طغت أمس أحداث مصر وسقوط حكم الإخوان على سير النقاش العام حول مشروع الدستوربالمجلس الوطني التأسيسي. وتباينت مواقف النواب واختلفت بين مبارك للشعب المصري بعزل محمد مرسي وبين ساخط ومعتبر أن ما حدث في مصر ما هو إلا انقلاب عسكري وهو الموقف الذي تبنته كتلة حركة «النهضة». فقد استغل نواب المجلس الوطني التأسيسي النقاش العام حول مشروع الدستور ليكون مدخلا ومنطلقا لإثارة الحدث الهام وهو الاطاحة بحكم الإخوان في مصر، ولئن بارك نواب الأحزاب المعارضة هذا الحدث ووجهوا عبارات التهاني إلى الشعب المصري، فإنهم لم يفوتوا الفرصة لكي ينتقدوا حركة «النهضة» ويذكرونها بأن مآلها سيكون مآل الإخوان في مصر بل هناك من النواب من ذهب إلى أبعد من ذلك وبشّر حركة «النهضة» بأنها ستكون في عداد «المخلوعين» وأن أنصارها سيصبحون أزلاما، الأمر الذي أثار استياء نواب كتلة «النهضة». دعوة لاستخلاص العبرة فقد اعتبر النائب عن حزب «نداء تونس» محمد علي النصري أن دستور تونس الجديد هو دستور باطل، مشيرا إلى أن مصيره سيكون مثل غيره من الدساتير التي وقع تزويرها. وقدّم في هذا السياق مثال مصر وما حدث مؤخرا بعزل محمد مرسي ووجه بالمناسبة تحية إلى الشعب المصري الذي ذكر أنه أعاد الأمور إلى نصابها وعاقب الفاشلين المتربصين بمصر على حد تعبيره. وأضاف أن ما حدث في مصر هو حلقة من حلقات استكمال الثورة، مشيرا إلى أنها لم تنته أيضا في تونس وأن الشعب التونسي قادر على صنع مستقبله. كما أكد أن ما يتم الترويج له عن اختلاف الوضع بين مصر وتونس مغلوط ذلك لوجود تشابه بين البلدين يتمثل حسب قوله في تعنت الحزب الحاكم وتفرّده بالرأي وتنكره لآلام الشعب وأوجاعه وهو يغنم من مغانم الثورة في حين يرزح السواد الأعظم من الشعب تحت الفقر والظلم. ودعا محمد علي النصري في ختام حديثه إلى استخلاص العبرة ممّا يحدث في مصر وذكّر حركة «النهضة» والترويكا الحاكمة أن مرسي أصبح مخلوعا وأنصاره أزلاما، مشيرا إلى أن ذلك سيكون في القريب في تونس «لمن يحكمون اليوم وستدورعليهم الأيام» ثورة تونس لا تزال مستمرة من جهته قال النائب عن «حركة الشعب» محمد براهمي إن الانتخابات اجراء ديمقراطي لكنها صورة فوتوغرافية محددة في الزمان والمكان، مشيرا إلى أن من يحاول أن يؤبّد هذه الصورة لا يفهم التاريخ ولم يفهم التاريخ. وأضاف أن الأغلبية التي منحها الشعب يوم 23 أكتوبر إلى حركة «النهضة» محدودة في الزمان والمكان، منبّها حركة «النهضة» قائلا «إن أردتم الاستناد عليها لكي تمرروا ما تريدون في هذا الدستور وتمرروا آراءكم وفق منطق استبدادي فهذا لا يمكن أن يمر بشكل من الأشكال والثورة لا تزال مستمرة ولعل ما يحدث في مصر الآن خير مثال». ووجّه براهمي تحية إلى الشعب المصري الذي قال إنه نسج لوحة رائعة في تاريخ الثورة على منوال الشعب التونسي واستلهم العبرة منه في ثورة 14 جانفي، مؤكدا أن الشعب التونسي سيستلهم العبرة من الشعب المصري هذه المرة. «النهضة» تتعاطف مع مرسي وقد استفزت مداخلة محمد براهمي، نواب حركة «النهضة» الأمر الذي دفع بالنهضوي عادل عطية إلى رفع صورة مرسي داخل الجلسة العامة معتبرا أن ما حدث في مصر يعد انقلابا عسكريا وأن الديمقراطية لا تأتي على دبابة. وفي تصريح خص به «التونسية» قال عطية إن ما حدث في مصر هو انقلاب مغلف بغلاف تيوقراطي بمباركة البابا ومشيخة الأزهر، مشيرا إلى أن ما حدث في مصر هو أسوء أنواع الانقلاب على الشرعية والديمقراطية. وأضاف أنه ليس لحركة «النهضة» تخوفات لأن الواقع التونسي يختلف عن الواقع المصري كما أكد أنه ما دامت حركة «النهضة» تعتمد على الآليات الديمقراطية فإنه من المستبعد أن يتكرر سيناريو مصر في تونس.