بينما كان التونسيون يحتفلون بعيد الفطر المبارك كانت الأحزاب السياسية في حراك للبحث عن مخرج للأزمة السياسية التي تمر بها البلاد. وكشفت مصادر عديدة عن وجود تقارب في وجهات النظر لإيجاد حل وسط بين «الترويكا» والمعارضة سينطلق بالإعلان عن حل الحكومة مع قبول المعارضة بمبدإ عدم حل المجلس التأسيسي مع تحديد مواعيد واضحة لعمل المجلس وتغيير النظام المؤقت للسلط . هذا الاتفاق مازال قيد الدرس بين جميع الفرقاء السياسيين ومحل تفاوض عسير اعتمد على الكواليس أكثر من الأضواء بهدف إيجاد حل سريع ينهي شبه التطاحن السياسي وشبه الإرهاب والعنف الذي بدأ يستشري في البلاد . في هذا الوقت بالذات تتواصل المشاورات بين «الترويكا» ورئاسة المجلس التأسيسي والمنظمات الراعية للحوار الوطني حيث كان لقاء راشد الغنوشي برئيسة اتحاد الصناعة والتجارة وداد بوشماوي ، هذا اللقاء كان لجس نبض منظمة الأعراف وكيفية تسوية جملة من الملفات السياسية أولا ثم الخاصة بعلاقة اتحاد الأعراف وحركة «النهضة» لا سيما أن المنظمة عبرت عن مواقف قريبة من المعارضة وهو تحول نوعي داخل خطها النضالي . في هذه الأثناء علمت «التونسية» أن «النهضة» بدأت تقتنع بضرورة تشكيل حكومة كفاءات لكن المشكل الكبير الحاصل الآن هو رأس الحكومة وهنا نعني السيد علي العريض الذي مازالت النهضة تتمسك بعدم المسّ به مع تغيير كامل في تشكيلة الحكومة بمعنى حكومة كفاءات على رأسها علي العريض وهو ما ترفضه المعارضة إلى حد الآن . هذا السيناريو الأول المطروح فيه تنازل من «الترويكا» والمعارضة لكن رغم ذلك فإن «النهضة» عبرت في بعض الأوساط عن استعدادها القبول باستقالة العريض لكن بشروط وهي إيجاد مصالحة وطنية ووضع أرضية سياسية جديدة تبتعد عن الإقصاء وتشبيه النهضة بال «الشيطان» الذي يجب استئصاله وهو التخوف الرئيسي لحركة النهضة في المرحلة القادمة حيث يتوجس النهضويون من عودة سياسة استئصال الإسلاميين من المشهد السياسي . هذا الإشكال هو الذي يعتبر اليوم العائق الكبير في المفاوضات بين «النهضة» والمعارضة ويبدو أن المنظمات الراعية للحوار الوطني ستطرح مبادرة مصالحة وطنية تشترط الكشف عن قتلة شكري بلعيد ومحمد البراهمي والإعلان عن خريطة طريق توافقية بين الجميع قاعدتها التسيير المشترك للعملية السياسية والابتعاد عن التعيينات الإدارية والسياسية الفردية . خريطة الطريق التي نتحدث عنها الآن هي محل نقاش وستظهر ملامحها وسط الأسبوع المقبل وتحديدا فهل تنجح المساعي التي تجريها المنظمات الراعية للحوار في إقناع الجميع بإيجاد حل وسط بعيدا عن تصعيد المطالب والخطب السياسية النارية التي أشعلت الشارع وقسمته الى شقين .