التونسية (تونس) شهدت الجلسة الاستشارية المنعقدة أمس بقاعة الجلسات القديمة بالمجلس التأسيسي توترا كبيرا بين النواب غير المنسحبين بسبب الخلاف حول اتخاذ قرار إما بالتوجه الفوري لعقد جلسة عامة بالقاعة الرسمية أو التريث قليلا وانتظار كلمة رئيس المجلس الوطني التأسيسي مصطفى بن جعفر المقررة لليوم. وقد انطلقت الجلسة الاستشارية منذ البداية في أجواء متوترة خاصة بعد أن عمد رئيس المجلس مصطفى بن جعفر إلى غلق قاعة الجلسات العامة أمام النواب غير المنسحبين صبيحة أمس بعد أن تعالت الأصوات بضرورة اتخاذ قرار العودة للجلسات العامة في القاعة الرسمية، مما حدا بالنواب غير المنسحبين إلى الدعوة بضرورة تطبيق الفصل 26 من النظام الداخلي الذي ينص على أنه «في صورة غياب رئيس المجلس الوطني التأسيسي أو في صورة الشغور المؤقت في حالة توليه سدّ الشغور في منصب رئيس الجمهورية ينوبه وجوبا نائبه الأول وعند الغياب نائبه الثاني». رئيس مجلس جديد عوض بن جعفر؟ ولئن أجمع النواب غير المنسحبين على ضرورة استئناف أشغال المجلس الوطني التأسيسي، فإن الخلاف بدا واضحا وجليا من حيث معالجة هذه الأزمة وايجاد الحلول وتقديم المقترحات الكفيلة للخروج منها. فقد دعا أغلب النواب على غرار النائبين عن حزب «المؤتمر» عمر الشتوي وبشير النفزي الى ضرورة العودة إلى الفصل 26 من النظام الداخلي وأكد كل منهما ضرورة أن تترأس النائبة الأولى لرئيس المجلس محرزية العبيدي الجلسة العامة. من جهته قال النائب عن «تيار المحبة» أيمن الزواغي أن النواب ليسوا في حاجة لقرار بن جعفر لعقد جلسة عامة، داعيا النواب إلى التوجه الفوري إلى القاعة الرسمية لعقد جلسة عامة تترأسها محرزية العبيدي. في المقابل اقترح عدد من النواب الآخرين على غرار النائب عن «حزب الاقلاع» نحو المستقبل الطاهر هميلة عقد جلسة افتتاحية ثانية تشكّل المجلس الوطني التأسيسي من جديد (أي أن يتم اعادة انتخاب رئيس مجلس جديد ونائبين جديدين) كما دعا إلى تشكيل لجنة لمراجعة القانون والنظام الداخلي. واضاف هميلة أنه بعد عودة أشغال المجلس يتم طرح قضية النواب الغائبين ووضعية «رئيس المجلس السابق»، واعتبر في ذات السياق النواب الذين لا يرغبون في مباشرة مهامهم بالمستقيلين. وقد ساندت مقترح هميلة النائبة عن التيار الديمقراطي سامية عبو التي أكدت ضرورة أن يترأس الجلسة الافتتاحية النائب الأكبر سنا، وقالت من جهتها إنّ قرار التعليق ليس قانونيّا لا شكلا ولا مضمونا ولا يلزم إلّا رئيس المجلس مصطفى بن جعفر. غير أن النائب عن كتلة «النهضة» عماد الحمامي انتقد بشدة مساندة سامية عبو لمقترح هميلة، مشيرا إلى أنها كانت تنتمي إلى حزب «المؤتمر» وهو حزب منتخب من قبل الشعب غير أنها شكلت اليوم حزبا جديدا مما يجعلها المستفيد الأكبر من إعادة تشكيل المجلس. مشادات كلامية وفوضى عارمة ومقابل اصرار النواب المتمسّكون باستئناف أشغال المجلس التأسيسي على نقل أشغال جلستهم تحت قبة المجلس لإعلان استئنافه العمل، رفض النائب عن حزب «التكتل» جمال الطوير هذا المقترح داعيا إيّاهم إلى انتظار كلمة رئيس المجلس التأسيسي المقررة لليوم. وقد رفض العديد من النواب دعوة الطوير على غرار النائب عبد الرؤوف العيادي عن «حركة وفاء» الذي اعتبر أنّ قرار تعليق أشغال المجلس فيه مسّ من حقوقه والنائب عن «تيار المحبة» الجديدي السبوعي الذي كاد أن يقاطع الجلسة، مشيرا إلى أن الطوير جاء للاستخفاف بالنواب المجتمعين، وقد طغت على الجلسة مشادات كلامية مما حدا برئيسها إلى تعليقها لمدة عشر دقائق. واعتبر عبد الرؤوف العيادي ان رئيس المجلس الوطني التأسيسي مصطفى بن جعفر اتخذ قرار تعليق أشغال المجلس بإملاءات من أطراف دولية، وأضاف أن خطته تتجه نحو حل المجلس وتكوين هيئة خبراء وعودة وصاية القوى الدولية على تونس. امهال بن جعفر المزيد من الوقت ورغم حرص النواب غير المنسحبين على ضرورة استئناف أشغال المجلس الوطني التأسيسي وعقد جلسة عامة فورية، فإن هناك بعض الأصوات التي تعالت لتطالب بمزيد التريث وعدم الاستعجال على غرار نائب رئيس كتلة «النهضة» وليد البناني الذي طالب بامهال بن جعفر 48 ساعة. وبعد أخذ ورد تراوح بين الغضب والمشادات الكلامية أجمع النواب على ضرورة توجيه بيان شديد اللهجة لإجبار بن جعفر على استئناف أشغال المجلس في أقرب الآجال. وأكدوا في بيانهم رفضهم مجددا قرار تعليق أشغال المجلس ودعوا بن جعفر إلى استئناف أشغاله في أقرب الآجال، كما دعوا في ذات البيان مكتب المجلس إلى تنظيم جلسة عامة في أجل أقصاه بعد غد الجمعة 6 سبتمبر في صورة عدم الاعلان عن استئناف أشغال المجلس. وأكدوا رفضهم كل وصاية على المجلس أيا كان مصدرها، كما أكدوا مواصلة المجلس لأشغاله بكل صلاحياته إلى حين انتخاب مجلس نواب جديد. واستنكر البيان أيضا ما سماه استقواء النواب المنسحبين بالخارج، وقد أثارت هذه النقطة غضب عدد من النواب الذين طالبوا بضرورة التأكيد على أن ذلك يعدّ خيانة عظمى. وقد رفضت النائبة عن التيار الديمقراطي سامية عبو اعتماد عبارة خيانة عظمى مطالبة النواب بعدم الدخول في المزايدات السياسية لأن المعارضة كانت تلتجئ إلى البرلمان الأوروبي في عهد بن علي لطلب المساندة على حدّ تعبيرها. نواب «النهضة» يرفعون شعار «رابعة» ويذكر أن نواب «النهضة» قاموا برفع شعار «رابعة العدوية» داخل الجلسة الاستشارية كما قاموا بتعليقه على صدورهم وفوق طاولة الرؤساء، تأكيدا منهم على تمسكهم بالشرعية.