بعد ان اعلنت العريضة الشعبية عن حل نفسها رسميا أكد انصارها على صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «الفايس بوك» اعتزامهم تنفيذ اعتصام مفتوح تحت عنوان «اعطيني حقي» بولاية «سيدي بوزيد» اليوم للمطالبة برفع الإقصاء السياسي والكف عن وضع العراقيل و«تفصيل» القوانين على مقاس الاحزاب الحاكمة في محاولة لدحرها من المشهد السياسي لما تشكله من خطر على منافسيها في الانتخابات المقبلة على حد تعبيرهم. ويذكر ان العريضة الشعبية كانت مفاجأة الانتخابات الأخيرة باحتلالها المرتبة الثانية إلا انها تعرضت الى العديد من المشاكل أولها اسقاط مقعدين لها في باريس ثم انسحاب 11 نائبا من صفوفها والتحاقهم بأحزاب اخرى لتتواصل عملية الانسلاخات على غرار التحاق ابراهيم القصاص بنداء تونس وحنان ساسي بالاتحاد الوطني الحر وغيرها... ولم يخف اعضاء العريضة طيلة الفترة المنقضية امتعاضهم من تغييبهم اعلاميا وتعمد اقصاء قائدهم الهاشمي الحامدي على حد قولهم حتى ان البعض وصفها بالمؤامرة الممنهجة للقضاء عليها. وفي ظل ما وصفوه بالمؤامرة والصمت السياسي ازاء حلها تحدثت «التونسية» الى بعض الاطراف السياسية فكان الريبورتاج التالي. اكد «ايمن الزواغي» عضو العريضة الشعبية ان هناك مؤامرة حبكت ضدها من طرف كل الحساسيات السياسية بما فيها المعارضة، مضيفا ان الحراك السياسي اليوم يرفض التعددية الحزبية ويتعمد التعامل بعقيلة الاقصاء لحسابات حزبية ضيقة. واعتبر «الزواغي» ان العريضة تعرضت الى مظلمة ممنهجة منذ الانتخابات الفارطة عندما فوجئ الجميع بحصولها على مرتبة محترمة، مشيرا الى انه وقع تجاهلها في مختلف المواضيع وإقصائها من المنابر الاعلامية وخاصة التلفزة الوطنية على حد تعبيره. وبين «الزواغي» ان العريضة لا تضم رجال اعمال يحركون الساحة السياسية على غرار بعض الاحزاب الأخرى ولا تدعمها سفارات اجنبية وذنبها الوحيد انها قريبة من حيث برامجها لمشاغل الشعب ومبادئ الثورة. وقال «الزواغي» ان التوافق بين الاحزاب التي تدير المشهد السياسي الحالي لم يتحقق الا في إزاحة وحل العريضة الشعبية من الخارطة السياسية. وأوضح «الزواغي» ان ابناء العريضة تعرضوا الى مختلف اشكال الهرسلة وصل حد شعورهم بالغربة في بلدهم، مضيفا ان هذا الاحساس تأكد منذ ان رفع النشيد الوطني عند الإعلان عن اسقاط قائماتها ظلما. وأشار «الزواغي» الى ان النخبة السياسية الحالية يستند اغلبها الى شرعية المال السياسي الفاسد في حين يستند البعض الآخر الى سيطرة السفارات الاجنبية التي فرضت ظهورهم في وسائل الاعلام، مشددا في السياق ذاته على عدم وجود سياسيين يقوم عملهم على التواضع لله والشعب فقط. مؤامرة من جهته قال «رضا بالحاج» عضو حركة نداء تونس ان الخلافات الداخلية التي شهدتها العريضة الشعبية قضت على مستقبلها السياسي بالرغم من انها تحصلت على مرتبة محترمة لم تكن في الحسبان في الانتخابات الأخيرة. وأضاف «بالحاج» ان الفصل 72 من مسودة الدستور الذي يؤكد على ضرورة ان تكون جنسية رئيس الجمهورية تونسية فضح بعض النوايا، مبرزا في الان ذاته وجود حسابات سياسية ضيقة للتخلص من العريضة الشعبية قائلا «هذا الفصل موجه بالتحديد الى رئيس العريضة الهاشمي الحامدي». وأوضح «بالحاج» ان الاحزاب الحاكمة تسعى بكل ما اوتيت من جهد الى افراغ الساحة السياسية من المنافسين على غرار «الهاشمي الحامدي» و«الباجي قائد السبسي» من خلال سن قوانين على مقاسها كتحديد سن الترشح مثلا والحال ان هذا القانون معمول به في سبع دول فقط غير ديمقراطية. ليست بالحزب أما «روضة العبيدي» عضو حركة «النهضة» فقد ارجعت انسحاب العريضة الشعبية من المشهد السياسي الحالي الى عجزها في المحافظة على هياكلها، مشيرة في الان ذاته الى عدم وجود تماسك وانسجام بين نوابها. وقالت «العبيدي» ان ظاهرة التململ التي عاشتها العريضة الشعبية فرضتها طبيعة المرحلة التي تتطلب حنكة سياسية في عملية التشكل والبناء. من جهة أخرى بينت «العبيدي» ان العريضة الشعبية لم تقدم كحزب وليس لها تأشيرة قانونية قبل الانتخابات بل هي مجموعة من القائمات المستقلة، مضيفة ان صياغة الفصل 72 من الدستور لم تكن موجهة الى شخص «الهاشمي الحامدي» ولا تستهدف اشخاصا ولا احزابا معينة بل مقتضيات المرحلة تتطلب ان يكون ولاء رئيس الجمهورية لبلاده فقط. وأعربت «العبيدي» عن املها في اعادة بناء وهيكلة العريضة الشعبية ولملمة صفوفها قائلة «نحن نرحب بالتعددية السياسية ونحترمها»، كما عبرت عن رغبتها في اتساع الحلقة السياسية لمختلف الحساسيات بما يساهم في اثرائها ونضج العمل صلبها. ظاهرة سياسية في السياق ذاته قال «محمد بنور» الناطق الرسمي لحزب التكتل ان العريضة الشعبية برزت في الانتخابات الأخيرة كظاهرة وليس كحزب سياسي مبني على مؤسسة حزبية قادرة على الحفاظ على نوابها. وأضاف «بنور» ان الرأي العام لم يعرف من العريضة الشعبية إلا باعثها وبعض النواب نظرا لعدم امتلاكها مجلسا وطنيا ولا مكتبا اعلاميا. واعتبر «بنور» ان العريضة الشعبية ظاهرة طريفة ليس لها مثيل في التجارب السياسية الاقليمية المعروفة ،مشيرا الى ان نجاحها في الانتخابات الأخيرة فاجأ نوابها في حد ذاتهم باعتبار انها خرجت من عدم. ونفى «بنور» تعرض العريضة الشعبية لمؤامرة من أي طرف كان، قائلا «هذه الظاهرة كما برزت اندثرت». واعتبر «بنور» ان ما وصفه بالسياحة النيابية أو «الميركاتو» السياسي يطرح مسالة سياسية أخلاقية ويقضي على الجدية في مواكبة الحراك السياسي بما من شانه ان يثير مشاكل داخلية صلب الاحزاب ويقضي على تماسكها ويضعف قدرتها على مواجهة متطلبات المرحلة الانتقالية. ضعف الهياكل الداخلية من جهته قال القيادي في حزب المؤتمر «الهادي بلعباس» ان اندثار العريضة الشعبية أو غيرها من الاحزاب من الساحة السياسية يعد خسارة للبلاد بقطع النظر عن المحتوى والتوجهات. وأضاف «بلعباس» ان ضعف الهيكل الداخلي لها يعد السبب الرئيسي لاندثارها مشيرا في السياق ذاته الى ان باعثها اتخذ قرار الانسحاب من المشهد السياسي عن طيب خاطر وبالاتفاق مع اعضائه وقد اعلن ذلك عبر وسائل الاعلام. وطالب «بلعباس «اعضاء العريضة بتقديم الدلائل التي تفيد بوجود مؤامرة او تواطؤ من أي جهة كانت لإقصائهم من العمل السياسي، واصفا ظهور احزاب واندثار اخرى بالأمر الطبيعي سيما وان عملية الانتقال الديمقراطي في تونس تشوبها بعض الصعوبات مما دفع الاحزاب الكبرى إلى البحث عن الانصهار في ما بينها. مجموعة من المرتزقة أما «علي جلولي» عضو القيادة الوطنية لحزب العمال فقد اعتبر ان ظهور قائمات العريضة الشعبية في الانتخابات الفارطة هو أقرب الى الظاهرة أو الفقاع، قائلا انها فاجأت الجميع بفوزها بعدد هام من المقاعد. وبين «جلولي» أن هناك عوامل ساعدتها في ذلك أولها الاضطراب الحاصل عند المنتخبين بحكم وفرة القائمات وتقارب البرامج الانتخابية بما عسّر الاختيار لدى عدد كبير من الناس، اضافة إلى بث قناة «المستقلة» لخطاب شعبوي والتوجيهات اليومية للهاشمي الحامدي وهي فرصة لم تتح لغيره على حد تعبيره. وارجع «جلولي» اندثار العريضة الشعبية الى عدم الاستناد الى برامج ومرجعيات واضحة مما جعل كتلتها النيابية أقرب الى «مجموعة مرتزقة» عرضت نفسها لمن يدفع أكثر، مضيفا ان هذا الامر أساء للسياسة والسياسيين. من جهة أخرى اكد «جلولي» ان نواب العريضة لعبوا دورا كبيرا في تحويل المجلس التأسيسي الى «ميركاتو» للبيع والشراء قائلا «العريضة أشخاص وتوجهات هي من الظواهر العرضية الهجينة التي يمكن ان توجد خاصة في اوضاع انتقالية مثل أوضاعنا وعينة من عينات عقلية الاستثمار في السياسة». وأوضح «الجلولي» أن العريضة ظاهرة مؤقتة انفضح حالها بتجذر الوعي ومزيتها الوحيدة هي تأشيرها على عمق الازمة التي تمر بها البلاد.