نقابة الصحفيين : تسجيل 167 اعتداء على الصحفيين في الفترة الممتدّة من أفريل 2024 إلى أفريل 2025    سامي بنواس رئيس مدير عام جديد على رأس بي هاش للتأمين    نابل: رفع 219 مخالفة اقتصادية خلال شهر أفريل المنقضي    ماراطون لندن يستقبل رقما قياسيا لطلبات المشاركة في سباق 2026    العاصمة: بعد تنفيذه لبراكاج وسلبه أموال وأمتعة مواطن...منحرف خطيرة في قبضة الامن    غدا.. قطع الكهرباء ب3 ولايات    إحالة رجل أعمال في مجال تصنيع القهوة ومسؤول سام على الدائرة الجنائية في قضايا فساد مالي ورفض الإفراج عنهما    بداية من الاثنين: انطلاق "البكالوريا البيضاء"    دقاش: شجار ينتهي بإزهاق روح شاب ثلاثيني    البنك الوطني الفلاحي: توزيع أرباح بقيمة دينار واحد عن كل سهم بعنوان سنة 2024    بداية من الثلاثاء: انقطاع مياه الشرب بهذه الضاحية من العاصمة.. #خبر_عاجل    الكلاسيكو: الترجي يحذر جماهيره    تنويه واعتذار    "البيض غالٍ".. ترامب يدفع الأمريكيين لاستئجار الدجاج    بعد منعهم من صيد السردينة: بحّارة هذه الجهة يحتجّون.. #خبر_عاجل    عاجل/ سرقة منزل المرزوقي: النيابة العمومية تتدخّل..    وزير التربية يؤدي زيارة إلى معرض الكتاب بالكرم    سوسة: القبض على شخص مصنف خطير وحجز مواد مخدرة    الحج والعمرة السعودية تحذّر من التعرُّض المباشر للشمس    دراسة جديدة: الشباب يفتقر للسعادة ويفضلون الاتصال بالواقع الافتراضي    البطولة العربية للرماية بالقوس والسهم - تونس تنهي مشاركتها في المركز الخامس برصيد 9 ميداليات    الحكومة الإيرانية: نخوض المفاوضات مع واشنطن لأننا لا نرغب في نزاع جديد بالمنطقة    عاجل/ البحر يلفظ جثثا في صفاقس    هند صبري: ''أخيرا إنتهى شهر أفريل''    عاجل/ ضحايا المجاعة في ارتفاع: استشهاد طفلة جوعا في غزة    بطولة الكويت : الدولي التونسي طه ياسين الخنيسي هداف مع فريقه الكويت    المأساة متواصلة: ولادة طفلة "بلا دماغ" في غزة!!    وفاة وليد مصطفى زوج كارول سماحة    جندوبة: استعدادات لانجاح الموسم السياحي    قبل عيد الأضحى: وزارة الفلاحة تحذّر من أمراض تهدد الأضاحي وتصدر هذه التوصيات    سعيّد يُسدي تعليماته بإيجاد حلول عاجلة للمنشآت المُهمّشة    التلفزيون الجزائري يهاجم الإمارات ويتوعدها ب"ردّ الصاع صاعين"    الولايات المتحدة توافق على بيع صواريخ بقيمة 3.5 مليار دولار للسعودية    صُدفة.. اكتشاف أثري خلال أشغال بناء مستشفى بهذه الجهة    الموت يفجع الفنانة اللبنانية كارول سماحة    افتتاح مهرجان ربيع الفنون الدّولي بالقيروان    السلطات الجزائرية توقف بث قناة تلفزيونية لمدة عشرة أيام    التوقعات الجوية لليوم السبت    الاستعداد لعيد الاضحى: بلاغ هام من وزارة الفلاحة.. #خبر_عاجل    ترامب ينشر صورة بزيّ بابا الفاتيكان    غارات إسرائيلية عنيفة تستهدف مواقع مختلفة في سوريا    جلسة عمل بين وزير الرياضة ورئيسي النادي البنزرتي والنادي الإفريقي    تونس: مواطنة أوروبية تعلن إسلامها بمكتب سماحة مفتي الجمهورية    عاجل: إدارة معرض الكتاب تصدر هذا البلاغ الموجه للناشرين غير التونسيين...التفاصيل    تونس تستعدّ لاعتماد تقنية نووية جديدة لتشخيص وعلاج سرطان البروستات نهاية 2025    ملكة جمال تونس 2025 تشارك في مسابقة ملكة جمال العالم بمشروع مدني بيئي وثقافي    مقارنة بالسنة الماضية: إرتفاع عدد الليالي المقضاة ب 113.7% بولاية قابس.    سليانة: تلقيح 23 ألف رأس من الأبقار ضد مرض الجلد العقدي    فترة ماي جوان جويلية 2025 ستشهد درجات حرارة اعلى من المعدلات الموسمية    الأشهر الحرم: فضائلها وأحكامها في ضوء القرآن والسنة    طقس اليوم: أجواء ربيعية دافئة وأمطار رعدية محلية    الرابطة المحترفة الأولى (الجولة 28): العثرة ممنوعة لثلاثي المقدمة .. والنقاط باهظة في معركة البقاء    أبرز ما جاء في زيارة رئيس الدولة لولاية الكاف..#خبر_عاجل    الجولة 28 في الرابطة الأولى: صافرات مغربية ومصرية تُدير أبرز مباريات    الرابطة المحترفة الثانية : تعيينات حكام مقابلات الجولة الثالثة والعشرين    خطبة الجمعة .. العمل عبادة في الإسلام    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    أولا وأخيرا: أم القضايا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نجاح " الجبهة" في استعراض شارع بورقيبة: هل تغيّرت موازين القوى؟
نشر في التونسية يوم 13 - 04 - 2013

مثّل الاحتفال بعيد الشهداء فرصة جديدة للأحزاب والجبهات لقياس محرار مكانتها وصورتها في الشارع، لذلك عمل كل طرف على استعراض شعبيته بدعوة الأنصار إلى الحضور المكثّف. فعالم الإبهار لدى الأغلبية غير المسيّسة والتسليم بقوّة حزب ما، هو الكفيل بتوجيه اختيارات الصندوق من الآن. «التوزيع» المكاني في شارع بورقيبة انقسم إلى 3 عائلات كبرى وملحقاتها: «النهضة»، «الاتحاد من أجل تونس» و«الجبهة الشعبية» . فكيف كانت الصورة؟ وهل يمكن تحصيل بعض الاستنتاجات وأي مصداقية لها خاصة أنّ الشارع التاريخي للثورة على أهميته، يبقى قاصرا وعاجزا على أن يمثّل كل أرجاء تونس بأريافها ومدنها ؟
عدديا، وكملاحظة أولية يمكن القول أنّ مسيرة «الجبهة الشعبية» كانت الأكبر، تلاها «الإتحاد من أجل تونس» وأخيرا «النهضة». هذا الترتيب«الشارعي» ويا للمفارقة هو معاكس لعمليات سبر الآراء التي تبدأ بالنهضة وتنتهي بالجبهة!، فهل لذلك مغزى حقيقي؟ أم أنّ ظاهر الشارع لا يكشف حقيقة بواطن الأمور؟.
المسيرة الضخمة ليست تفويضا شعبيا أو انتصارا «شارعيا» مُسْبَقًا ل«الجبهة»
(مليونية الجنازة ليست تفويضا شعبيا أو انتصارا «شارعيا» مُسْبَقًا ل «الجبهة». «التونسية» بتاريخ 13 مارس 2013)، وها نحن نعيد نفس الفكرة بخصوص المسيرة الكبرى ل« الجبهة» ، صحيح أنّ انضباط القواعد في المساهمة الفاعلة لإنجاح المسيرة يُحسَب للقيادة ولكن ماذا بعد ذلك؟. استعير هنا رأيا لأحد الإعلاميين المصريين على ما أذكر، قال فيه أنّ الانتخابات لا تُقام في شارع بورقيبة أو في ساحة القصبة ولا في ساحة التحرير(الحالة المصرية) وإلا لفاز أهل الساحات بسهولة ولأصبحت نتائج الانتخابات معروفة مسبقا. وهذا يعني أنّ لعبة الصندوق تتطلّب أشياء أخرى غير «الشرعية» الثورية، تكون هادئة، ناضجة ومقنعة للمواطن في أي جهة من جهات البلاد وأخذ تمايز وخصوصيات كل جهة بعين الإعتبار، فالخطاب «الحضَري» يختلف عن نظيره«الريفي» لاختلاف الأوليات والعقليات، فهل ل«الجبهة» القدرة على القيام بمسح كامل وشامل للبلاد من شمالها إلى جنوبها وخاصة النجاح في تحصيل اختراقات مهمّة في الجهات كانت حكرا على أطراف أخرى بصياغة خطاب«مخاتل» حسب خصوصية المكان دون فقدان بوصلة مبادئها العامة؟. هذا مرتبط بتكتيكها قصير المدى، إنْ عملت على ذلك من الآن ودون تأخير، قد تحقق نجاحات مهمّة ولكن عامل الوقت الضيّق قد لا يكفيها لقلب موازين القوى راديكاليا. ومع ذلك فإنّ نجاح «الجبهة» في استرجاع بريقها بعد اغتيال بلعيد فيه تأكيد على طول نفس لم يكن متوفرا عند اليسار.
البعد العربي الإسلامي لدى القوميين مهم جدا ل «الجبهة» حتى تزداد تجذّرا وقبولا لدى المخيال الشعبي التقليدي
وإذا أضفنا الإعلان الرسمي عن عودة حركة الشعب ل«الجبهة»،(للإشارة كان ل«التونسية» السبق في إعلان هذه العودة،) تؤكد «التونسية» أنّ القرار محسوم ونهائي وهو العودة ل «الجبهة» وأنّها تقررت وانتهى الأمر يوم الإربعاء 13 مارس بعد اجتماع بين القيادتيْن. ل «التونسية» بتاريخ 16 مارس»)، فإنّ تقاسم الأدوار في الجهات بين أحزاب «الجبهة» حسب إشعاع كل طرف منها، يختصر المسافات والأتعاب في مسح كل أنحاء البلاد. أي أنّ الحزب الأبرز في جهة ما والحاضر في نسيجها الاجتماعي بقوة هو الذي يأخذ على عاتقه دور محاورة الناس باسم «الجبهة». كما أنّ عودة «حركة الشعب» أعطت ل «الجبهة» بعدا مهما غير مرتبط ضرورة باليسار الكلاسيكي. حمة الهمامي وبلعيد كانا يصرّان دائما على أنّ الجبهة شعبية وليست يسارية وهي مفتوحة لكل من يقف مع تحقيق أهداف الثورة الحقيقية وعلى رأسها العدالة الاجتماعية وهو ما يشترك فيه اليساريون والقوميون التقليديون. والبعد العربي الإسلامي لدى القوميين مهم جدا ل «الجبهة» حتى تزداد تجذّرا وقبولا لدى المخيال الشعبي التقليدي القائم على هذين البعديْن. وإطلالة صغيرة على مكونات ل «الجبهة» تؤكّد الدور الكبير للقوميين فيها، «حركة الشعب» و«البعث» و«الطليعة» وحتى حزب«الوطد» الموحّد فيُعتبر عروبيا في تصوراته قبل أن يكون يساريا. كما أنّ امكانية التحاق القطب الحداثي ومجموعة«الائتلاف المدني والسياسي من أجل الإنقاذ الوطني» ب «الجبهة» ستساهم في استقطاب شرائح اجتماعية أخرى جديدة على مكوّنات «الجبهة» تتقاطع معها في بعض المبادئ كمدنية الدولة والحريات الفردية والعامة والتداول السلمي على السلطة.
هل ستقرن موقفها من الحكومة ومن المشاركة في الانتخابات بضرورة كشف الحقيقة كاملة عن اغتيال زعيمها بلعيد؟
في كل ما سبق، يبقى السؤال: هل اختارت «الجبهة» موقفها النهائي من السلطة وبقية الجبهات؟. في العلاقة مع «نداء تونس» ، الأمور محسومة، لن تتحالف مع «النداء» وهي إحدى التفاهمات الرئيسية مع «حركة الشعب» وحتى قبلها(الجبهة لن تتحالف مع «النداء» والتأكيد قد يكون عودة «حركة الشعب» إليها.(«التونسية» بتاريخ 13 مارس) ودليلنا الإضافي هو ما عبّر عنه السبسي بالقول «هم اختاروا طريقهم» رغم كل التصريحات «المغرية» قبلها لقيادات «النداء» تجاه «الجبهة». يبقى الغموض سائدا في علاقتها بالسلطة: هل ستتعامل معها؟، هل أنّ التصريحات باختيار الوقت المناسب لإسقاط الحكومة هو مجرّد خطاب موجّه للقواعد؟ أم بالونة اختبار للردود الأولية للسلطة؟، هل ستقرن موقفها منها ومن المشاركة في الانتخابات بضرورة كشف الحقيقة كاملة عن اغتيال زعيمها بلعيد؟، هل ستلعب ورقة الضغط الكبرى وهي التهديد بالمقاطعة لإدراكها أنّ غياب أيّ طرف رئيسي عن امتحان الصندوق سيُسقط شرعية كل حاكم قادم خاصة أنّ الرأي العام الدولي قد لا يقبل مسارا منقوصا لأول انتخابات «دائمة»بعد الثورة؟. تعدّدت الأسئلة وبقيت الإجابات معلّقَة، قد تكون« الجبهة» تعمّدت هذا الغموض أو أنها لم تحسم أمرها بعد، أولا لتعدّد المهمّات الآنية المستعجَلة وثانيا لضرورة حسن قراءة موازين القوى قبل الإقدام على أي خطوة تصعيدية محفوفة بالمخاطر.
المسار و«الجمهوري» سيواصلان «هرسلة»الجبهة ب«معسول»الخطاب لكسب مزيد التنازلات من «النداء»
ثمّ إنّ كل تكتيكات «الجبهة» ستجابَه بأخرى مضادة من الأطراف الأخرى سيواصل :«المسار» و«الجمهوري» «هرسلة»الجبهة ب«معسول»الخطاب لسببين: للحفاظ على إمكانية جذبها للاتحاد من تونس رغم تضاؤل هذه الفرضية من جهة، ومن جهة أخرى لكسب مزيد التنازلات من« النداء» فكل شيء ممكن نظريا بما فيها فك الارتباط معه والانضمام ل «الجبهة» في اللحظات الأخيرة!(والمشهد التونسي صعب القراءة والتأويل) أمّا «النهضة» ، فيبدو أنها أمام صعود «الجبهة» اختارت الهدوء والانتظار، فلا شيء كان يمنعها من حشد أنصارها في 9 أفريل بأعداد هائلة خاصة وهم من المجبولين على الانضباط الشديد، لذلك نعتقد بلا جزم أنّ ضآلة أعدادهم كان مبرمَجا وإراديا لإبعاد أي مجال للانفلات بين فرقاء الشارع الواحد لأنّ ذلك سيُحسب عليها مهما كانت الأسباب باعتبارها في السلطة وقد تكون اختارت إنجاح يوم الاحتفال حتى وإنْ كان على حساب نسبة مشاركتها. ثمّ إنها أدركت ولو بنوع من التأخير أنّ الانغماس في العمل الحكومي والعمل على إنجاحه بالاستغراق في محاولة إيجاد مكاسب اجتماعية واقتصادية عاجلة للطبقات الشعبية، هو الكفيل بعيدا عن الضجيج في إعادة كسب ثقة الناخبين من جديد.
وبخلاصة،« الجبهة» سيدة الشارع حاليا ولكن هل حقا امتلكته؟ بمعنى هل هذا كاف للحديث عن انقلاب راديكالي في موازين القوى؟، الأمر نسبي يتراوح بين ال«لا» وال«نَعم» مع أسبقية موضوعية ل«لا» لأنّ مفهوم الشارع ليس حكرا على حشد مسيرات الاحتجاج بنجاح فحسب، بل يتعدّاه إلى العمل الميداني الهادئ والمدروس في أنحائه وتعرّجاته وساكنيه وروّاده وخاصة في استنباط الأساليب الكفيلة بكسب ثقة الناس بلا تشنج ولا خطاب موغل في «الثورية» التي لا قدرة للمواطن اليوم على تحمّل تبعاتها الأمنية خاصة. الأقطاب أصبحت واضحة المعالم فكيف ستدير أطرافها مقود الصراع الذي نتمنى بقاءه في مجاله السياسي البحت؟، لننتظر ونرى تطوّر الأمور.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.