منجي باكير لعلّه من غير المجدي أن تُعاد نفس الإسطوانة التي عاودها و كرّرها كلّ من – أرهقه – حال مدينة صفاقس و ما آلت إليه من التهميش على كل المستويات ... من غير المجدي أمام الصمت الرهيب لكلّ من السلطات الجهويّة و المركزيّة على حدّ سواء للإلتفات لهذه المدينة التي لفّها النّسيان و غرقت في كمّ هائل من المشاكل البيئيّة و البنيويّة و الصحّية و صارت تعاني في إزمان من تراكمات الأوساخ و اهتراء الطرقات و تلوّث الهواء و انعدام المساحات الخضراء و المتنفّسات البحريّة اللاّئقة – برغم أنها مدينة ساحليّة - ، أيضا في صفاقس كثير من الإدارات ، المؤسسات الخدمية و المستشفيات لم تعد تفي بالحاجة و لم تعد تغطّي الخدمات المطلوبة بالشكل المطلوب ... صفاقس كبُرت ديموغرافيّا وامتدّت جغرافيّا و ثقل حملها و لكن أصحاب القرار مازالوا يعاملونها مثل قرية أو ( دشْرة ) صغيرة ... لكن ، وسط كل هذه الدوائر من التهميش المزمن يبقى لصفاقس بصيص أمل ترعاه السلط الجهويّة و تنفّذه رغما عنها و بدون رغبة منها و في لمح البصر ،،، هذا الأمل ينبعث فجأة كلّما حلّ مسؤول مركزي في زيارة فُجئيّة – مبرمجة – أو إذا ما كُتب لهذه المدينة أن تحتضن – تظاهرة - ، عندها فقط تتحرك الآلات و تتجنّد السواعد و تظهر المعدّات و – تنهمر – الأموال لعمل ما لم يُعمل طيلة سنين فارطة ...! خير شاهد على هذا الحركيّة و الإصلاحات الضخمة و الأشغال الكبرى التي سبقت تظاهرة – صفاقس عاصمة للثقافة العربية - ، فالطرقات التي كان يخوّف المسؤولين من غلاء إنجازها عُملت و أنجزت في أيّام ، كُنست و غُسلت الشوارع زُيّنت الساحات و زادت جمالا و إبهارا ليلة الإفتتاح حتّى ليُخيّل للمواطن الصّفاقسي أنّه في حلم أو واقع إفتراضي بأربعة أبعاد ... فهنيئا لصفاقس بالزيارات و التظاهرات و بالبرَكة في ما تستفيد به منها حتّى و عن كان على عجل حتما يؤثر سلبا على نوعية الإنجازات .