التونسية (تونس) بالأمس القريب كان متفقد التعليم الابتدائي سوطا تضرب به أعناق المعلمين ورقيبا كان يقوم بدور البوليس والمفتش الذي تهابه المدرسة بكامل اطارها التربوي وترتبك لقدومه باعتباره كان يؤم المدارس الابتدائية ضيفا ثقيلا بوجه عبوس وكأنه قادم للقبض على الأرواح بينما هو آت ليوجه معلما ويرشده لما فيه خير الطفل وليهذب سلوكه التعليمي ويقوده الى شاطىء الأمان خاصة اذا كان من المبتدئين في مهنة المتاعب. يأتي المتفقد البيداغوجي ليحضر نشاطا تعليميا في قاعة الدرس ويكون شاهدا على طريقة تدريس ثلاث مواد على الأقل يشارك فيها تلاميذ الفصل الواحد وتنتهي المعاينة بما يعرف بتقرير تفقد ينال مقابله المعلم عددا من عشرين يبدأ بعدد قاعدي أولي ثم يتم البناء انطلاقا منه ...و معدل هذا العدد لدى جل المعلمين بين 11 و12 من 20 ثم يبدأ في الصعود رويدا رويدا بنقاط تتراوح بين نصف نقطة ونقطتين وصولا الى سقف العدد وهو 19.75 ولا يمكن التحصل على عدد نهائي وهو 20 من 20 الا بعد انجاز مشروع تربوي . و يتابع المتفقد عمل المعلم كتابيا وشفويا وطريقة تدريسه وتفاعله مع تلاميذه ويطلع على كراسات القسم وكراس التناوب والمعلقات الرسمية وزينة القاعة وكراس التقييم ويشفع اللقاء بجلسة نقاش بين الطرفين ...وكان المتفقد في المواسم الدراسية السابقة صلبا تجاه المعلم لا يغفر له أية زلة مهما صغرت ويقف تجاهه موقفا جزريا غليظا لا مكان فيه للطف واللين وآداب الحوار بشكل تكون فيه العلاقة عمودية أوفي شكل خطين متوازيين لا يلتقيان اطلاقا . أما اليوم فقد تغيرت صورة المتفقد وصارت ناصعة لا مكان فيها الا لروح التعاون والألفة بين أطراف الفعل التربوي خدمة لمدرسة اليوم بما فيها من حداثة وتطور وتوهج ...و فرضت لغة الحوار الجدي نفسها كلما التقى الطرفان في درس تقيمي أو شاهد أو في لقاء بيداغوجي ...وصار المتفقد يلعب دور المرشد والمساعد الذي يساعد المعلم على مواجهة الصعاب يقدمها له بأسلوب لين وحضاري حسب متطلبات المشهد التربوي المعاصر كما هو في شتى أنحاء المدارس العالمية وهذا يحسب لفائدة جيل جديد من المتفقدين البيداغوجيين وللطرف النقابي داخلهم بعد ان غيروا نمط التعامل بين المتفقد والمعلم الى ما هو أنجع وأرقى وهذا من شيم الفعل التربوي الحكيم.