بقلم: نزار النصيبي (منسق تيار المحبة) ان الثورة حراك تقوم به الشعوب لتتحرر من الظلم والاستبداد لتعبر عن أشواقها للحرية والعدل والكرامة، وللقطع مع ممارسات النظام السائد. لقد كانت ثورة 17 ديسمبر عفوية وبلا قيادات ، قام بها الشباب ليعبر عن رفضه للواقع الذي كان يعيشه ، حيث انتشرت مظاهر الفساد والمحسوبية وتنامت الفوارق بين الجهات وأصبحت الثروة تتحكم فيها فئة قليلة من الشعب التونسي مستخدمة ولاءها لاركان النظام السابق، مما خلف شعورا بالغبن والتهميش والحقرة لدى طيف كبير من الشعب التونسي. لقد رفع المحتجون في البداية شعارات تنادي بمطالب اجتماعية كالتشغيل والتنمية العادلة بين الجهات ... ولما تجاهلها النظام السابق واراد اخماد هذا اللهيب المشتعل تحولت هذه الشعارات الى اخرى تطالب باسقاط النظام الذي تهاوى بهروب الرئيس السابق يوم 14 جانفي . لقد نجحت الثورة في الاطاحة بالنظام السابق بلا قيادات أو احزاب تؤطرها او توجهها كما انها غيرت الوضع في تونس واثثت الساحة السياسية العديد من الاحزاب بعد ان كان النشاط السياسي مكبلا ويخضع لشروط تستجيب لمصالح النظام السابق، وكنتيجة لذلك فان المرحلة الانتقالية الاولى لم تقطع نهائيا مع الماضي بما انها تمت تحت اشراف بعض اركان النظام السابق اعتماد على ما اطلق عليه انذاك «السياسة التوافقية». شهدت المرحلة الانتقالية الاولى تجاذبات سياسية حادة انتهت باستبعاد خيار اللجوء الى تعديل الدستور واجراء انتخابات رئاسية وتشريعية مبكرة، وتم اعتماد خيار الغاء دستور 59 وانتخاب مجلس وطني تاسيسي يكتب دستورا جديد للبلاد التونسية ، عندئذ دخلت الاحزاب في صراع مع الوقت من أجل تحقيق الفوز في انتخابات المجلس الوطني التاسيسي التي تمت في 23 اكتوبر 2011 والمشاركة في كتابة الدستور الجديد تحت شعار «تحقيق اهداف الثورة». واليوم أطرح السؤال التالي : هل حققت الاحزاب التي لم تشارك في الثورة ونجحت في انتخابات المجلس الوطني التاسيسي أهداف الثورة ؟ ان هذا السؤال يهم اساسا الحزب الحاكم، حزب حركة «النهضة» وشركاءه في الترويكا حزب «التكتل» و«المؤتمر من أجل الجمهورية»، لان الجزء الاكبر من المسؤولية عن الوضع الذي تعيشه بلادنا في هذه المرحلة الانتقالية الثانية، التي طال امدها، يتحمله الائتلاف الحاكم دون ان نغفل عن الدور السلبي لبعض اطراف المعارضة التي لم تكن في مستوى تطلعات الشعب التونسي. ان الاوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية الصعبة التي تعيشها بلادنا اليوم اثبتت ان الاحزاب التي استفادت من مناخ الحرية الذي تحقق بفضل ثورة 17 ديسمبر، لم تضف شيئا لهذه الثورة، بل حادت بها عن مسارها وأضحت اشواق التونسيين للحرية والتنمية العادلة بين الجهات وتحقيق العيش الكريم وهما وسرابا. ان التجاذبات السياسية الحاصلة اليوم والتي تجلت من خلال الاختلافات العلنية والسرية بين الاحزاب، داخل وخارج قبة المجلس الوطني التاسيسي، عطلت الانتهاء من كتابة دستور يترجم اشواق الشعب التونسي الابي لتحقيق اهداف الثورة، وادت بالتالي الى اطالة مدة المرحلة الانتقالية الثانية وما يرافقها من ارتفاع منسوب الانعكاسات الخطيرة الناجمة عن ذلك. ان الاحزاب السياسية خذلت الثورة، وتونس اليوم في حاجة الى زعيم وطني يترجم العدالة الاجتماعية ومبدأ الانحياز للفقراء في سياسات عملية تغير حياتهم وتقيم العدل في البلاد، وعليه فان تيار المحبة، بقيادة الزعيم الوطني الدكتور محمد الهاشمي الحامدي، يرمز لما تحتاجه تونس اليوم وخيار اضافي امام التونسيين. التونسي امامه النهضة وحلفاؤها، وامامه نداء تونس واليسار واحزاب اخرى، وامامه تيار المحبة ان اراد. تونس في حاجة لهذا الخيار ، لانه الوحيد الذي يتبنى برنامجا عمليا لتحقيق اهداف الثورة التونسية، وخاصة من خلال الصحة المجانية ومنحة البحث عن عمل للعاطلين عن العمل، ومساندة الفقراء والمهمشين لدخول السوق وبعث مشاريع صغرى ومتوسطة تضمن لهم دخلا كريما، وتوحيد كلمة الشعب وضمان حياد الادارة التونسية والتركيز على العلوم والتقنيات المعاصرة للمساهمة في صناعة الحضارة المعاصرة. تونس تحتاج تيار المحبة لانه الوحيد الذي يعتز بالمرجعية الاسلامية باعتدال ومحبة، ويجمع بينها وبين التجربة الغربية المعاصرة في ادارة الدولة وسياسة الضمان الاجتماعي ويلخص ذلك كله في شعاره الجميل وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه».