عقدت أمس المنظمة التونسية للدفاع عن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وفيدرالية الجمعيات التونسية العاملة في مجال الإعاقة ندوة صحفية بالعاصمة تحت عنوان «دستورلا يضمن حقوقنا ... لا يمثلنا»وذلك بدعم من تحالف مجموعة من جمعيات المجتمع المدني المدافعة عن حقوق الإنسان. وقد استضاف المنظمون أستاذ القانون الدستوري قيس سعيد لتفسير مواطن ضعف الفصل 44 من مسودة مشروع الدستور الصادرة في 22 أفريل 2013 . «نحن غاضبون» كلمات استهلت بها ممثلة المنظمة التونسية للدفاع عن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة بوراوية العقربي .المرأة لم تخف ألمها مما سمته تهميش من قبل أعضاء المجلس التأسيسي وحتى من وسائل الإعلام المقصرة في تناول مشاكل ومشاغل ذوي الإعاقة على حد قولها. وبينت بوراوية العقربي ان الفصل 30 من دستور 1959 كان يضمن حقوق المعوق لكن الدستور الحالي ألغى هذه الحقوق وأدخل هذه الفئة من المجتمع في متاهة التهميش. وأكدت أن أعضاء هذه المنظمة زاروا المجلس التأسيسي العديد من المرات ودافعوا عن حقهم في أن يعاملوا كمواطنين «درجة أولى» وأنهم جزء من الثورة. وقد تلقوا وعودا من نواب المجلس التأسيسي بأن الدستور سيضمن حقوقهم. لكنهم «أخلفوا» وعدهم وأصدروا فصلا «مفقرا» لا يضمن حقوق المعوق وهو الفصل 44 والذي جاء فيه «تحمي الدولة ذوي الإعاقة من كل تمييز ولكل مواطن ذي إعاقة الحق في الإنتفاع حسب طبيعة إعاقته بكل التدابير التي تمكنه من الإندماج الكامل في المجتمع وعلى الدولة إتخاذ جميع الاجراءات الضرورية لتحقيق ذلك». المنظمة التونسية للدفاع عن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وفيدرالية الجمعيات التونسية العاملة في مجال الإعاقة أكدتا أن الدولة لا تضمن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة بل تمكنهم منها فقط في حين أن الحقوق تضمن ولا يمكن منها .وفي هذا الصدد أكد السيد عماد عبد الجواد رئيس الفدرالية أن الفصل هوتكريس للتمييز ضد الأشخاص ذوي الإعاقة ويعتبرهم مواطنين درجة ثانية والمتمعن في مشروع الدستور يجد أن كل الحقوق جاءت مقترنة بلفظ «تضمن» ما عدا حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وأنه كتب أمامها «تمكن». هذا وذكر الفصل 44 من مسودة الدستور مصطلح «اندماج» في حين أن المعنيين بالأمر يطالبون ب«الدمج» باعتبار أن الأشخاص ذوي الإعاقة مواطنين مثل بقية المواطنين التونسيين. كما ذكر أعضاء المنظمة والفدرالية أن الفصل 44 لم ينص على مبدأ المساواة ودمج الأشخاص ذوي الإعاقة وهو ما ينجر عنه التمييز وهذا الأمر يتناقض مع مبدأ عدم التمييز. وأكدوا انه تم التخلي عن عبارة «من أي شكل من أشكال التمييز» وتعويضها بعبارة «من كل تمييز» بالإضافة إلى غياب مبدأ الإستقلالية الذي يضمن حماية كرامة الأشخاص ذوي الإعاقة وحريتهم لا سيما في اخذ القرار واحترام اختياراتهم وميولاتهم. رسالة الى «التأسيسي» عضو الفدرالية عماد الورتاني وجه رسالة إلى النواب مبينا أن ذوي الاحتياجات الخصوصية لم يفقدوا الأمل فيهم وينتظرون تعديلا في الفصل واقترحوا في هذا الصدد صياغة جديدة قدموها إلى المجلس وجاء فيها «تحمي الدولة الأشخاص ذوي الإعاقة من أي شكل من أشكال التمييز .لكل شخص ذي إعاقة الحق في الانتفاع حسب طبيعة إعاقته بكل التدابير التي تضمن له على أساس المساواة الدمج الكامل في المجتمع وتحقيق استقلاليته».وإن لم يقع تبني هذا المقترح فإن ذوي الإحتياجات الخصوصية يطلبون الحفاظ على الفصل 30 من دستور 1959 مع إدخال بعض التعديلات عليه. «لا تبرير لهذا التراجع» أستاذ القانون الدستوري قيس سعيد أكد أنه لا وجود لمبرر في التراجع عن حقوق ذوي الإحتياجات الخصوصية في الدستور. مضيفا أن الدستور لا بد أن يضمن المساواة ويعبر عن إرادة الجميع لا أن يعبر عن «الأقلية» التي صعدت إلى المجلس. وأضاف أستاذ القانون الدستوري أن المشكل في تونس أن التشريعات موجودة ولا تطبق لأنها توضع لتجميل النصوص وتسن من فوق أوتطبق بصفة جزئية .وصرح قيس سعيد أن البعض يظن أن الدستور سيكون «فتحا عظيما» وكأن تونس لن «يصيبها جفاف بعد صدوره».وفي هذا الصدد أكد سعيّد أنه لا يجب كتابة الدستور من «الفوق» وإلا ستكون القطيعة إذ لا بد من تنظيم تشريعات على المستوى المحلي وذلك في كل البلاد عن طريق لجان محلية تمكن المواطن من مساءلة النائب مباشرة.وأكد أنه ما «بني على الخراب لن يجني إلا الخراب». أستاذ القانون الدستوري شدد على ضرورة وضع تصور مختلف للبناء القادم في تونس حتى تضمن الحقوق وحتى لا يكون الدستور خدعة وقال «حان الوقت لقلب الساعة الرملية» والكف عن طرح القوانين كما «تعرض البضائع في المغازات في موسم التخفيض» .