نقل تونس.. صيانة واصلاح 100 حافلة و28 عربة مترو بصفة عاجلة (فيديو)    جندوبة.. المجلس الجهوي للسياحة يقر جملة من الإجراءات    منوبة.. الإطاحة بمجرم خطير حَوّلَ وجهة انثى بالقوة    برنامج الجولة الأولى إياب لبطولة الرابطة الاولى لمحموعة التتويج    قبلي: السيطرة على حريق نشب بمقر مؤسسة لتكييف وتعليب التمور    اقتحام منزل وإطلاق النار على سكّانه في زرمدين: القبض على الفاعل الرئيسي    القبض على 24 منفّذ "براكاج" بالأسلحة البيضاء روّعوا أهالي هذه المنطقة    السجن ضد هذه الإعلامية العربية بتهمة "التحريض على الفجور"    الفنان رشيد الرحموني ضيف الملتقى الثاني للكاريكاتير بالقلعة الكبرى    من بينهم أجنبي: تفكيك شبكتين لترويج المخدرات وايقاف 11 شخص في هذه الجهة    البطلة التونسية أميمة البديوي تحرز الذهب في مصر    مارث: افتتاح ملتقى مارث الدولي للفنون التشكيلية    تحذير من هذه المادة الخطيرة التي تستخدم في صناعة المشروبات الغازية    تونس تحتل المرتبة الثانية عربيا من حيث عدد الباحثين    كرة اليد: الترجي في نهائي بطولة افريقيا للاندية الحائزة على الكؤوس    وزيرة التربية : يجب وضع إستراتيجية ناجعة لتأمين الامتحانات الوطنية    قيس سعيّد يتسلّم أوراق اعتماد عبد العزيز محمد عبد الله العيد، سفير البحرين    سليانة: أسعار الأضاحي بين 800 دينار إلى 1100 دينار    كاردوزو: سنبذل قصارى جهدنا من أجل بلوغ النهائي القاري ومواصلة إسعاد جماهيرنا    الڨصرين: حجز كمية من المخدرات والإحتفاظ ب 4 أشخاص    وفد "مولودية بوسالم" يعود إلى تونس .. ووزير الشباب والرياضة يكرم الفريق    الرئيس الفرنسي : '' أوروبا اليوم فانية و قد تموت ''    تتويج السينما التونسية في 3 مناسبات في مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة    جريمة شنيعة: يختطف طفلة ال10 أشهر ويغتصبها ثم يقتلها..تفاصيل صادمة!!    قبلي : اختتام الدورة الأولى لمهرجان المسرحي الصغير    جندوبة: 32 مدرسة تشارك في التصفيات الجهوية لمسابقة تحدي القراءة العربي    باجة: تهاطل الامطار وانخفاض درجات الحرارة سيحسن وضع 30 بالمائة من مساحات الحبوب    روح الجنوب: إلى الذين لم يبق لهم من عروبتهم سوى عمائمهم والعباءات    لعبة الإبداع والإبتكار في رواية (العاهر)/ج2    الحمامات: وفاة شخص في اصطدام سيّارة بدرّاجة ناريّة    قضية سرقة وتخريب بمصنع الفولاذ بمنزل بورقيبة: هذا ما تقرر في حق الموقوفين..#خبر_عاجل    أنس جابر تستهل اليوم المشوار في بطولة مدريد للماسترز    التونسي يُبذّر يوميا 12بالمئة من ميزانية غذائه..خبير يوضح    خدمة الدين تزيد ب 3.5 مليارات دينار.. موارد القطاع الخارجي تسعف المالية العمومية    المهدية : غرق مركب صيد على متنه بحّارة...و الحرس يصدر بلاغا    Titre    رئيس الجمهورية يجدّد في لقائه بوزيرة العدل، التاكيد على الدور التاريخي الموكول للقضاء لتطهير البلاد    الكيان الصهيوني و"تيك توك".. عداوة قد تصل إلى الحظر    ماذا يحدث في حركة الطيران بفرنسا ؟    شهداء وجرحى في قصف صهيوني على مدينة رفح جنوب قطاع غزة..#خبر_عاجل    الترجي يطالب إدارة صن داونز بالترفيع في عدد التذاكر المخصصة لجماهيره    كأس ايطاليا: أتلانتا يتغلب على فيورينتينا ويضرب موعدا مع جوفنتوس في النهائي    لا ترميه ... فوائد مدهشة ''لقشور'' البيض    كتيّب يروّج للمثلية الجنسية بمعرض تونس للكتاب..ما القصة..؟    أكثر من نصف سكان العالم معرضون لأمراض ينقلها البعوض    "تيك توك" تتعهد بالطعن على قانون أميركي يهدد بحظرها    الجزائر: هزة أرضية في تيزي وزو    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    سعيد في لقائه بالحشاني.. للصدق والإخلاص للوطن مقعد واحد    "انصار الله" يعلنون استهداف سفينة ومدمرة أمريكيتين وسفينة صهيونية    اتحاد الفلاحة ينفي ما يروج حول وصول اسعار الاضاحي الى الفي دينار    وزارة الصناعة تكشف عن كلفة انجاز مشروع الربط الكهربائي مع ايطاليا    تونس: نحو إدراج تلاقيح جديدة    في أول مقابلة لها بعد تشخيص إصابتها به: سيلين ديون تتحدث عن مرضها    دراسة تكشف عن خطر يسمم مدينة بيروت    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    مصر: غرق حفيد داعية إسلامي مشهور في نهر النيل    خالد الرجبي مؤسس tunisie booking في ذمة الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شفاه بطعم الكاكاو
نشر في أوتار يوم 13 - 07 - 2011

كانت اصغر مني بعامين وكنا متلازمين مثل شجرة وظلها،عمود، جدار،لكل جسم ظل وهي ظلي الذي لا يختفي إلا عند المغيب،الأوقات التي اقضيها في بيت الخالة كانت ساحرة،
ولكني نسيت أكثر تفاصيلها ،وبقى منها صور تأتي في أوقات أكون غارقا في العمل أو أثناء جلوسي في الحديقة الخلفية لبيتي ،تصلني مثل نسيم بارد في أوقات صيف حارة ورطبة وتختفي ، كنت صغيرا وقتها وخجولا وبنفس الوقت شقيا ،كنا انا وبنت الخالة نؤدي دروسنا معا ، في غرفة المعيشة ،الغرفة الكبيرة التي تتسع للأقارب الصغار والكبار عند أماسي الخميس، لم يكن فيها أثاث فخم ، كانت بسيطة ومرتبة ،تمتد فرش من القطن المضغوط تحاذي جدرانها الأربعة ،ووسائد كبيرة ومتينة تتراص مثل بطون حوامل تتكئ على الجدران ،والأرضية مفروشة بسجاد أعجمي ناعم وكذلك الجدران مغطاة بسجاد خفيف عليه صور نساء عربيات،غرفة نظيفة وواسعة مقفل بابها علينا ونحن ننام على بطنينا نحصر كتاب الدرس بين رأسينا ،وقتها تكون الخالة في المطبخ مشغولة في إعداد وجبة الغذاء (مرقة البامياء) التي تأتي رائحتها مشبعة بالثوم، لا احد يجيد طبخها مثل الخالة ،تغرقها بلحمة كتف الخروف الدسمة . تغيب بنت الخالة لحظات لتأتيني بقطعة من الكاكاو،تعود إلى مكانها قربي ، يحتك وجهها بوجهي وأنفاسها بأنفاسي وتدغدغ خصلات شعرها خدي بفعل هواء المروحة ،تقسم القطعة نصفين نمضي وقتا طويلا بمضغها وبشهية ،كنا نلعق بقايا الكاكاو العالق بأصابعنا ،كل مرة يبقى على شفتيها بقايا الكاكاو ،فأضع شفتي على شفتيها امتصه فاشعر بطعم الكاكاو، وكانت تأتيني بالكاكاو مرات عديدة في ساعات الدرس ، وتبقى بعضا منه على زوايا فمها ، وأنا لا أتردد في مصه .وقتها تكون الخالة مشغولة في المطبخ ،تنصت إلى المذياع وهي تراقب الطعام ،بين الحين والآخر اسمع خطوات الخالة في الحوش عندما تريد أن تغسل الفاكهة أو الخضار ، لم يكن في المطبخ حنفية ماء ،كان الوقت يشير إلى انتصاف النهار موعد قدوم زوج الخالة ،كان نحيفا وقصيرا قياسا إلى الخالة التي هي أطول منه وأضخم منه، حتى عندما يتكلم بالكاد تسمع نبرة خفيضة ناعسة ،في اغلب أوقاته تراه صامتا، يدخل البيت ويخرج لا تشعر به وعندما يعمل تتحرك عيناه الصغيرتان مثل عيني فأر،يأتي في الظهيرة متعبا من عمله ومغبرا ، يخلع ملابسه ويستحم ثم يبقى بلباسه من الخام الأسمر العريض وفانلته المخرمة من القطن ، تظهر ساقاه النحيفتان السمراوان وصدر نحيف تبرز فيه حلمتين بنيتين ،بعد وجبة طعام دسمة ، زوج الخالة يأخذ قيلولته القصيرة ، والخالة تدخن سيجارتها بعد فنجان القهوة عندها نصعد إلى غرفة المخزن المفتوحة على السطح ، لم يكن لها باب سوى شباك صغير مدور بقدر الوجه ،كانت الشمس تختفي خلف سحب داكنة وثقيلة محملة بالمطر، يكشف سرها الهواء الضارب بها ويمر على أنوفنا فنضحك ،كنا لا نعرف من أين يأتي اللعب والكلام والضحك . في المخزن بقايا من أثاث قديم مركون وفرش وأغطية موضوعة على سرير من الخشب ،نمارق مصفوفة،صناديق فارغة ،أحذية قديمة،أباريق نحاسية ،قناني ،علبة رش المبيدات ،عصي من الخيزران ،مطارق وعتلات صدئة ،كان كل شيء مرتب وموضوع في مكانه ،وتوجد مساحة تتسع لجسدينا على أرضية المخزن نستطيع أن نتحرك فيها، نستلقي فيها مثل قطتين تداعب جسديهما الشمس الدافئة المنفلتة من قبضة الغيم ، كنا نجلس متلاصقين وكانت البرودة تغزو أصابع قدمينا فكنا نفرك أصابع قدمينا ببعضها ،كانت رائحة المخزن مثيرة وغريبة ،رائحة المخلل ، وشراب الزبيب المنقوع ، الفراش ، الغبار ، الدفء ، كان المخزن مكان خلوتنا في الظهيرة ،نفتش أغراضه، نبعثرها ونرتبها من جديد ، فيه مفاتيح كثيرة للعب،ليس وحدنا من يدخله في الظهيرة، كان قط الخالة (شكيب) يزوره أيضا،كان يحب الجلوس على فراش القطن ، يتمتع في دفء الشمس ،يبقى عينيه مغمضتين ، لم يكن وحده تلك اللحظة ، وقتها رافقته قطة شامية جميلة، لها عينان واسعتان ،كانت القطة تجلس في الركن وهو خلفها يغمض عينيه ويلعق بلسانه ،كان ذيلها يداعب وجهه وهو يتشممها ، قامت بنت الخالة إلى الرف واتت بقنينة الشراب ،بعدها هبطت مسرعة إلى الأسفل ، كنت اسمع ضربات قدميها على السلم ،عادت بقدحين ،كان وجهها متوردا وابتسامة في عينيها ،ملأت كاسينا بالشراب ،شربنا ،هي تشرب مرة وأنا اخذ جرعة كبيرة ،حتى شعرنا إن بطنينا امتلأت كانت تضحك وخدودها متوردة ،كانت الشمس دافئة والفراش تحتنا ناعما وكنا قريبين ، ننظر إلى السماء الملبدة بالغيوم ،كانت أيام شباطية تشم فيها رائحة المطر،نظرت إليها وهي تداعب خصلات شعرها بأسنانها ،نزلت قطرات خفيفة وبطيئة ،استمرت القطرات بالنزول وبتسارع محدثة وشيشا،نهضنا ومددنا راحة اكفنا مفتوحة ، نتسابق أي منا يجمع أكثر، كان كل شيء يمر بعذوبة ، غادرته القطة وهي تمط جسدها ،أما شكيب عاد إلى مكانه وهو مغمض العينين ، سحبتني من يدي وأجلستني قربها ، أخرجت قطع الكاكاو المخبأة في جيب كنزتها ، أمضغنا القطع بتلذذ ،وكنا ننظر إلى بعضنا بصمت،كان المطر ينزل بشدة، قضينا وقتا طويلا في لعق الكاكاو المتبقي على شفاهنا.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.