دفعتها شهامتها وعدم تحمل رؤية الخطإ والصمت الى موقف لا تحسد عليه تسبب لها في تعرضها الى كسر بيدها تحملت أوجاعه على مدار ساعات حتى تمت نجدتها وإسعافها فضلا عن إيداعها السجن وإحالتها على القضاء الذي قضى في شأنها بالسجن مدة شهرين مؤجلي التنفيذ. قصة هذه المرأة الشجاعة ترويها ل«التونسية» المتضررة نفسها «مريم الهرابي» من بدايتها حتى آخر فصل فيها والتي حسب ذكرها على مراراتها ستظل عالقة في ذهنها لكنها عازمة على تتبع من تسبب لها في هذا الضرر والظلم الذي عانت منه الويلات وهي في فترة الإيقاف حسب قولها. أرادت نصرة جارتها ...لكن مفاجأة كانت في انتظارها حسب ذكر محدثتنا فان الشرارة الاولى للنزاع انطلقت على اثر قدوم جارتها وهي امرأة مسنّة الى منزل عائلتها وطلبت منهم مساعدتها على معرفة مصير ابنتها التي تم اعتقالها من طرف قوات الأمن في ساعة متأخرة من الليل وذلك بعد ان نفذت هي وأفراد اسرتها اعتصاما من اجل اطلاق سراح شقيقها الذي تورط في قضية لا ناقة له فيها ولا جمل فلم تستطع محدثنا ان ترفض مد يد المساعدة لها ورافقتها هي وشقيقها الى مركز الأمن للحصول على معلومة تثلج صدر الأم المكلومة. وبحلولهم بمركز الأمن سألت العجوز عن ابنتها فاعلموها انه تم توجهيها الى مركز قفصة. استغربت الام من الامر لان الاعتقال تم منذ فترة قصيرة ومن غير المعقول ان تكون قد حولت بعد الى مركز آخر فطلبت منهم مجددا ان يرحموا عجزها ويطمئنوا بالها لكن احد الحاضرين غضب من موقف الام لأنه أحس انها تفند أقوالهم وتتهمهم بالكذب فأجابها بنبرة حادة ان تدخل وتتأكد بنفسها. ظنت هذه الأخيرة انه يتحدث بلهجة جادة وليس فيها استهزاء بشخصها وهمت بتنفيذ ما صرح به الا انه قام بدفعها بقوة وتلفظ نحوها بألفاظ منافية للاخلاق. حينها تدخلت محدثتنا التي لم تتمالك نفسها ولم تستطع ان تصمت ولامته عما بدر منه لأنه تصرف لايليق برجل الأمن بعد الثورة. هذا الكلام لم يستسغه الاطار الأمني وتملكه الغضب والتقط هراوة «عصا زيتون» وانهال عليها بالضرب المبرح في أماكن متفرقة من جسدها وكان يتلفظ نحوها بألفاظ منافية للاخلاق ثم سحلها وهي تصيح وتستغيث من فرط الألم الذي شعرت به دائما حسب روايتها وإمعانا في تأديبها أمر بإيقافها وتضيف محدثتنا انها كانت أثناء تواجدها بغرفة الإيقاف تصرخ طالبة عرضها على الطبيب لشكها ان هناك كسور بيدها لكن نداءاتها لم تجد آذانا صاغية وظلت تتألم بشدة الى حين استنطاقها ثم نقلت وهي على حالتها تلك ودون إسعافات الى مركز بئر الحفي حيث تم الاستماع لأقوالها رغم حالتها الصحية الحرجة ومطالبتها مرارا بعرضها على الفحص الطبي لكن الإجابة كانت واحدة ليس لدينا تعليمات بإسعافك فقط الاحتفاظ بك على ذمة البحث-حسب ذكرها - وامام إصرارها على العلاج وبعد انتهاء التحريات معها وفي حدود الواحدة بعد الزوال تم نقلها إلى مستشفى بئر الحفي وباعتبار خطورة الكسور التي تعرضت لها ولا يوجد بالمستشفى المذكور لأشعة أحيلت على مستشفى سيدي بوزيد حيث تبين بصفة يقينية انها تعرضت الى كسر بيدها استدعى وضع «الجبيرة». وبعد تلقيها الإسعافات تضيف محدثتنا عادت مجددا الى مركز الإيقاف حيث احتفظ بها مدة ستة ايام دون ان تتمكن اسرتها من زيارتها والاطمئنان عليها مما ضاعف حيرتها ثم تم عرضها على وكيل الجمهورية الذي اصدر في شأنها بطاقة ايداع بالسجن. وتقول محدثتنا أنها احست بمرارة الظلم وهي تقبع خلف القضبان دون ذنب يذكر –حسب ذكرها - و اثناء إقامتها بالسجن تم عرضها على طبيب السجن فاعلمته ان لها موعدا مع طبيب الصحة العمومية يوم 4 افريل مع اقتراب موعد الفحص الطبي تقول محدثتنا انها ذكّرت رئيسة الجناح بذلك وان هذه الاخيرة أعلمتها أن لا علم لادارة السجن بذلك وبعد أن استشارت رئيسها المباشر اعلمها أن عليها نسيان هذا الموعد وانه في حالة عدم اطلاق سراحها فسيتم علاجها باحدى المصحات الخاصة. وتضيف محدثتنا انها ظلت تتحمل معاناتها بصمت وتبتهل الى الله ان يخرجها من محنتها. هذه كانت احاسيسها متراوحة بين الامل واليأس وبعد ثلاث أسابيع تقريبا احيلت قضيتها على محكمة ناحية الرقاب وتم النظر فيها في جلسة سرية وقضي في شانها بشهرين «سرسي». ما يحز في نفس «مريم» انها تعرضت الى المهانة والتعذيب لا لشيء الا لأنها دافعت عن حق عجوز لم تطلب المستحيل بل هو حق مشروع قانونا هو الاطمئنان على ابنتها مشيرة الى انها لن ترضى بهذه المظلمة على حد تعبيرها وانها متمسكة بمقاضاة الاطراف التي تتهمها بتعذيبها وتعنيفها ملاحظة ان القضية الآن محل متابعة من طرف فرقة الابحاث المركزية بتونس.