عمر الصفراوي رئيس التنسيقية: "التأسيسي تنازل عن صلاحياته لوزارة فسحت المجال لعدالة انتقالية موازية - "أكد الأستاذ عمر الصفراوي رئيس التنسيقية الوطنية المستقلة للعدالة الانتقالية على ضرورة "ان نعترف أننا لم نكن في مستوى انتظارات شعبنا وآماله نتيجة أخطاء فادحة ارتكبت على مستويات مختلفة" في ما يتعلق بمسار العدالة الانتقالية. العدالة الانتقالية بعد الثورة من يتحمل مسؤولية تعطل مسارها؟ عمر الصفراوي رئيس التنسيقية: "التأسيسي تنازل عن صلاحياته لوزارة فسحت المجال لعدالة انتقالية موازية" أكد الأستاذ عمر الصفراوي رئيس التنسيقية الوطنية المستقلة للعدالة الانتقالية على ضرورة "ان نعترف أننا لم نكن في مستوى انتظارات شعبنا وآماله نتيجة أخطاء فادحة ارتكبت على مستويات مختلفة" في ما يتعلق بمسار العدالة الانتقالية. ولاحظ امس خلال ندوة علمية حول "مشروع قانون العدالة الانتقالية"، نظمتها التنسيقية بالاشتراك مع المعهد العربي لحقوق الإنسان والاتحاد العام التونسي للشغل والمفوضية السامية لحقوق الإنسان والشبكة الأورو متوسطية لحقوق الإنسان، أن الأخطاء يمكن ضبطها في مستويين يتعلق الأول بالمجلس الوطني التأسيسي والثاني بوزارة حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية. ولاحظ ان " التأسيسي تخلى عن صلاحياته في سن قانون العدالة الانتقالية يضبط أسسها ويحدد آلياتها طبق ما نص عليه الفصل 24 من القانون المتعلق بالتنظيم المؤقت للسلط العمومية، فتنازل عن هذه الصلاحيات لفائدة وزارة أحدثت للغرض بمقتضى أمر". أما على مستوى وزارة حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية، اكد الأستاذ عمر الصفراوي انه إذا ما وقع تجاوز "شكلية القانون عن الأمر، وأيضاً التخوفات الحقيقية من توظيف العدالة الانتقالية من طرف الوزارة لأغراض سياسية وانتخابية، فإنها لم توفق على الأقل على صعيدين اثنين اولهما" التنسيق مع المجتمع المدني ومع الوزارات ومؤسسات الدولة ذات الصلة بالعدالة الانتقالية، فلم تتحكم في كامل مسار العدالة الانتقالية" وهو ما ترك المجال على حد قوله " واسعا لعدالة انتقالية موازية تصدر عن مؤسسات وأجهزة تابعة للدولة، فترتب عن ذلك فقدان ثقة المواطن في أداء الوزارة ومقدراتها في إرساء منظومة عدالة انتقالية تستجيب للاستحقاقات الثورة وانتظارات الضحايا" الوزارة لم توفق أما على الصعيد الثاني فان الوزارة، كما جاء على لسان الصفراوي، :"لم تفلح في اتخاذ الإجراءات العادلة بخصوص شهداء الثورة وجرحاها بدليل ان الأهالي يطالبون الى اليوم بإعداد قائمة رسمية لشهداء الثورة وجرحاها". وفيما يتعلق بأداء المجتمع المدني ذكر الصفراوي انه " لم يكن بدوره موحدا فكانت مجهوداته مشتتة الامر الذي جعله غير قادر على المساهمة مساهمة فعلية وناجعة في تركيز منظومة العدالة الانتقالية" وقال :" قانون العدالة الانتقالية وأحداث هيئة عليا للحقيقة والعدالة والمصالحة يشكلان محطة تاريخية لتونس وبالتالي لا يجب "طي صفحة الماضي قبل قراءتها ومعرفة حقيقة ما جرى من انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان طيلة الحقبة الماضية" ثم على ضوء ذلك "إجراء المحاسبة قبل المصالحة وتكون المحاسبة في منأى عن التشفي والانتقام وطبق معايير تحدد مسبقا مع الحرص على توفير كافة ضمانات الدفاع من جهة وفتح المجال واسعا للمصالحة بعد اعتراف المذنب واعتذاره لكن شريطة رضا الضحية ومصادقتها على الصلح". تجاوز انتهكات الماضي وأشارت السيدة منى رشماوي مديرة قسم القاعدة القانونية وعدم التمييز بالمفوضية السامية لحقوق الإنسان، إلى أن "الوقوف على هذا الطرح اي على انتهاكات الماضي يعتبر من الأهمية بمكان فدون الوقوف مطولا على هذه الحقبات الزمنية لا يمكن التأمل في الحاضر والبناء للمستقبل". وأكدت أنه ولضمان عدم التكرار يجب كشف الحقيقة ومن ثمة المحاسبة وجبر الضرر ولا يكون ذلك إلا باعلاء القانون واحترام حقوق الإنسان دون تمييز أو إقصاء". وبين عبد الباسط بن حسن رئيس المعهد العربي لحقوق الإنسان، ان مؤسسات الدولة، والحكومات المنتخبة كذلك المجلس الوطني التاسيسي والمجتمع المدني والمواطنين يتحملون مسؤولية تحقيق هذا المسار" التشفي والانتقام بقي انه من الضروري الانتباه من ان تواصل التجاذبات والعنف والجدل من شانه ان "يفقد المرحلة ليس فقط مفهوم العدالة الانتقالية وإنما أيضا عدم إنجاح المسار الديمقراطي " كما اكد بن حسن، مضيفا بان " العمل على العدالة الانتقالية لم يكن هدفا تقنيا أو قانونيا بدرجة أولى وانما هو جزء من تصور يعبر عن الانتقال الديمقراطي في تونس الذي يجب ان يقوم على الحقوق والحريات، وهي بالتالي جزء من تصور في قلب عملية إصلاح القوانين وإقامة المؤسسات الديمقراطية وإصلاح مؤسسة العدالة والإعلام والمؤسسات التعدينية وأيضاً إقامة نمط جديد لأخلاقيات ممارسة السلطة التي تقوم على القيم واحترام الحريات" لكن الملاحظ وعلى حد قول الأستاذ بن حسن " هو جو التجاذب والصراع الذي بدأ يأخذ طريقه الى المجتمع بل ان العنف اصبح أمرا طبيعيا"؟ مؤكدا على ان "عملية الانتقال تتطلب الحوار والتفاوض الهادف لا كما هو متداول بمنابر الحوار الإعلامية، ذلك ان العدالة الاجتماعية، التشغيل، الصحة وغيرها من المواضيع بدأت تغيب تدريجيا بالرغم من أنها من المواضيع والأشكاليات الجوهرية، فما زلنا نطمع في وجود عدالة انتقالية تقطع مع الماضي ومع هذه الطريقة في بسط الإشكاليات ومعالجتها بالقطع مع الأجهزة الموازية، فإذا لم تفعل قوانين العدالة الانتقالية فسنقع بالضرورة مع كل آليات السلم الاجتماعية التي يتطلب إصلاحا سياسيا ومؤسساتيا، فالعدالة الانتقالية يؤمل منها الحماية من الخوف والحماية من الآفة كما بين رئيس المعهد العربي لحقوق الإنسان. الأجهزة الموازية عدة مداخلات أخرى صبت في ذات السياق وشملت عدة محاور من بينها مخاطر توظيف العدالة الانتقالية وخصائص الانتهاكات الجماعية بما فيها انتهاكات الحقوق الاقتصادية والاجتماعية فخلصت المداخلات سواء من قبل الخبراء الأجانب أو التونسيين الى جانب مكونات المجتمع المدني الى ان مسار العدالة الانتقالية مسار يتطلب نفسا طويلا وخطوات جدية تقطع مع ممارسات الماضي كما تطلب في نفس الوقت إرادة سياسية تفعل هذا المسار بعيدا عن أي تجاذبات ومحاصصات حزبية بتحييد المؤسسة القضائية والإعلامية. كما انه لا مجال للحديث عن العدالة الانتقالية إذا لم تؤخذ بعين الاعتبار الحقوق الاقتصادية والاجتماعية التي وقع انتهاكها في النظام السابق وخلفت التهميش والتفقير وبالتالي ضرورة إدراج هذه الحقوق في كامل المسار. تفرعت عن الندوة العلمية حول مشروع العدالة الانتقالية أربع ورشات عمل تناولت الأولى مبادئ العدالة الانتقالية، في حين تناولت الثانية نقاشا حول الهيئة العليا للحقيقة والعدالة والمصالحة، فيما تناولت الورشة الثالثة تطبيق قانون العدالة الانتقالية، أما الورشة الأخيرة فجاءت تحت عنوان "الأرشيف"، ومن المنتظر ان تنقاش اليوم التوصيات والملاحظات التي ستضمن في تقرير نهائي يعرض على كل الأطراف المعنية.