التونسية (تونس) القت التطورات التي شهدتها الساحة الوطنية مؤخرا، وتداعياتها المحتملة على الاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي والمالي، بظلالها على اجتماع مجلس ادارة البنك المركزي حيث تم إحداث خلية يقظة للمتابعة الدقيقة لآخر تطورات أهم المؤشرات النقدية والمالية وسوق الصرف. كذلك، وفي إطار المتابعة الحينية لتطورات الظرف الاقتصادي والمالي بمشاركة القطاع المصرفي، عقد محافظ البنك المركزي اجتماعا مع مسيّري البنوك بتاريخ 30 جويلية تم الوقوف من خلاله، بالخصوص، على السير العادي للمعاملات المصرفية وخاصة المتعلقة بالنقد والصرف. ولدى تدارسه لنشاط القطاع المصرفي، سجل المجلس تباطؤ نسق ارتفاع قائم الإيداعات خلال النصف الأول من السنة الحالية مقارنة بنفس الفترة من سنة 2012 (2,4٪ مقابل 4٪) وذلك بالتوازي مع مسار المساعدات للاقتصاد الذي شهد، خلال نفس الفترة، زيادة ب 3,2٪ مقابل 5,1٪ خلال النصف الأول من سنة 2012، بالعلاقة مع ضعف نسق القروض متوسطة وطويلة الأجل. وأعرب المجلس عن انشغاله إزاء التطورات الأخيرة التي تشهدها الساحة الوطنية منبها إلى مدى خطورة تبعاتها، إن لم يقع تطويقها عاجلا، على النشاط الاقتصادي والتوازنات المالية الداخلية والخارجية وأكد على متابعة البنك المركزي سياسته النقدية الملائمة لتوفير السيولة الضرورية للاقتصاد ومساعدة قطاعات الإنتاج مع المتابعة عن كثب لتطور المؤشرات النقدية والمالية، وقرر الإبقاء على نسبة الفائدة الرئيسية للبنك المركزي دون تغيير. كما دعا المجلس إلى اتخاذ التدابير الضرورية العاجلة على الأصعدة السياسية والأمنية والاقتصادية والتي من شأنها أن تساعد، بتضافر كل الجهود، على تدارك الوضع واستعادة النشاط الاقتصادي للنسق المطلوب خلال الأشهر الأخيرة من السنة الحالية. ولاحظ المجلس أن المعطيات الأولية المتوفرة تشير إلى ضعف نسق النشاط الاقتصادي خلال السداسي الأول من السنة الحالية الشيء الذي يجعل من الصعب، إن استمر هذا النسق، تحقيق الهدف المرسوم بالميزان الاقتصادي بالنسبة للنمو لسنة 2013 على الرغم من بعض التطورات القطاعية الإيجابية ومنها بالخصوص تقدم نسق الإنتاج في القطاع الصناعي خلال شهر أفريل (ارتفاع المؤشر العام للإنتاج الصناعي ب 1,4٪) وتواصل تحسن مؤشرات النشاط السياحي في جوان للشهر الثاني على التوالي (زيادة اللّيالي المقضاة والمداخيل ب 4,6٪ و5,4٪ على التوالي) وانتعاشة حركة النقل الجوي حسب آخر المعطيات المتعلقة بشهر ماي. أما على الصعيد الخارجي، فقد لاحظ المجلس استمرار تفاقم عجز المبادلات التجارية مع الخارج خلال النصف الأول من العام الحالي، وبالتالي تواصل الضغوط على العجز التجاري الذي يبقي في مستوى غير مريح رغم انخفاضه نسبيا مقارنة بنفس الفترة من العام السابق، أي 4,2٪ من الناتج المحلي الإجمالي مقابل 4,6٪ قبل سنة. وقد أمكن الحد من آثار هذه التطورات على الموجودات الصافية من العملة الأجنبية حيث بلغت 11.347 مليون دينار أو ما يعادل 104 أيام من التوريد بتاريخ 30 جويلية 2013، على الرغم من تراجع فائض كل من ميزان القروض وميزان الاستثمار الأجنبي، وذلك بفضل تعبئة موارد خارجية هامة. وفي ما يتعلق بتطور الأسعار، فقد استقرت نسبة التضخم في مستوى مرتفع في حدود 6,4٪ خلال شهر جوان 2013 وذلك للشهر الثالث تباعا، علما أن مؤشر أسعار الاستهلاك قد سجل زيادة ب0,3٪ خلال شهر جوان 2013 مقارنة ب0,1٪ خلال الشهر السابق. وبالنسبة لسوق الصرف سجل الدينار، إلى غاية 29 جويلية ومقارنة بموفى شهر جوان 2013، انخفاضا طفيفا إزاء كل من الأورو واليان الياباني ب 1,6٪ و1,1٪، على التوالي، مقابل شبه استقرار إزاء الدولار الأمريكي. وبخصوص التطورات النقدية، شهدت حاجيات البنوك من السيولة خلال النصف الأول من السنة بعض التقلص، مقارنة بالوضعية السائدة في موفى سنة 2012. إلا أن هذه الحاجيات شهدت بعض الارتفاع بداية من شهر جوان 2013 مما أدى إلى تكثيف البنك المركزي لتدخلاته في السوق النقدية التي بلغت إلى حدود 30 جويلية الحالي أعلى مستوى لها منذ بداية السنة أي 4.814 م.د في المعدل مقابل 4.758 م.د قبل شهر و3.922 م.د في شهر ماي. وقد استقر معدل نسبة الفائدة الوسطية في هذه السوق في مستوى 4,74٪ خلال شهر جويلية وهي نفس النسبة لشهر جوان المنقضي.