هي قصة ذات شجون حيكت فصولها ونهايتها بطريقة حزينة لكن تبيّن لاحقا ان هناك امتدادا للنهاية وان هناك حقائق حجبت قد ترسم صورة أجمل لهذه القصة بعثت الامل لبطليها وجعلتهما يأملان أن يجمعهما قادم الأيام بمن أحبا رغم مرور سنوات طويلة على الفراق لأسباب خارجة عن نطاقهما. الصدفة وحدها قادتنا لمعرفة اطوار هذه الحكاية التي بلغت مسامع المتضرر الذي منذ ان علم بالحقيقة بات هاجسه الوحيد هو الوصول الى ابنه الذي حرم منه. حقيقة مدوية... حسب ذكر محدثنا فإنه منذ ان علم ان زوجته حاملا بقي يعد الايام ليفرح بإطلالة مولوده لكنه علم بعد تقدم الحمل ان زوجته حامل بتوأم من جنس الذكور وبقي ينتظر أوان الوضع وفي يوم 15 جويلية 1994 داهمت زوجته آلام المخاض فقام بنقلها على جناح السرعة إلى أحد المستشفيات بالعاصمة لتضع مولوديها غير انه اثناء الولادة وقعت بعض التعقيدات مما اضطر الاطار الطبي الى إجراء عملية قيصرية ووضعت طفليه اللذين طالما انتظرهما. وبعد ان اطمأن على صحة والدتهما سارع برؤيتهما بعد ان تم وضعهما تحت رعاية خاصة فيما بقيت الأم بمفردها وقد اختارا لهما والدهما من الاسماء «ريان» و«رضوان» وكانت حالتهما الصحية عادية... بعد أربعة او خمسة ايام وأثناء توجهه لزيارتهما فوجئ الأب بالطبيبة تعلمه ان احد طفليه وهو «ريان» توفي. تملكت محدثنا الدهشة خاصة انه لم يلحظ على طفليه أية علامات وهن ورغم ذلك فقد تحامل على نفسه وصبر على محنته وطلب من الطبيبة تمكينه من الوثائق اللازمة حتى يقوم بإجراءات الدفن لكنها أعلمته ان المستشفى تكفل بالأمر وقام بالإجراءات الخاصة. لم يشك في تلك اللحظة في أي شيء إذ كان هاجسه كيفية إعلام زوجته بالأمر خاصة وأنها وقتها مازالت تعاني من متاعب جراء الولادة لكنه بدأ ينقل لها الخبر تدريجيا اذ اعلمها في البداية ان ابنهما ريان مريض وانه في حالة خطيرة ليعلمها لاحقا بهلاكه. كانت صدمتها عنيفة اذ انخرطت في موجة من البكاء واحتضنت ابنها رضوان بحرارة وغادرت المستشفى بعد خمسة عشرة يوما وكلها ألم على وفاة رضيعها الذي لم تتمتع عيناها برؤيته ولو للحظات لأنها كانت مريضة. مرت الايام وبدأ رضوان يكبر. كان في كل يوم يذكرها برضيعها المتوفي الذي لم تستطع نسيانه وبقي عالقا بذكرياتها ووجدانها الى ان كانت الصدفة التي ادخلت الشك لدى محدثنا والذي جعلته شبه متأكد ان ابنه على قيد الحياة. ذلك انه بعد 18سنة من هذه الواقعة الأليمة تراءى له ان يستخرج مضمون ولادة لابنه ريان فاكتشف انه مسجّل بالبلدية وانه على قيد الحياة. كانت المفاجأة فوق طاقة احتماله اذ بقي مندهشا: ما عساه يفعل للتأكد من الحقيقة؟ وقرّر بعد طول تفكير التوجه الى بلدية الجلاز للتأكد ان كان ابنه مسجلا بدفتر الوفيات الا انه لم يعثر على هويته ضمن القائمة وهو ما ادخله في دوامة من الأسئلة حول مصير ابنه؟ أين هو الآن؟ لماذا أعلمته الطبيبة انه فارق الحياة في حين ان الحقيقة عكس ذلك ؟ لماذا تم التحيل عليه ؟ وهل انه امام حالة تبني ضمني اي ان ابنه قد تم تسليمه الى احدى العائلات لكي تتبناه في حين انه كان يعلم انه فارق الحياة ؟ هذه الأسئلة وغيرها باتت تقضّ مضجع هذا الأب الذي اختلطت عنده المشاعر بين الفرح لوجود ابنه حيّا وبين الحزن لأنه تم التلاعب به على مدار ثمانية عشرة سنة كاملة وهو الآن مقرّر العزم على كشف الحقيقة والأطراف المتورطة في هذا التلاعب وهاجسه الوحيد هو الوصول الى ابنه حتى يجتمع شمل الأسرة ثانية وهو يتوجه بنداء الى النيابة العمومية لفتح بحث في الواقعة لمعرفة ملابساتها ومحاسبة الأطراف المورطة فيها حتى يهنأ باله ويصل الى مكان وجود ابنه.