التونسية (تونس) انتقدت، أمس، مجموعة من منظمات المجتمع المدني المكونة لعهد تونس للحقوق والحريات النسخة الثالثة من مسودة الدستور وما جاء فيها من نصوص تعلّقت بالحقوق والحريات وذلك خلال ندوة صحفيّة بدار المحامي خصّصت لتقديم أعمال الخبراء حول مقارنة المسودّة بوثيقة عهد تونس للحقوق والحريات. وقال الأستاذ شوقي الطبيب عن الهيئة الوطنيّة للمحامين إنّ النخب السياسيّة في تونس تجمع على أن الصيغ الواردة في المسودّة الثالثة من الدستور تبعث على القلق والحيرة وانّ المنظّمات الحقوقيّة وغيرها من المؤسّسات القضائيّة والإعلاميّة والأمنيّة في تونس غير مطمئنّة على مستقبل حقوقها وحرياتها في ظلّ دستور يمسّ منها وينتهكها. وأكّد الطبيب انّ هيئة المحامين لا يمكن أن تكون إلا مع دستور يكرّس دولة مدنية وسلطة قضائيّة مستقلّة وفقا للمعايير الدوليّة ويحقّق المساواة بين المرأة والرجل والتوازن الجهوي ويضمن حقوق الدفاع ومبادئ المحاكمة العادلة وينصّ على المرجعيّة الكونيّة لحقوق الإنسان مشيرا الى انّ الهيئة ستكون بالمرصاد لكلّ محاولات الإلتفاف على هذه الحقوق بإنشاء «دستور يمنح الحقوق باليمنى ويسلبها باليسرى» على حدّ تعبيره. أمّا حفيظة شقير خبيرة بالمعهد العربي لحقوق الإنسان فقد أكّدت انّها من خلال إشرافها على مقارنة مسودّة الدستور بوثيقة عهد تونس للحقوق والحريات لاحظت أنّ حقوق المرأة هي أكثر الحقوق التي استهدفها الحزب الحاكم وذلك لضرب أسس الدولة الحديثة، على حدّ تعبيرها ، لتنتقد ربط كونيّة حقوق الإنسان بالخصوصيات الثقافيّة كما ورد في توطئة المسودّة وتعتبر انّ ذلك يهدف إلى تقييد الحقوق والحريات خاصّة منها حقوق المرأة والمساواة بينها وبين الرجل. وأوضحت شقير انّ كونيّة حقوق الإنسان تقتضي الإعتراف بكافّة الحقوق وتستوجب وحدتها مضيفة أنّه بإمكان الخصوصيّة الثقافيّة التي ستشكّل عائقا أمام الجنسين وبين المواطنين في ربطها بالكونيّة أن تكون مصدر إثراء وأساسا لتركيز حقوق الإنسان في ابتعادها عنها، الشيء نفسه الذي أكّد عليه وحيد الفرشيشي الذي أشار إلى انّه لا يمكن تجزئة حقوق الإنسان وانّ المسودّة الثالثة من الدستور تشهد تذبذبا على مستوى ترتيب الحقوق والحريات ولا تضمن صراحة البعض منها ليشير إلى التراجع عن بعض الحقوق التي أقرتها المسودّة الثانية من الدستور. من جانبه اعتبر عبد الستار بن موسى رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان أن غياب مبدإ حرية الضمير قد يؤدي لاحقا إلى نصب مشانق للتونسيين الذين يعتنقون ديانة أخرى غير الإسلام مشيرا إلى أنّ كلّ ما قدّمه المجتمع المدني بخصوص المرجعيّة الكونيّة لم يؤخذ بعين الاعتبار وألقي في سلّة المهملات. امّا عبد الباسط بن حسن مدير المعهد العربي لحقوق الإنسان فقد قال أن منظّمات المجتمع المدني مسؤولة على إيصال التفسيرات المتعلّقة بمسودّة الدستور إلى مختلف الطبقات الشعبيّة ليكون الحوار شاملا ويؤسّس للمرحلة الإنتقاليّة مؤكّدا انّ وثيقة عهد تونس للحقوق والحريات تحوّلت من قوّة إقتراح إلى عمل جماعي للتأثير في صياغة الدستور مضيفا انّ بعض نواب المجلس الوطني التأسيسي طالبوا بدسترتها. كما اشار بن حسن إلى انّ انطلاق مسودّة الدستور بورقة بيضاء يشكل خطرا لأنّ فيها محوا للذاكرة وللتراث الحضاري وفيها نزع لامكانيّة تجاوز التجاذبات المبنيّة على المصالح. من جهته قال مروان الشريف ممثلا عن الإتحاد العام التونسي للشغل إنّ الإتحاد عبّر عن موقفه من الدستور عديد المرات وانّه يرفضه لانّ هذا الأخير لا يؤسّس لدولة ديمقراطيّة إجتماعيّة تحترم الحقوق والحريات العامّة والفرديّة ولم يأخذ بعين الإعتبار مقترحات المجتمع المدني والإتحاد مضيفا أنّ مشروع الدستور الذي قدّمه الإتحاد لاقى استحسان عديد الخبراء وأسّس للحوار الإجتماعي والحق النقابي.