طالب الأستاذ عمر الصفراوي المنسق العام للتنسيقية الوطنية المستقلّة للعدالة الإنتقالية في الملتقى العلمي الذي تعلّق بالتنقيحات المقترحة لمشروع قانون العدالة بضرورة حل وزارة حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية باعتبارها استولت على بعض صلاحيات المجلس الوطني التأسيسي في ما يخص قانون العدالة الانتقالية لتحلّ محلّها هيئة الحقيقة والكرامة. وأكد الصفراوي في مداخلته على أنّ تأخّر مسار العدالة الإنتقاليّة يعود إلى عدّة أسباب منها التشريعيّة المتمثّلة في تخلّي التأسيسي عن مهمّته وإيلائها لوزارة حقوق الإنسان التي بدورها استولت على صلاحيات المجتمع المدني وأخرى تتعلّق بعدم جاهزيّة القضاء فضلا عن المعوّقات السياسيّة المتمثّلة في طريقة تعاطي السلط السياسيّة القائمة مع ملف العدالة الإنتقاليّة خاصّة منها عدم جاهزيّة القضاء العسكري والعدلي وعدم قدرته على الإستجابة لاستحقاقات الثورة على حد تعبيره. لا لتحزيب العدالة الإنتقاليّة من جهته قدّم أمين غالي مدير البرامج بمركز الكواكبي للتحوّلات الديمقراطيّة في الملتقى العلمي الذي نظّمته التنسيقيّة الوطنيّة المستقلّة للعدالة الإنتقاليّة بالتعاون مع بعض مكوّنات المجتمع المدني أهمّ التنقيحات المقترحة لمشروع قانون العدالة الانتقاليّة مؤكّدا أنّ لهذا القانون اهميّة كبرى والتي تعلّقت أساسا بإدخال بعض التحسينات على مدّة عمل اللجنة والتركيبة واختيار الأعضاء وإعادة ترتيب مهام الهيئة وتحسين وصف مهام لجنة التحكيم وفهم مخرجات عمل اللجنة إضافة إلى تقديم التوصيات إلى الحكومة مؤكّدا انّه تمّ الإستئناس بخبرات أصحاب الإختصاص في العدالة الإنتقاليّة مشيرا إلى انّه لا حظ إستعدادا كبيرا لدى أعضاء المجلس التأسيسي للتعامل مع مشروع القانون. كما تطرّق غالي إلى المخاطر التي تهدّد مسار العدالة الإنتقاليّة وأوّلها تجزئة العدالة الإنتقاليّة ومحاولة إفراغها من مضمونها عبر قرارات الإعفاء والتعويض وعديد الإجراءات الأخرى التي ستجعل المسار يختصر على حفظ الذاكرة لا غير دون تحقيق العدالة إضافة إلى مسألة تحزيب العدالة الإنتقاليّة مشيرا إلى انّ العدالة الإنتقاليّة أهم بكثير من قانون تحصين الثورة ومؤكّدا على وجود آليات الفحص التي تجعلهم قادرين على إخراج هذه المخاطر دون مقاربة حزبيّة. أمّا قاسم عفيّة ممثّل الإتحاد العام التونسي للشغل فقد قال إنّه كان للإتحاد دور بارز في مسار العدالة الانتقاليّة من خلال تقديم المساعدة للتنسيقيّة وكذلك من خلال احتضان مقترحات المجتمع المدني والمساهمة فيها آملا من السلطات العليا أن تساهم في تجاوز تعطّل العدالة الإنتقاليّة نتيجة التجاذبات السياسيّة خاصّة منها المتجسّدة في تخليّها عن النظر في قانون الهيئة لصالح قانون تحصين الثورة والحال أنها أوسع وأشمل. عدم تجزئة مسار العدالة الانتقالية من جهته قال مصطفى بن جعفر خلال مداخلته ان قانون العدالة الانتقالية في طريقه الى العرض على تصويت نواب المجلس الوطني التأسيسي في فترة قريبة حاثّا اللجنة المختصة على إكمال تقريرها حتى يتسنى لمكتب رئاسة المجلس تحديد تاريخ لعرض القانون على الجلسة العامة مشيرا إلى انّ الشروع في إرساء مسار العدالة الإنتقاليّة بإقرار القانون سيجعل تونس تنضم الى قائمة الدول التي عرفت مسارات سياسية انتقالية واصلاحات هيكلية في العقود الاربعة الماضية. كما أكّد بن جعفر أنّ تونس تتطلّع الى وضع اللمسات الأخيرة لقانون العدالة الانتقالية من خلال النقاش الذي سيتم بالمجلس التأسيسي عند عرض القانون على المداولة ثم التصويت عليه في الجلسة العامة موضّحا أنّ المجلس الوطني التأسيسي سيسنّ في الفترة القادمة « قانونا أساسيا ينظم العدالة الانتقالية ويضبط أسسها ومجال اختصاصها»، بعد ان أشرفت وزارة حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية على إعداده بمشاركة تنسيقية الجمعيات والمنظمات والهيئات المعنية بالموضوع مشيدا بما سيقدّمه اللقاء من إضافة قد تعاضد جهود نواب المجلس الوطني التأسيسي في لعب دورهم في تعديل وتحسين نص مشروع القانون مشيرا إلى ضرورة توضيح عمل اللجان وهيئة الحقيقة والكرامة مؤكّدا على ضرورة عدم تجزئة مسار العدالة الانتقالية وعدم التمييز بين ضحايا الانتهاكات مهما كان انتماؤهم خاصّة منهم رجال الأعمال الذين ظلّوا في حالة «بين بين» ،على حدّ تعبيره ،ممّا خلّف ضررا على الدورة الاقتصادية في ظلّ التحدّيات الراهنة. انتقاد لتغييب منظّمة الأعراف أمّا وداد بوشماوي رئيسة منظمة الأعراف فقد انتقدت تغييب المنظمة عن الشؤون السياسيّة والاجتماعيّة وقالت ان على مشروع العدالة الانتقالية أن يكون بعيدا عن منطق التشفّي والمحاسبة الجماعية وتصفية الحسابات على غرار ما يحدث لرجال الأعمال اليوم مشيرة الى انّ المنظّمة عبّرت عن موقفها من هذا الملف رغم انّها لم تتلقّ بصفة رسميّة أيّة معطيات عن عدد المعنيين بهذا الإجراء. كما أوضحت انّ نجاح العدالة الإنتقاليّة مرتبط بنجاح عدّة جوانب أخرى خاصّة منها وضوح الإستحقاقات السياسيّة مثل الانتخابات والدستور وغيرها من المسائل التي أثّرت على مناخ الاستثمار في تونس مؤكّدة انّ الوضع الإقتصادي في البلاد صعب ويتطلّب إجراءات عاجلة.