السلطات الفرنسية تبحث عن سجين أطلق سراحه عن طريق الخطأ    انفجارات عنيفة تهز مدينة حلب السورية    عاصفة رملية كثيفة تجتاح السعودية والعراق وقطر    في شهر جوان.. 3 مباريات ودية للمنتخب التونسي    الكرة الطائرة.. الترجي يتأهل الى نهائي الكاس    القيروان.. البرد يتسبب في اضرار بمحاصيل الحبوب والاشجار المثمرة    القصرين.. حجز 2147 قرصا مخدرا بحوزة شخصين على متن سيارة    صفاقس : عودة متميزة لمهرجان سيدي عباس للحرف والصناعات التقليدية في دورته31    بنزرت: إلغاء إضراب أعوان الشركة الجهوية لنقل المسافرين المبرمج ليوم الأربعاء 07 ماي    مهرجان محمد عبد العزيز العقربي للمسرح...دورة العودة والتجديد و«ما يراوش» مسك الختام    لأول مرة في السينما المصرية/ فيلم يجمع هند صبري بأحمد حلمي    إلزام الناشرين الأجانب بإرجاع كتبهم غير المباعة إجراء قانوني    وفاة 57 طفلا والمأساة متواصلة ... غزّة تموت جوعا    هبة يابانية    نسبة التضخم تتراجع الى مستوى 6ر5 بالمائة خلال شهر أفريل 2025    قابس: مستثمرون من عدّة دول عربية يشاركون من 07 الى 09 ماي الجاري في الملتقى العربي للاستثمار السياحي والاقتصادي بقابس    شراكة تونسية قطرية لتعزيز القطاع الصحي: 20 وحدة رعاية صحية جديدة خلال 3 أشهر    الحماية المدنية تنبّه من الممارسات التي تساهم في اندلاع الحرائق    عاجل/ إعلام إسرائيلي: تم تدمير ميناء الحديدة في اليمن بالكامل    زغوان: رفع 148 مخالفة اقتصادية وحجز أكثر من 22 طنّا من السكر المدعم    بطولة الرابطة الأولى: برنامج الجولة الأخيرة لموسم 2024-2025    الجمعية التونسية للزراعة المستدامة: عرض الفيلم الوثائقي "الفسقيات: قصة صمود" الإثنين    ثلاث جوائز لتونس في اختتام الدورة 15 لمهرجان مالمو للسينما العربية    بطولة الرابطة المحترفة الثانية: ايقاف مباراة الملعب القابسي ومستقبل القصرين    انخفاض أسعار البطاطا في نابل بفعل وفرة الإنتاج والتوريد    عاجل/ نتنياهو: هجوم جديد ومُكثّف على غزّة وسيتم نقل السكّان    أريانة: سرقة من داخل سيارة تنتهي بإيقاف المتهم واسترجاع المسروق    آلام الرقبة: أسبابها وطرق التخفيف منها    سعر "علّوش العيد" يصل 1800 دينار بهذه الولاية.. #خبر_عاجل    محمد رمضان يشعل جدلا على طائرته    تتمثل في أجهزة التنظير الداخلي.. تونس تتلقى هبة يابانية    الدورة الاولى لتظاهرة 'حروفية الخط العربي' من 09 الى 11 ماي بالقلعة الصغرى    عاجل/ رفض الإفراج عن هذا النائب السابق بالبرلمان..    عاجل - سيدي حسين: الإطاحة بمطلوبين خطيرين وحجز مخدرات    مجلس نواب الشعب : جلسة عامة غدا الثلاثاء للنظر في اتفاق قرض بين تونس والبنك الإفريقي للتنمية    بوفيشة: احتراق شاحنة يخلف وفاة السائق واصابة مرافقه    الرّابطة الثانية : برنامج مباريات الدُفعة الثانية من الجّولة 23.    في قضية مخدرات: هذا ما قرره القضاء في حق حارس مرمى فريق رياضي..#خبر_عاجل    المديرة العامة للمنظمة الدولية للهجرة في زيارة عمل إلى تونس بيومين    تونس تحصد 30 ميدالية في بطولة إفريقيا للمصارعة بالدار البيضاء منها 6 ذهبيات    دوار هيشر: 5 سنوات سجناً لطفل تورّط في جريمة قتل    تصنيف لاعبات التنس المحترفات: انس جابر تتراجع الى المرتبة 36    قيس سعيّد يُجدّد دعم تونس لفلسطين ويدعو لوحدة الموقف العربي..    عاجل/شبهات تعرّض سجين للتعذيب ببنزرت: هيئة المحامين تُعلّق على بلاغ وزارة العدل وتكشف..    عاجل -فلكيا : موعد وقفة عرفات وعيد الأضحى المبارك 2025    تقلبات جوية متواصلة على امتداد أسبوع...تفاصيل    انطلاق امتحانات البكالوريا التجريبية..    كل ما تحتاج معرفته عن ''كليماتيزور'' السيارة ونصائح الاستعمال    بطولة مدريد المفتوحة للتنس للأساتذة: النرويجي كاسبر رود يتوج باللقب    باكستان تصعد حظرها التجاري ضد الهند    هام/ بالأرقام..هذا عدد السيارات التي تم ترويجها في تونس خلال الثلاثي الأول من 2025..    الفول الأخضر: لن تتوقّع فوائده    هام/ توفر أكثر من 90 ألف خروف لعيد الاضحى بهذه الولاية..    الدورة الاولى لصالون المرضى يومي 16 و17 ماي بقصر المؤتمرات بتونس العاصمة    تونس: مواطنة أوروبية تعلن إسلامها بمكتب سماحة مفتي الجمهورية    الأشهر الحرم: فضائلها وأحكامها في ضوء القرآن والسنة    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    أولا وأخيرا: أم القضايا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المفكّر والأستاذ الجامعي المنصف ونّاس ل«التونسية»: هذه حقيقة ما حدث في مصر.. والدور القادم على تركيا
نشر في التونسية يوم 12 - 07 - 2013

التونسية (تونس)
«المنصف ونّاس»أستاذ جامعي ،ومفكرّ وهو كذلك باحث بجامعة تونس، وصاحب العديد من المؤلفات والبحوث التي تهتم بسوسيولوجيا الدولة والمجتمع، قدّم من خلال كتابه الأخير «الشخصية التونسية» تحليلا عميقا للشخصية التونسية، معتبرا إياها إستثنائية وقادرة على التحمل والصبر والمهادنة والإندماج.
ضيفنا في حوار اليوم وبحكم إهتمامه العميق بالشأن العربي كشف ل«التونسية»في حوار مطوّل ان ما يحصل في مصر كان بموافقة أمريكية ولم يستبعد وجود أياد أمريكية إسرائيلية في الثورة الثانية في مصر،مدينا التدخل العسكري في الشأن السياسي، داعيا الى عدم إقصاء الإخوان المسلمين لأن الإقصاء سيجر المنطقة الى مربع العنف والخراب.
وأكدّ أيضا ان سوريا تعرضت الى مؤامرة وانه لولا الصمود السوري لطال مخطط الجزائر وعديد الدول الأخرى.
د.وناس تحدّث أيضا ل«التونسية» عن تقييمه لأداء المسلمين في السلطة، وموقفه من المديونية ورايه في سياسة الإقتراض التي تتبعها الدولة.
حاورته: بسمة الواعر بكات
كمهتّم بالشأن العربي، كيف تقيّم ما يحدث في مصر وهل من الممكن أن يؤثر ذلك على الأوضاع في تونس؟
من الصعب ان يحصل تغيير سياسي كبير في مصر دون علم إسرائيل والإدارة الأمريكية، وبالتالي أستبعد أن يكون ما حصل لم يحظ بموافقة أمريكية، كما أشير الى انه اليوم وصلب الإدارة الأمريكية هناك مراجعة عميقة لعلاقة الولايات المتحدة بالإسلام السياسي ،وحسب المعلومات التي تسرّبت منذ مارس الفارط فإن هذه المراجعة أشرف عليها شخصيا وزير الخارجية «كيري» بدعم من «جون ماكين» إذ أن هناك اعتقادا لدى الإدارة الأمريكية ان أداء الإخوان المسلمين في السلطة ليس بالمستوى المأمول وهو ما قد ينعكس سلبا على إسرائيل أي أن حالة الإنفلات في مصر يمكن ان تنتج دولة فاشلة والدولة الفاشلة ستنعكس سلبا على الكيان الصهيوني وهو ما لا تقبل به الإدارة الأمريكية .
شخصيا أعتبر أن ما حصل ليس معقولا ،لأن المبدأ العام في العملية الديمقراطية هو ان من جاء به قرار الصناديق يذهب بقرار الصناديق، ولا يذهب بتدخل عسكري ،كنت أتمنى ان يتم فرض إنتخابات مبّكرة عوض تدخل الجيش في الحياة السياسية بكل ما لذلك من إنعكاسات وتداعيات.
بالنسبة لتونس، أعتقد ان النخبة التونسية هي نخبة عاقلة ورصينة ولن تتورّط في دفع الجيش في الحياة السياسية، لا أتمنى لتونس السيناريو المصري،لأنه سيناريو غير مقبول ومؤسف وأدّى الى سقوط ضحايا بشرية.
الأوضاع في مصر لن تستقر ما لم تتوصل الطبقة السياسية الى توافق لا يقصي الإخوان المسلمين لأن لديهم قاعدة جماهيرية كبيرة ،أحببنا أم كرهنا لديهم قاعدة تفوق ال10 ملايين نسمة.
صمود سوريا أفشل تقسيم المنطقة وحمى الجزائر
ولكن يرى بعض الملاحظين أن المسلمين فشلوا في إدارة الشأن السياسي؟
نحن لا نختلف في ان تجربة الإخوان في مصر أدّت الى أوضاع كارثية ،تجويع، تفقير، إنعدام الرؤية السياسية المتكاملة، عجز الحكومة حتى على توفير إحتياجات الشعب المصري من القموح وإستنجادها بقطر لضمان إحتياجات الشعب المصري من الغذاء والحبوب .
ولكن ما أخشاه أن تفضي الأوضاع في مصر الى حالة كبيرة من الإرتباك يدخل إثرها السلاح من كل مكان وبالأخص من «إسرائيل» وقد يؤدي هذا الى حالة من الحرب الأهلية تشبه ما يحدث في ليبيا .
التغيير ضروري ولكن تمنيت شخصيا أن يكون عبر صناديق الإقتراع وكنت أفضل ان يفرض الجيش على السلطة القائمة الذهاب الى الإنتخابات بأسرع وقت.
حركات الإسلام السياسي، لم تثبت قدرة على تسيير الشأن العام ،ولم تثبت قدرة على حل مشاكل الشباب ،والكهول ،ومواجهة الفقر وتحقيق التنمية الجهوية العادلة ولم تكن لها سياسات خارجية متوازنة.
أعتقد أن «مرسي» كان يعرف بالقرار الأمريكي وأراد إنقاذ نفسه من سيف هذا القرار بالإرتماء في أحضان السعودية علها تنقذه ،ولكن يبدو ان القرار صدر والمقصود توريطه في الحكم وإستنزافه في الحكم وإفشال هذه الحركات داخل السلطة.
في تقديري الخاص، الدور القادم سيكون على الإسلاميين في تركيا، حيث ستدفع الإدارة الأمريكية بالجيش للإنقلاب بعد سلسلة من المظاهرات ،لأن أمريكا تعتقد ان الأتراك فشلوا تماما في سوريا بعد صمود الجيش والشعب السوري وقيادته وهو ما يحسب لسوريا .
بالنسبة ل«لنهضة» وسأتكلم بكل موضوعية وبغض النظر عمّن يحكم، أتمنى من النهضة ان تستوعب الدرس وتجنّب تونس منزلق الحالة المصرية ومساوئ ما حصل في مصر أي تدخل الجيش في الحياة السياسية ،وأدعوها إلى أن تأخذ العبرة من ذلك ، وتوّسع دائرة المشاورات وتذهب الى إنتخابات نزيهة بأسرع ما يمكن لمزيد إعطاء شرعية للنظام السياسي، أما مواصلة الإبقاء على الأخطار والإقصاء فهذا قد يوّرط تونس في إعادة إنتاج وتكرر التجربة المصرية وهي تجربة سيئة .
هل أن ما يحصل في سوريا انتفاضة شعبية أم مخطط لإعادة تقسيم المنطقة؟
أعتبر انّ ما يحصل في سوريا لا علاقة له لا من بعيد ولا من قريب لا بالديمقراطية ولا بحقوق الإنسان ،ولا كذلك بمطالب الشعوب في الحرّية والكرامة وتحسين الأوضاع الإجتماعية ،أيضا ما يحصل في سوريا منذ سنتين لا علاقة له بالجهاد لأننا نعرف شروط الجهاد في الإسلام وكيف تطبق ميدانيا، ولسنا في حاجة الى دروس في هذا الأمر، ما يحصل في سوريا بشكل واضح وجلي هي مؤامرة إمبريالية أمريكية صهيونية تركية بتمويلات عربية سخيّة .
وتهدف هذه المؤامرة إلى تدمير كيان الدولة السورية العريقة منذ 5 ألاف سنة ونسف قدرات سوريا الإقتصادية والإجتماعية ،وتدمير الجيش السوري وإخراجه من معادلة المقاومة .
في ليبيا 5 قواعد عسكرية تحت سيطرة «القاعدة»... وواشنطن «شاهد ما شافش حاجة
وتهدف هذه المؤامرة أيضا الى إخراج سوريا تماما من حلف المقاومة المتكون من روسا والصين وإيران وحزب الله ،فهذا المعسكر يراد تفكيكه وإخراجه من دائرة النفوذ والتأثير ،ومن معجزات الحالة السورية، انّ سوريا صمدت كل هذه الفترة الطويلة وإستطاعت الى حدّ كبير إجهاض هذه المؤامرة الكونية وإفشالها والإبقاء على معسكر المقاومة المتكوّن من روسيا والصين وإيران ،وهذا المعسكر مدين لسوريا بهذا الصمود ،ولولا هذا الصمود لما تمكّن هذا المعسكر من البقاء، لأن المستهدف لاحقا كانت روسيا وإيران ثم الصين وقد دفعت سوريا الثمن باهظا ليستمر هذا الحلف قويا ورافضا للهيمنة الأمريكية ،وأتمنى ان يأتي في يوم ما من يقنعني بالعكس .
مشروع تقسيم المنطقة فشل ،وسوريا أفشلت هذا المشروع وما يجب التأكيد عليه هو ان سوريا حمت «الجزائر» ولولا الصمود السوري لامتدت المؤامرة الى الجزائر لأنها كانت مستهدفة منذ مدة، ولكن الصمود السوري أربك تماما كل هذه المخططات.
وماذا عن «التونسيين» العالقين في سوريا ؟
على الحكومة أن تؤدّي واجبها إزاء مواطنيها، فالدولة تعرّف في العلوم السياسية على أنّها جهاز يحمي مواطنيه أينما كانوا وأينموا حلّوا ،اليوم هناك بضعة آلاف من التونسيين الذين يدرسون في سوريا وهناك من يعيش في سوريا وكثير منهم متزوج بسيدات سوريات، وعلى الحكومة ان تنتبه الى هذا الملف وان تجد قناة تواصل مع سوريا فهذه وظيفة الدولة ، إذ لا يجب ان تختفي الدولة وراء المجتمع المدني أو وراء التنسيقية الشعبية لنصرة سوريا ،فهذا واجبها ولا يعفيها أي كان من القيام به.
عليها البدء بإيجاد قناة تواصل مع الدولة السورية، وخصوصا تصحيح الخطأ الذي أرتكب في حق السوريين والتونسيين بغلق السفارة وإنهاء العلاقات الدبلوماسية مع سوريا دون وجه حق، فقد كان القرار متسرعا وعلى الدولة ان تبادر بإرجاع العلاقات التونسية السورية لحلّ مشاكل التونسيين أوّلا .
ما حصل من موقف دليل على عدم فهم الجغرافيا السياسية الدولية وستكون له إنعكاسات كبيرة وسبق وصرّحت ان هذه ديبلوماسية هوّاة وليست ديبلوماسية احتراف.
أداء الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة أفضل وأرقى من أداء المجلس التأسيسي
هل هناك أياد أجنبية وراء الثورة التونسية؟
الانتفاضة في تونس كانت في جزء منها عفوية، كان هناك قلق كبير من النظام السابق ووجد شعور بالضيم والاضطهاد وعدم العدالة وسوء توزيع الثروة، والأكيد أن الغرب وبالذات أمريكا وإسرائيل تداركتا الأوضاع وسيطرتا على بقية «الانتفاضات». في ليبيا كان هناك تدخل مباشر وكان هناك تخطيط لإنهاء النظام في ليبيا .
وللأسف الغرب أنهى النظام السابق في ليبيا ودمّر مؤسساته وقواعده ولم يهتم بإيجاد أيّ بديل أو أيّة مؤسسات تنّظم الأمور هناك ،واليوم حسب مصادر ميدانية إستقيتها من جامعيين ليبيين فهناك يوميا بين 40 و50 ليبيا يُقتلون في الشارع ودون وجه حق فقط لأنه في يوم ما أيّد النظام الليبي أو عبّر عن موقفه ومع ذلك لم تحرك أي جهة ساكنا ،في حين ان جميع حقول النفط في ليبيا مؤمنة ومحروسة من قبل «المارينز» وهذا يعني ان النفط أغلى وأهم وأقدس من الأرواح البشرية الليبية.
الأغرب والأدهى والأمرّ ،ان هناك في ليبيا اليوم 5 قواعد عسكرية تسيّرها «القاعدة» وهي موجودة في درنة والبيضاء وبنغازي وطرابلس والزاوية وهي مراقبة من قبل طائرات بلا طيار 24 ساعة على 24 ساعة ولكن لا تتدخل الإدارة الأمريكية في محاربة القاعدة هناك.
هناك إزدواجية غربية تبنى على النفاق السياسي، وتدلّ على أن المصلحة الغربية فوق كل إعتبار، أنا متخوّف ممّا يحصل في مصر لأنه يتم إستغلال قلق الناس وصعوبة الأوضاع المعيشية والفقر وضيق الحياة والتفقير ،لإيجاد معطيات تستغل لصالح الغرب وأخشى وجود مخطط في مصر لإدخال البلاد في نفق مظلم قد لا ينتهي قبل 10 أو 20 سنة .
متى كانت المديونية حافزا للتنمية وللاقتصاد ؟
الاقتراض من صندوق النقد الدولي هل تعتبره حلاّ أم انه سيفرض على تونس مزيد التبعية الإقتصادية ؟
لا يوجد وبال على الشعوب وعلى التنمية مثل «المديونية» ولدينا مثال قريب من ذاكرتنا ومن قلوبنا وهو تمويل البنك الدولي لتجربة التعاضد في تونس وما أفضت اليه تلك التجربة من نمو سلبي الى درجة انه وصل الى (–1 ) وهي نسبة كارثية والدول الفاشلة تعرف هذه النسبة، وبالتالي المديونية ليست عنصرا محفزّا على التنمية ولا على الإقتصاد ولا على السياحة. وما أستغربه هذه الاستدانة المتسارعة فمنذ 14 جانفي الى اليوم ونحن نتداين حيث بلغنا اليوم أكثر من 4،5 مليارات دولار مديونية خارجية وهناك تقريبا كل شهرين قرض خارجي يوّقع مع هذا الطرف او ذاك ،وهناك إعتماد للأسف على الأسواق الخارجية لضمان عجلة الإقتصاد التونسي وهذه التبعية غير مفرحة وغير مطمئنة ولدينا أمثلة قريبة مثل إسبانبا واليونان وهي دول أفلست نتيجة المديونية الخارجية .
فهذا ما فعلته الاستدانة بدول كبرى فما بالنا بدولة صغيرة وفقيرة مثل تونس؟
أعتقد ان التنمية الوطنية المستقلة ممكنة وكما يقول الفيلسوف «ماركو بونتي» نحتاج الى الإرادة وما أراه اليوم ان الإرادة غائبة لخلق تنمية مستقلة، والبحث عن مصادر شراكة.ففي تونس يتم اللجوء الى الحلول السريعة والأسواق المالية العالمية، ولكن لا يوجد دمار على الشعوب وعلى الحكومات وعلى الاقتصادات الوطنية أكثر من المديونية، نحتاج اليوم الى وفاق وسياسة اقتصادية جديدة توقف قطار المديونية وتعمل على إيجاد بدائل ولكن الاستمرار في الاستدانة لتسيير الحكومة ولدفع المرتبات وتحسين أوضاع الفئات المهنية ليس حلا، لا على المدى القصير ولا البعيد، والدليل اننا لم نر تنمية جهوية بعد عامين من الثورة ففي القصرين نفس الفقر وتقريبا نفس المشاكل، وفي الحوض المنجمي نفس مشاكل 2008، وكذلك الأمر في سيدي بوزيد وعديد المناطق الأخرى.
هذا يعود الى الاستسهال، إذ انه وعند وجود صعوبات مالية يتم «الإقتراض» ويتحمل الشعب النتائج فهل من المعقول وفي ظرف سنتين ان نبلغ مديونية ب4،5 مليارات دولار ما يعني 9 مليارات دينار تونسي أي حوالي ربع ميزانية تونس؟ هذا الأمر دليل على وجود مشكلة كبيرة.
هل حققت تونس أهداف الثورة؟
تونس لم تحقق الى اليوم أهداف الثورة ،ولم تنجز الخطوات المطلوبة للمرحلة الإنتقالية ،ومنها العدالة الإنتقالية وإنشاء قضاء وطني مستقل... وهذا يعود حسب رأيي الى أمرين: أولا المراحل الإنتقالية صعبة وتحتوي على تعقيدات وتوترات ومشاكل... ولكن أيضا توجد أيضا فئات تقاوم إذ ليس من السهل ان ترفع القوى المحسوبة على النظام السابق الأعلام البيضاء.
ولكن أيضا الإرادة التي كان من المفروض ان تفرضها الحكومة هي ارادة منقوصة ولا نراها الى حد الآن في تونس، وخصوصا أثناء تطبيق شروط المرحلة الإنتقالية كما حصل في جنوب إفريقيا وفي المغرب الأقصى مع بعض الإحترازات.
ونحن نتمنى ان تتحقّق وتفعلّ شروط العدالة الإنتقالية في تونس .
بوصفك عضوا سابقا في الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة كيف تقيم أداء تلك الهيئة ؟
هذه الهيئة ،كانت ثمرة توافق بين الأحزاب والجمعيات السياسية، وكنت محظوظا ان يتم ترشيحي من بين ال42 شخصية المستقلة التي تم إختيارها آنذاك، ولكن أداء وإنجازات الهيئة العليا رغم الأخطاء والنقائص التي سبق وذكرناها كانت أفضل من إنجازات وأداء المجلس الوطني التأسيسي، فقد اصدرنا مجموعة من القوانين وكانت هناك مواقف مستقلة عن الحكومة. ولم تكن هناك تجاذبات كبيرة كالتي نراها اليوم.
وأقولها للأمانة وللتاريخ وأتوقع ردود فعل سلبية على ما سأقوله فإن مستوى النقاش داخل الهيئة كان أفضل وأرقى بكثير مما رأيناه في المجلس الوطني التأسيسي، ومهما إختلفنا في تقييم أداء الهيئة فقد كانت فيها نخبة من الكفاءات من الجامعيين والمحامين والخبراء ومن مستوى علمي معقول وهي أفضل مما نراه اليوم في المجلس .
فعندما أشاهد ذلك «العراك» والخلافات والشجار يحصل لدي بعض الانقباض لأن تونس تستحق أفضل من ذلك .
لم أر عدالة انتقالية في تونس

مشروع تحصين الثورة هل هو فعلا لتحصين الثورة أم لتصفية بعض الخصوم ؟
من حيث المبدإ،لا بد من محاسبة كل من أساء للشعب، منذ فترة الإستقلال الى اليوم أي من 1956 إلى 2012 ،فكل من أساء للشعب وتورط في التعذيب والقتل وسرقة المال العام لابد أن يحاسب ويحاسب بمسطرة القانون ووفق مسطرة عادلة، إذا لا يجب ان يفلت أيّ شخص ممن شارك في نهب قوت الشعب من الحساب ،وكم كنت أتمنى ان يفعلّ ذلك بقانون العدالة الإنتقالية وللأسف واتمنى ان أكون مخطئا في ذلك لم أر عدالة إنتقالية في تونس، فرغم وجود وزارة للعدالة الإنتقالية وكم تمنيت ان تفعلّ هذه الوزارة وان تكون فاعلة في المحاسبة والمعاقبة والمصالحة ولكن لا أدري لماذا لا يوجد أي أداء ناجع لها، رغم ان وزيرها يتكلم صباحا مساء في الإعلام ويعد بالمحاسبة والمعاقبة والمصالحة ولكن دورها غير مفعل ، وأتمنى ان تتم المسألة في تونس بشكل قانوني وليس سياسي .
ونحن في تونس قادرون ان نعطي مثالا في عدالة إنتقالية موضوعية وناجعة ونافعة للبلاد كما أعطت جنوب إفريقيا المثال على ذلك .
بما تختم هذا اللقاء؟
أدعو قيادة الإتحاد الى مراجعة موقفه من سوريا التي تتّعرض الى «مؤامرة» كونية تدعمها أمريكا وإسرائيل وتركيا ودول الخليج، وسوريا تستحق موقفا من الإتحاد وأدعو التونسيين المؤيدين الى إختيار المقاومة في «سوريا» الى الإنضمام الى التنسيقية الشعبية لنصرة سوريا فهي هيكل وطني لدعم صمود سوريا في وجه المؤامرة التي تتعرض إليها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.