انطلق يوم السبت 12 جانفي في رواق كالستي بسكرة معرض الفنان التشكيلي عز الدين براري بعنوان «عطر الماضي» ويتواصل الى آخر الشهر الجاري. يمكن اعتبار عز الدين براري آخر «عنقود» مدرسة تونس، تلك التجربة الفنية الأشهر في تاريخ تونس التي خلدت الحياة اليومية في تونس بمختلف تفاصيلها من الانسان الى المعمار والموسيقى واللباس والمطبخ.. في هذا المعرض يقدم براري صورا تفصيلية للحياة التونسية في الأعراس والمأكل واللباس والموسيقى والأواني والمعمار والأسواق بما يجعل من هذا المعرض نظرة على الماضي التونسي بما يزرعه فينا من حنين ومن أسى حين نشاهد الملابس الأفغانية والسواد يخيم على شوارعنا.
كان عز الدين براري في معرضه الذي يسجل به عودته بعد عامين من الغياب يلتقط بآلة كاميرا الحياة اليومية في تونس من أزقة المدينة العتيقة وأسواقها الى «حمام العرس» و«العولة» و«فطور الصباح» و«بائع الخبز» و«العدول» و«التيجانية» و«بائع الفول» و«البياض» و«الكانون» و«العازفات».. هكذا تنساب ألوان عز الدين البراري في 45 لوحة كلها زيت على قماش من مختلف الأحجام من مقاس 2430 الى 1م70 مرورا ب6550 و5540 و4055 و4535 و4030.
تجربة
عز الدين براري رسّام عصامي كان لعلي بلاغة رحمه اللّه فضل كبير على توجهه الفني، إنه من أولئك الرسامين الفطريين الذين برعوا في رسم الحياة اليومية بأسلوب بسيط وعميق لا يعرفها إلا كبار الموهوبين، إنه فنان «فطري» نهل من الحياة اليومية في المدينة العتيقة التي ولد فيها سنة 1949 ولئن اندثرت الكثير من معالم المدينة إلا أن ذاكرته مازالت خصبة وقادرة على إعادة إنتاجها وذلك ما يفعله عز الدين براري منذ معرضه الأول في أواخر الثمانينات عندما حاز على جائزة مدينة تونس.
بعد عامين من الغياب عاد براري الى كالستي التي اختارها منذ سنوات ليعرض فيها بمعدل معرض كل عامين، معرض ينهل من عطور الماضي عندما لم يكن هناك نقاب ولا أدعياء دين وتجار تقوى.
تعيد لوحات براري الأمل في الروح والحنين الى القلب، أزقة المدينة العتيقة الممطرة «السفساري» الذي غنى له فريد الأطرش «غزلانك البيضاء» إنها تونس التي تذبل وتضيع وسط نماذج الخلنجة الغريبة عن بيئتنا وتراثنا!