ننتشي كثيرا وننتفض في مجالسنا متعة ووقارا كلما سمعنا «السيدة فيروز» تشدو في كبرياء على صوت أجراس كنائس «بيت لحم» و«جنين» وبصوتها الرخيم.. «زهرة المدائن» تحيّة لمدينة القدس المغتصبة.. ليلتحم بها وهو يدغدغ أوتار عوده الفنان الملتزم «الشيخ إمام» مردّدا «في ذكرى الميلاد العشرين.. لفتاة من أرض فلسطين» ثم ينساق في هبة مع صيحات الجمهور العربي في كل مكان لمّا يغني في تهكّم »يا فلسطينية بالبندقاني رماكو.. بالصهيونية تقتل حمامكو في حداكو».. وبعده يأتي الصّدى من بعيد كما أمواج البحر المتلاطمة «وين الملايين.. الشعب العربي وين» بصوت «جوليا بطرس». الأغنية الفلسطينية رسالة مفتوحة، مقروءة، مكشوفة.. ظاهرها بعد موسيقيّ وباطنها محمل إنساني حضاري ينبع من سهول «بئر السبع» و«الخليل» و«رام الله» و«بيت لحم» و«أريحا» و«نابلس» و«طول كرم» تؤمنه فرق «حنين» و«أغاني العاشقين» و«الميادين» وأصوات «ريم البنّا» و«أميمة الخليل» و«محمد أبو صلاح» و«عبد حامد» و«ملك اليرغول» و«محي أبو راس» ممّن اشتغلوا على أغنية موسيقية فلسطينية كاملة الأوصاف تنفرد بخصوصيات الأداء والكلمة واللحن حيث تكتمل صورتها في أعمال موسيقية فرجوية متكاملة ميزتها الأداء الجبلي والكلمة الملتهبة والموسيقى المتوهّجة مع لوحات راقصة عنوانها ليس إلاّ «الدّبكة الفلسطينية». ولأن الأغنية الفلسطينية هي بالأساس رسالة إنسانية، فقد احتضنها الفنان اللبناني «مارسيل خليفة» ليؤثثها كعنوان لمشروعه الإبداعي في أبعاده ومقوماته وثوابته الحضارية.. وفعلا تمكن هذا الفنان الملتزم بالقضية الفلسطينية من إهداء جمهوره الكبير أروع القطع الموسيقية وقد تحوّلت إلى شعارات بين طلاب الكليات وأطفال الحجارة والشعوب العربية الثائرة حاملين بيمينهم «غصن الزيتون الأخضر» وبيسراهم «المقلاع وكوفية الفدائي».. غنى «مارسيل خليفة» قصائد «محمود درويش» و«خليل حاوي» و«سميح القاسم» من واقع أرض فلسطين الحرّة بين أشجار التين والزيتون والبرتقال «إني اخترتك يا وطني»... «أناديكم.. أشدّ على أياديكم».. «منتصب القامة.. أمشي»... «طيّارة»... «وقفوني على حدود»... «أحنّ إلى خبز أمّي»... «شدّوا الهمّة»... وقائمة الأغاني ضمن مشروعه الموسيقي تطول وقد حفظتها كل الشعوب العربية وتغنّت بها في المناسبات الوطنية بعد أن كتب اسمه بحروف من ذهب في سماء أكبر المهرجانات العربية.. وله مع مهرجانات «قرطاج» و«الحمامات» و«سوسة»و«صفاقس»و«المنستير»و«القيروان» لقاءات كان عنوانها ليس إلاّ.. «الأغنية الفلسطينية.. أغنية السلام ورسالة الإنسان.. في كل مكان وزمان».