت المسيرة ما يقارب 1500 شخص من ضمنهم قيادات بارزة في «الاتحاد من أجل تونس» على غرار الطيب البكوش الأمين العام لحركة «نداء تونس» وسمير الطيب الناطق الرسمي باسم «المسار الديمقراطي الاجتماعي» وعصام الشابي الناطق الرسمي باسم «الحزب الجمهوري» ومحمد الكيلاني رئيس «الحزب الاشتراكي اليساري» وعبد الرزاق الهمامي أمين عام «حزب العمل»... كما رفعت إلى جانب راية الوطن رايات الأحزاب المشكلة للاتحاد من أجل تونس وهي خمسة: حركة نداء تونس والحزب الجمهوري والمسار الديمقراطي الاجتماعي وحزب العمل الوطني والحزب الاشتراكي اليساري. ساحة باب سويقة وموعد مع التاريخ وقد اختار «الاتحاد من أجل تونس» ساحة باب سويقة كمحطة أخيرة بعد جولة جابت أكبر شوارع تونس العاصمة من شارع الحبيب بورقيبة مرورا بشارع محمد الخامس، في لفتة رمزية أرادها قياديو الاتحاد موعدا مع التاريخ ذلك ان ساحة باب سويقة كانت شاهدا من شواهد أحداث 9 أفريل 1938 كما أنها منطقة لها تاريخها وترمز للتونسي الشعبي والمواطن البسيط «الذي يتشرف بأمجاده الذين صنعوا الاستقلال» على حد تعبير مية الجريبي الأمينة العامة للحزب الجمهوري. كما شهدت منطقة باب سويقة أيضا أمس اجتماع قياديي الاتحاد من أجل تونس الذين توجهوا بخطابات إلى المواطنين الحاضرين مذكرين بأحداث 9 أفريل 1938 وداعين إياهم إلى الاتحاد من أجل مواصلة تحقيق أهداف الثورة. وأشار الأمين العام لحزب «نداء تونس» الطيب البكوش إلى أن الدفاع عن الوطن ضد الاستعمار لا يختلف عن الدفاع من أجل تحقيق أهداف الثورة، مؤكدا أن نسق التضحيات سيتواصل مذكّرا في ذات السياق بشهداء الثورة الذين سقطوا قبل 14 جانفي وبعدها وبعمليات الاغتيال التي طالت بعض الرموز السياسية كالشهيد شكري بلعيد والشهيد لطفي نقض. وقال الطيب البكوش إن الشعب سيواصل نضاله من أجل الحرية والكرامة ومن أجل صياغة الدستور واجراء انتخابات حرة ونزيهة. من جهتها، استبشرت الأمينة العامة للحزب الجمهوري مية الجريبي باعتراف الأحزاب الحاكمة بالأعياد الوطنية الرسمية، مشيرة إلى أن الشعب في هذا الموعد التاريخي يوجه رسالة للعالم مفادها أنه باكرامه الشهيد يسير على خطاه وأنه يعتز بتاريخه وأمجاده. وقالت إن تونس لن تباع لا للغرب ولا للشرق مذكّرة بدور المرأة التونسية على مدى التاريخ مذكرة بانه بينما كانت أوروبا تبحث عن المساواة بين المرأة والرجل كانت المرأة التونسية تناضل إلى جانب الرجل. ورفعت مية الجريبي شعارات من قبيل «حريات حريّات لا رئاسة مدى الحياة». «أوفياء...لا تجمّع... لا نداء» وقد شهد تجمع أنصار «الاتحاد من أجل تونس» بعض التشويش من طرف عدد لم يتجاوز العشرة من أنصار حركة «النهضة» وأنصار «حزب التحرير» الذين اختاروا مدرج دار الثقافة باب سويقة مكانا لهم قبالة منصة «الاتحاد من أجل تونس» ليتوجهوا بشعارات استفزازية للمحتفلين على غرار «أوفياء أوفياء لا تجمع لا نداء». «قسما برب الوجود التجمع لن يعود» كما رفعوا شعار «ديقاج» لما أسموهم «أيتام التجمع». سمير الطيب يرد: انتهت اللعبة وردا على الأصوات التي علت من حناجر أنصار حركة «النهضة» و«حزب التحرير»، تميز خطاب الناطق الرسمي باسم «المسار الديمقراطي الاجتماعي» بالحدة، موجها مباشرة أصابع الاتهام إلى حركة «النهضة» وقيادييها الذين قال إن أبناءهم يواصلون تعليمهم بلندن بينما يبعثون بأبناء الشعب التونسي للجهاد بسوريا. وأضاف أن علم البلاد التونسية أحمر وليس أسود في اشارة إلى علم «حزب التحرير»، وأن «الاتحاد من أجل تونس» لن يسكت وأن اللعبة قد انتهت وان «الاتحاد من أجل تونس» سيحاصر من أسماهم ب «أعداء الحرية» ولن يقبل بالعنف. كما أكد سمير الطيب أن «الاتحاد من أجل تونس» لن يقصي أحدا شريطة احترام اللعبة الديمقراطية. وتجدر الإشارة إلى أن أعوان الأمن تدخلوا في منطقة باب سويقة وسط العاصمة لتفريق عدد من أنصار حركة «النهضة» وعدد من «أنصار الاتحاد من أجل تونس»، تفاديا لأحداث عنف، ذلك أن أنصار حركة «النهضة» تنقلوا إلى مكان إحياء «الاتحاد من أجل تونس» لاحتفالاته بعيد الشهداء، ورفعوا شعارات معادية ورافضة ل «التجمع» ول «نداء تونس». وقد تدخلت قوات الأمن ووضعت حاجزا بين الطرفين وطلبت تعزيزات أمنية لتأمين التظاهرة.