لأن الخضراء حبلى بخصوبة التين والزيتون والتمر وبروعة التاريخ والفن والأنغام والأحلام ,تظل مصدر إلهام ومنبع إبداع لأرباب الفنون...وهوما حدث مع الثنائي محمد وحورية القماطي اللذين ترجما انبهارها بمعمار المدن التونسية وتراثها في معرض تشكيلي بعنوان «المدينة»تم افتتاحه مؤخرا ويتواصل إلى غاية 17 ماي القادم دار الثقافة ابن الرشيق. أوحى عنوان المعرض التشكيلي «المدينة» منذ الوهلة الأولى بمضمون لوحاته ,مطابقا بين الدال والمدلول...فكانت فعلا المدينة بكل تفاصيلها وكل أبعادها هي «الكوكب الأم» الذي تدور في فلكه أعمال محمد وحورية القماطي. والفنانان زوجان في الحياة وشريكان في عالم الفرشاة والألوان ,اختارا هذه المرة أن يحتفلا بشهر التراث على طريقتهما وذلك بتركهما لأجيال اليوم والغد تذكارا بصريا من اللوحات التشكيلية يتغنى بالتراث التونسي بنوعيه المادي واللامادي. وفي تعليقها على المكانة التي يحظى بها التراث في نفسها وفنها, قالت السيدة حورية في حماس : «التراث هوحياتنا...فلا ماض لنا ولا هوية لنا بلا تراث» . في تراثنا ...عنوان هويتنا سحر المدينةالتونسية القديمة كان منبع الإلهام الذي أوحى للثنائي بمواضيع لوحاتهما ومزجا حوله ألوانهما , فرسمت ريشتهما قرى وبيوت وأبواب...المدينة, ونحتت أناملهما لباس أهلها فكان البرنس والجبة و«السفساري»...سادة المشهد بامتياز .وعن مغزى هذا الاحتفاء التشكيلي بمعمار المدينة وباللباس التقليدي قالت الفنانة حورية القماطي: «لقد أردت أنا وزوجي من وراء ذلك بعث رسالة مفادها أنه في تراثنا عنوان هويتنا ,فلماذا يستبدل لباسنا التونسي الضاربة أصوله في عمق حضارتنا بآخر دخيل علينا...؟كذلك أردنا أن نقول إن مدننا التونسية ومعمارها البديع مهددة من قبل عوامل عديدة بما في ذلك العنصر البيئي على غرار مدينة «غنوش» بقابس ومدينة الحمامات ...دون أن ننسى الاعتداء على المقامات والاضرحة في المدة الأخيرة». وقد ازدانت جدران قاعة ابن رشيق بالعاصمة بحوالي 21 لوحة و16 قطعة خزف من إبداع محمد وحورية القماطي اعتمدا في إخراجها من حيز الفكرة إلى فضاء المعرض تقنيتي التلصيق والأكرليك لتولد في النهاية لوحات عن تونس الجذور ,تونس الذاكرة والحلم.