«البراهمي كان خادمي» هكذا نطق باكيا شاب صغير من التيار القومي التقدمي مستحضرا تواضع الشهيد والتصاقه بكل الفئات العمرية والاجتماعية دون تعال أو غرور السياسي المعروف. رغم الصيام والحرارة القياسية توافدت امس الآلاف فرادى وعائلات، شبابا وشيبا، نساء ورجالا، مواطنون عاديون، منظمات وطنية، متحزبون، رفاقا خبروا معدن الشهيد عن قرب من حركة الشعب و التيار الشعبي والجبهة الشعبية التي اعتبرها الخيار الوطني الذي لا رجعة عنه، فإذا برصاصات غادرة تخطفه بلا رجعة ليؤنس في تربته الطاهرة رفيقه في الجبهة الشهيد شكري بلعيد. وإذا كانت الجماهير حزينة فإنها ويا لقوة المشهد لم تجد من يقدم لها العزاء سوى عائلة الشهيد المصغرة في تأكيد منها على أنه لم يمت إلا جسدا وان روحه وأفكاره التي أراد القتلة إخمادها خالدة وأن المبادئ تورث تماما كما القرابة الدموية. فهذه زوجته متماسكة مخاطبة الحشد الغفير بكل حماسة اللبؤة أن إكرام الشهيد اتباع خطاه، وهذا ابنه عدنان يتلحف بعلم فلسطين التي كانت بوصلة الشهيد ونبراسه ليؤكد استمرار الطريق التي رسمها والده! «الحاج» كما يحلو لأصدقائه مناداته( وقد حج بيت الله أربع مرات إضافة إلى مواظبته على الصلاة حاضرة)،محمد البراهمي شهيد جديد يرقد مطمئنا إلى جوار الشهيد شكري بلعيد على أن تضحيتهما بحياتيهما لم تذهب هباء ما دامت آلاف الجماهير التي شيعتهما مازالت تنبض بأفكارهما ومبادئهما في التوق إلى العدالة الاجتماعية واستقلالية القرار الوطني كجزء لا يتجزء من حركات التحرر العربي والعالمي. جيهان لغماري