عادت الفنانة اللبنانية فيروز لتحيي ليالي دمشق، وقدمت مساء الاثنين أول عروض مسرحية "صح النوم" امام 1200 شخص تعبت ايديهم من التصفيق وشكلوا كورسا ثانيا ردد معها حوارات المسرحية وأغنياتها. واكتظت دار الاوبرا بالمشاهدين وكان واضحا الحضور الكثيف للشباب، اضافة الى حضور عائلات بأكملها. وبكى بعض الحاضرين لشدة فرحهم بعودة فيروز بعد غياب استمر 23 عاما. وانتظر الجمهور في القاعة زهاء نصف ساعة أن يبدأ العرض بعد إغلاق الأبواب، وحبس أنفاسه وهو يترقب فتح الستارة. وكان التوتر والحماس يزدادان مع بث فاصل موسيقي تكرر مرتين، وفي المرة الثالثة جاء ايذانا ببدء العرض. وبمجرد فتح الستارة اشتعلت القاعة بالتصفيق. وشيئا فشيئا ظهرت فيروز واقفة الى يسار الخشبة تحت مظلتها وظهرها للحضور، فيما بدأ الكورس في الجهة الاخرى اول حوارات المسرحية، فخبا التصفيق تدريجيا وتحول الحاضرون آذانا صاغية. وطاب للعديدين ان يبرهنوا شغفهم بصوت فيروز، فصاروا يرددون حوارات المسرحية التي بدا أنهم حفظوها عن ظهر قلب. وكان البعض ينتفض ويبدأ بالتمايل، مفصحا عن اقتراب موعد احدى الاغنيات المعروفة في المسرحية الغنائية، ثم يسارع الى ادائها قبل صوت فيروز. وصار التصفيق مثل امواج، لا تلبث ان تعود مصحوبة بالاهات مع كل اغنية تصدح بها السيدة، وخصوصا اغنية "هب الهوى"، او مرفقة بالضحك اثر تعليقات ساخرة تصدر منها في الحوار، او مواقف وجمل طريفة للفنان انطوان كرباج (في دور الوالي) او الفنان ايلي شويري (في دور المستشار زيدون). وجاءت اللحظة الاكثف تعبيرا عن مدى تشوق الجمهور السوري لملاقاة صوت فيروز في ختام المسرحية. فاذا كانت البداية السريعة للمسرحية كبتت رغبة الحضور في الترحيب والتصفيق، فان شيئا لم يمنعه من اشعال القاعة بالتصفيق والصراخ والهتاف باسم فيروز، وهب الجميع واقفا دفعة واحدة عندما ظهرت لإلقاء تحية الختام. واستمر هدير الترحيب والشكر في القاعة حتى بعد إسدال الستارة. وأمل الحضور أن ترتفع مجددا من دون جدوى. وتواصل ابتهاج الجمهور بحضور عرض فيروز الاول وهو يغادر القاعة. فهنا مشاهد "لا يصدق حتى الان اذا كان ما حصل حلما ام حقيقة"، فيعاجله صديقه بتعليق أكثر إثارة: "الان يمكنني الموت وانا مرتاح بعدما تحققت أعز امنياتي". وشهدت المسرحية حضورا رسميا لافتا، ابرزه حضور فاروق الشرع نائب الرئيس السوري، وبعض الوزراء والدبلوماسيين العرب والاجانب، وعدد من الفنانين السوريين. وتم تمديد عروض المسرحية يومين اضافيين، لتصير ثمانية عروض بدلا من ستة، بسبب الاقبال الكثيف على بطاقاتها قياسا بضيق المكان المخصص للعرض. وتجاوز حضور فيروز الى دمشق مسألة عرض "صح النوم" ليصير احتفالا عاما بعودتها. فلم تتوقف وسائل الاعلام والسورية عن تناول الامر ترحيبا وتأهيلا، وفتحت الاذاعات السورية اثيرها لتقدم فواصل تتكرر على مدار الساعة، من اغنيات فيروز التي قدمتها الى دمشق. وكان لافتا ان التلفزيون السوري ختم نشرة اخبار منتصف ليل امس الاثنين بتقرير مصور من أجواء العرض الاول، إضافة الى لقاءات مع اناس تحدثوا عن صوت فيروز "الذي يبعث فينا الامل". وتضمن التقرير ايضا لقاءات مع اشخاص علقوا على "من انتقدوا مجيء فيروز الى دمشق"، في اشارة الى اصوات صحافية وسياسية لبنانية معترضة. وعلق احدهم "انهم (المعترضون على مجيء فيروز) لا يقرأون التاريخ"، وقال آخر "فيروز ملك للعرب كلهم، السياسيون يذهبون بينما صوتها باق". واستمرت اذاعة "شام اف ام" في تغطية اجواء العرض الاول مستقبلة اتصالات محبي فيروز حتى ما بعد منتصف الليل. وكانت الاذاعة غطت كامل تفاصيل حفلات فيروز، بدءا بوصولها الى الحدود السورية حتى باب الاوبرا، حيث لم يسمح لاي اذاعة او تلفزيون بالدخول. واحتضنت دار الاوبرا معرضا لصور لفيروز تزامنا مع عروض المسرحية، شاركت فيه مجموعة فنانين تشكيليين سوريين رسموا بورتريهات مختلفة للسيدة واهدوا لوحاتهم اليها. وبادر كثيرون ممن حضروا المسرحية الى كتابة رسائل حب وتقدير لفيروز، في مبادرة من بعض الشباب السوريين تحت عنوان "بطاقة حب دمشقية الى فيروز". ودعوا من يشاء الى كتابة رسالته لفيروز، مؤكدين انهم سيجمعون الرسائل في صندوق كبير يسلمونه لها شخصيا.