هل كان الشاب محمد البوعزيزي الذي أحرق نفسه يوم 17 ديسمبر 2010 أمام مقر ولاية سيدي بوزيد احتجاجا على عدم اهتمام السلط الجهوية والبلدية في المنطقة بوضعيته وفجّر بذلك فتيل ثورة الحرية والكرامة في تونس، يعني شيئا لأوباما قبل هذه الحادثة... لا نظن... فقد كان محمد البوعزيزي مجرد بائع خضار على عربة مدفوعة شأنه شأن المئات بل الآلاف من السباب أمثاله في تونس ودول أخرى من العالم العربي... يعاني شبابها ما يعانيه محمد البوعزيزي في تونس من بطالة وحرمان وقهر... ولكن لا أوباما ولا أمريكا كان يعير هذه المسألة ما تستحقه من عناية واهتمام... ومساعدة للبلدان حتى تقدر على مواجهة طلبات الشغل المرتفعة وخريجي الجامعات سنويا... لا نعتقد أن البوعزيزي كان يعني شيئا كثيرا لأوباما قبل هذا التاريخ ومع ذلك... كان البوعزيزي أمن في قلب خطاب باراك أوباما الذي توجه به من مقر وزارة الخارجية وأثنى فيه على الثورات العربية التي أطاحت بما أسماه زعيمين في منطقة الشرق الاوسط والمغرب العربي وهناك آخرون سيلتحقون بها قريبا... جاء ثناء باراك أوباما على البوعزيزي متأخرا عن موعده بعض الشيء... فالبوعزيزي أحرق نفسه احتجاجا على وضع كان قائما في بلاده، لم يعط للشباب أمثاله فرصتهم في التشغيل والحياة الكريمة وهدر الكرامة... وكان يمكن لأمريكا أن تلعب دورا هاما في هذا المجال... يحمي الشباب من الانهاك الجسدي والنفسي ويوفر له فرص العمل والكرامة. لقد وعد باراك أوباما بأنه سيدعم التحول الديمقراطي في تونس ومصر بعد تغيير النظام فيهما. كما وعد بتقديم دعم اقتصادي كبير للبلدين، لقد غازل باراك أوباما الثورات العربية وتوجه لها بخطاب مطمئن يرضي طموحاتها ويستجيب لانتظاراتها، ويؤكد أن التغيير الذي تتطلع إليه الشعوب العربية لابد أن يدفع فيه الشباب الثمن حتى ولوكان هذا الثمن احراق النفس مثلما فعل محمد البوعزيزي في تونس.