«صباح» امرأة تعيش صراعا متواصلا مع الحياة. فبعد أن فقدت زوجها اثر تعرضه لحادث مرور وتركها وثلاثة أبناء بلا مورد رزق، تغير وقع حياتها واضطرت للإقامة بمنزل متداع بالعاصمة تسهر الليل وهي تراقب أبناءها خوفا من أن ينهار سقف الغرفة عليهم. تحملت هذا الوضع على مدار سنة كاملة ثم عندما عرض عليها أهل زوجها الإقامة معهم بجدليان رحبت بالفكرة حتى تجمع اسرتها المشتتة وظنت أن الايام تخفي لها حلاوة وستعوضها عن قساوة الظروف. لكن بحلولها بجدليان لم تجد ما تمنته. ذلك أن ظروف الإقامة لم تكن مريحة فضلا على خلافات شبه مستمرة مع أهل زوجها مما اضطرها للبحث عن مسكن مستقل يأويها هي وبقية أفراد اسرتها بمبلغ مالي قدره 70 دينارا وذلك لضمان الاستقرار لأبنائها وقد وفرت هذا المبلغ ممّا تدره عليها الآلية 16التي مكنتها منها الولاية ورغم أن المبلغ زهيد فإنّها كانت ترى فيه الضامن لكرامتها وهو الذي يكفيها العوز ويوفر لها قوت أبنائها لكن «صباح» حرمت مؤخرا من هذه الآلية وبقيت بلا مورد رزق لا تعرف كيف تعيل أبناءها الذين سينامون خاويي البطون بعد هذا القرار الجائر في حقها حسب ذكرها. وقد طرقت «صباح» أبواب المسؤولين طالبة إيجاد حل لها فتم تمكينها من جراية المعوزين التي تنفق جلها في دفع معلوم الكراء ولا يبقى منه الا مبلغ بسيط لا يكفي لتوفير حاجيات أبنائها من مأكل. أما اللباس فحدث ولا حرج فلا سبيل لشرائه الا اذا انعم او جاد عليها أصحاب القلوب الرحيمة ببعض الملابس المستعملة لتدثر بها أبناءها وما زاد في إحساسها بالمرارة والمهانة هو أن السلط المحلية مكنت بعض المعوزين من اموال للبناء فيما حرمت هي من ذلك رغم أنها مسجلة في قائمة الأولويات. وحسب ذكرها فقد منحت لأطراف لا تستحقها بناء على معايير لا تفقهها اذ أن ظروف أغلبهم احسن منها بكثير. وقد التجأت «صباح» للمعتمدية من اجل الاعتراض على عدم منحها ما حظي به غيرها من دعم فكان الرد مهينا حسب ذكرها اذ طردت من المكان فأحست بالمهانة واسودت الدنيا أمامها وعزمت على وضع حد لحياتها هي وأبناؤها وذلك بإضرام النار بأجسادهم علها تلفت أعين المسؤولين لمعاناتها ولنار الذل التي اكتوت بها ولكن البعض تدخلوا في الوقت المناسب وأقنعوها بالعدول عن ذلك. وتضيف صباح انها توجه مجددا نداء للمسؤلين لإيجاد حل لازمتها لأنها لم تعد قادرة على النظر في عيون أبنائها وفي وجوههم الشاحبة التي ارتسمت عليها معالم البؤس والشقاء فما ذنبهم أن يعيشوا بهذا الكم من المتاعب وهم في مثل سنهم؟ فالموت والحياة سيان لديهم لأنهم اقرب في عيشهم للأموات. فهل من التفاتة لهذه المرأة حتى يتم انتشالها وأبناءها من هاجس الانتحار الذي هي عاقدة العزم على تنفيذه؟...