(قراءة لحقوق نواب التأسيسي إزاء التقاعد) نظم القانون عدد 12 لسنة 1985 المؤرخ في 5 مارس 1985 والمتعلق بنظام الجرايات المدنية والعسكرية والباقين على قيد الحياة في القطاع العمومي حقوق العسكرين وأعوان الدولة المنتمين للوظيفة العمومية والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية إزاء التقاعد طبقا لما نصت عليه أحكام الفصلين 1 و60 من القانون الآنف الذكر. وقد أفرد المشرع التونسي،من لا يكتسي صفة الموظف العمومي من ولاة وأعضاء حكومة وأعضاء مجلس النواب بنصوص خاصة بوصفها أنظمة خاصة ،نظمت حقوقهم إزاء التقاعد،ونذكر القانون عدد 31 لسنة 1983 المتعلق بنظام تقاعد أعضاء الحكومة والقانون عدد 16 لسنة 1985 المتعلق بنظام تقاعد أعضاء مجلس النواب والقانون عدد 16 لسنة 1988 المتعلق بنظام تقاعد الولاة. وقد تختلف هذه الأنظمة الخاصة في ما بينها من جهة ومع النظام العام للتقاعد من جهة أخرى، في ما يتعلق بقاعدة المساهمات وتواريخ افتتاح الحق ونسب تصفية الجرايات غير أن الجمع في ما بينها جائز،حيث يمكن لمواطن تونسي أن يجمع بين جرايات متأتية من نظام تقاعد النواب ونظام تقاعد الولاة والنظام العام للتقاعد ونظام تقاعد الحكومة وذلك وفق مقاييس قانونية وسقف محدد قانونا. هذا ولئن أجمعت القوانين المنظمة للتقاعد بمختلف الأنظمة على استحالة الجمع بين مرتب موظف عمومي وعضوحكومة ونائب ووال فإنها أقرت الجمع بين جراية تقاعد النظام العام (موظف عمومي) ومرتب نائب أومرتب عضوحكومة وذلك لإمكانية افتتاح حقوق جديدة إزاء التقاعد تحت طائلة نظام خاص،وحيث أن ما تضمنته مراسلة الوزير الأسبق للاصلاح الإداري الموجهة إلى رئيس المجلس الوطني التأسيسي من ملاحظات من بينها جمع بعض نواب التأسيسي بين مرتب وجراية تقاعد مما انجر عنه تعليق صرف جراية العديد من النواب بما في ذلك جراية رئيس المجلس الوطني التأسيسي والمصفاة على القانون عدد 12 لسنة 1985 بعنوان الفترات المقضاة بالوظيفة العمومية ، وهوما يعد فاقدا للسند القانوني وذلك أن المشرع التونسي لا يعتبر ما يتقاضاه النائب مرتبا عموميا بل منحة برلمانية. فالقراءة السطحية للقوانين المنظمة للتقاعد بمختلف الأنظمة سواء كانت خاصة أوعامة، لا يمكن أن تدعم ما سبق ذكره خاصة أن الإدارة العامة للوظيفة العمومية لم تعتمد فقه القضاء في مادة الضمان الاجتماعي ولا استشارات المحكمة الإدارية ولا الخبرات الموجودة بالصناديق الإجتماعية وبذلك جانبت الصواب وأخلت بقواعد تأويل النصوص القانونية في مجال الجمع بين جراية تقاعد من النظام العام ومنحة نائب. أما بالنسبة لأعضاء المجلس الوطني التأسيسي،فقد تعددت القراءات في ما يتعلق بقاعدة الخصم المستوجبة بعنوان التقاعد،فاختلف الخصم من شهر إلى أخر،إلى حين صدور قرار رئيس المجلس الوطني التأسيسي المؤرخ في 21 جويلية 2012 والمتعلق بإسناد منح لأعضاء المجلس الوطني التأسيسي الذي تضمن نصه تغييرا في تسمية عناصر التأجير مع المحافظة على قاعدة الحجز بعنوان المساهمات الاجتماعية المعتمدة سابقا لأعضاء مجلس النواب والخاضعين إلى القانون عدد 12 لسنة 1983 لكن دون الإشارة إلى نظام التقاعد المزمع تطبيقه بالنسبة لأعضاء المجلس الوطني التأسيسي عند انتهاء مهامهم البرلمانية. ولعل الإشكال يمكن أن يطرح بصفة مسبقة قبل انتهاء مدة المجلس وذلك في صورة وفاة أحد نواب التأسيسي، إذ ستعجز الصناديق الاجتماعية على تصفية حقوق الباقين على قيد الحياة من أولي الحق (أرامل وأيتام) علاوة على رأس المال عند الوفاة وذلك لغياب نص واضح وصريح يضبط حقوق أعضاء التأسيسي إزاء التقاعد حيث إن التحجج بإخضاع منحهم إلى نسب المساهمات المعتمدة بالقانون عدد 12 لسنة 1983والمتمثل في اقتطاع نسبة 13.2% من منحة النائب وتكفل المجلس الوطني التأسيسي بنسبة 20.5% بعنوان المؤجر ،لا يمكن أن يحل محل النص الصريح في ظل الفراغ القانوني الناتج عن السهو في التنصيص على نظام التقاعد المزمع تطبيقه ضمن نص القرار الصادر عن رئيس المجلس الوطني التأسيسي في 21 جويلية 2012.