رئيس الجمهورية يؤدي زيارة إلى معتمدية سجنان    مقتل وفقدان عشرات المهاجرين إثر غرق قارب في البحر المتوسط    كرة اليد – كأس العالم للشباب تحت 19 سنة: على أي قنوات وفي أي وقت يمكنك مشاهدة مباراة تونس وكرواتيا ؟    الليلة: أمطار بهذه المناطق والحرارة تتراوح بين 22 و33 درجة    تونس – الطقس: عواصف رعدية وأمطار غزيرة أحيانًا في هذه المناطق    بيكين وتونس يمكنهما مزيد تطوير علاقاتهما في مجالي التجارة والسياحة - مسؤول دبلوماسي صيني سابق-    زيلينسكي يحذر ترامب... وأوروبا تعزز موقفها بشأن أوكرانيا    الشركة الوطنية العقارية للبلاد التونسية تشرع في بيع 45 شقة من الصنف الاجتماعي ضمن آلية "الفوبرولرس"    الرابطة المحترفة الثانية: مستقبل القصرين يتعاقد مع اللاعب غيث الصالحي    التونسي راضي الجعايدي مدربا لنادي النجمة اللبناني    نادي بني ياس الاماراتي يتعاقد مع اللاعب التونسي أسامة عبيد    وزير الإقتصاد في إفتتاح اليوم الوطني لتونس في التظاهرة الكونية " اوساكا اكسبو 2025"    بمناسبة العيد الوطني للمرأة: وزارة الأسرة تشيد بريادة التونسيات وتجدّد التزامها بدعم حقوقهن    تفاصيل حالة ليلى علوي الصحية بعد تعرضها لحادث سير    عاجل/ الجيش الصهيوني يصادق على خطة احتلال غزة..    وفاة صنع الله إبراهيم... قامة السرد العربي تفقد أحد أعمدتها    بلاغ هام للترجي الرياضي التونسي..#خبر_عاجل    هام/ هيئة الصيادلة تطلق منصة رقمية ذكية لتسهيل ولوج المواطنين لصيدليات الاستمرار..    عاجل/ هذه الدولة تعلن استعدادها اعتقال نتنياهو..    هام/ الديوانة التونسية تنتدب..    السجن لكهل أنهى حياة بائع متجول..وهذه التفاصيل..    المرأة التونسية في قلب العمل: فريق نسائي للديوانة يسهل حركة المسافرين بميناء حلق الوادي    تونس تشارك في بطولة افريقيا للتايكواندو ب10 عناصر    تفشي عدوى بكتيرية بفرنسا ...تفاصيل    رد بالك ... معلومات صادمة ...الاستحمام بالماء البارد في الصيف قد يهدد حياتك!    قرار قضائي بسجن محامٍ بتهم إرهابية وغسيل أموال    هذه هي المرأة التونسية الوحيدة التي تستحق التكريم في عيدهن ...!!.    جنجون يختتم اليوم مهرجان سيدي عطاء الله بنبر    البرلمان يدعو إلى تعزيز حقوق المرأة وصون كرامتها بمناسبة عيدها الوطني    الكاف: حجز كميات من السجائر المحلية والمجهولة المصدر    "أصول" لياسين بولعراس على ركح الحمامات: عرض موسيقي يعزز حوار الثقافات ويدعو إلى الانفتاح وقبول الآخر    ثنائي تونسي يتوج بالدوري الليبي مع نادي الأهلي طرابلس    محرز الغنوشي للتوانسة :'' السباحة ممكنة بكافة الشواطئ واللي يحب يبحر يقصد ربي''    في بالك : مشروع قانون جديد يقسم المسؤوليات المنزلية بين الزوجين!    جمعية النساء الديمقراطيات تدعو إلى تطوير مجلة الأحوال الشخصية وحماية مكتسبات المرأة    بطولة العالم للكرة الطائرة للسيدات: المنتخب الوطني ينهزم أمام نظيره التشيلي    عاجل : دراسة طبية تحذّر من مسكن آلام يستعمله الملايين    وزارة الصحة تعمم منصة Njda.tn لتسريع التدخلات الطبية وإنقاذ الأرواح    جمهور مهرجان صفاقس الدولي يعيش أجواء كوميدية مع مسرحية "بينومي S+1" لعزيز الجبالي    اليوم.. الدخول مجاني لجميع المواقع الأثريّة والمتاحف    إيقاف مراقب جوي فرنسي عن العمل لقوله "فلسطين حرة" لطاقم طائرة إسرائيلية    إدارة ترامب تتجه لإعلان "الإخوان المسلمين" جماعة إرهابية...    نابل ..تراجع صابة عنب التحويل بنسبة تتراوح بنسبة 25 و 30%    ترامب وبوتين في ألاسكا: من أرض روسية سابقة إلى مسرح لمباحثات السلام المحتملة    ثمانية أمراض ناجمة عن قلة النوم    دعوة الى تلازم الذكاء الاصطناعي مع مقاصد الدين    حجز كميات كبيرة من الأجبان والزبدة محفوظة بطرق غير صحية بولاية جندوبة    سمكة الأرنب السامة غزت شاطئ نابل.. خطر على صحة التوانسة!    هام/ عطلة بيوم بمناسبة المولد النبوي الشريف..    ارتفاع درجات الحرارة يرجع بداية مالتاريخ هذا    قابس: العثور على جثة شاب مفقود منذ أسبوع داخل بئر عميقة    إحباط محاولة تهريب 36 كلغ من مخدّر "الزطلة" بميناء حلق الوادي الشمالي    عاجل: دخول مجاني للمواقع الأثرية والمتاحف يوم 13 أوت    يهم التسجيل المدرسي عن بعد/ البريد التونسي يعلن..    تعطل وقتي لجولان عربات المترو بسبب عطل في الأسلاك الهوائية الكهربائية    تاريخ الخيانات السياسية (43) القرامطة يغزون دمشق    يحدث في منظومة الربيع الصهيو أمريكي (2 / 2)    كيفاش الذكاء الاصطناعي يدخل في عالم الفتوى؟ مفتى مصري يفسر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المصاهرة واشياء اخرى.. لماذا يتستر عليها الشاهد!؟
نشر في باب نات يوم 03 - 08 - 2016


بقلم: شكري بن عيسى (*)
لا ندري لماذا خرج الثلاثاء مستشاري القصر اليوم لطمس حقيقة المصاهرة بين الشاهد والسبسي، وانا الحقيقة دققت في معنى "المصاهرة " لغة وقانونا ودينا، وقفت على مفهوم واضح بانها لا تعني فقط الزواج من الابن او البنت او الاخ او الاخت، فالمصاهرة هي قرابة ناتجة عن الزواج من احد افراد القوم، ونقول "صاهر القوم اي تزوّج منهم"، والمفهوم واسع هنا والقضية لا تحتاج الى تأويل وفقه وعلوم، ولا ندري الحقيقة لماذا لم يجب مباشرة بن تيشة وسعيدة قراش على سؤال طبيعة العلاقة العائلية التي تربط السبسي بمرشحه لرئاسة الحكومة خلفا للصيد!؟
سعيدة قراش على اذاعة "شمس" استمرت لاكثر من ست (6) دقائق في السفسطة، لكي لا تجيب على سؤال بسيط جدا وواضح جدا يمكن الاجابة عليه في اقل من عشر (10) ثواني، وكان لا بد من كل ادوات اللغة الخشبية، وكل وسائل التعتيم والالتباس والضبابية، وحتى هرسلة المنشط، عبثا لمحاولة طمس حقيقة صارت اكثر سطوعا بالتستر عليها وحجبها والعمل على دفنها، فالحقيقة اقوى من كل تدليس وتزييف، وان كانت ترددت في نشرها بطريقة صريحة وسائل الاعلام التونسية فوكالة "Reutres" وصحف "le Figaro" و"Mediapart"الفرنسية قبل ساعات نشرت العنوان بالبنط العريض: Le président tunisien propose un proche comme Premier ministre.
الادارة وبدرجة اعلى مؤسسات السيادة محمولة على الوضوح والشفافية، والنفاذ الى المعلومة حق دستوري اساسي خاصة المتعلقة بشخصية عامة، وليست اي شخصية عامة فهي من سيتولى امره ويقود حكومته ان تم تكليفها ومنحها الثقة في البرلمان، والحق هنا عالي الاعتبار والاهمية لان مستقبل ومصير بلد سيوضع بين يدي هذه الشخصية، اما علاقة المصاهرة فطرحت لارتباطها باعتبارات تاريخية ودستورية وثورية وسياسية ولما اثاره التعيين من شبهات عالية حول شخصية مرشح السبسي الذي لاحظ الجميع غياب خصال صلبة تؤهله للمنصب، ما جعل اعتبار المصاهرة هو الذي يعلو ويطغى.
الشاهد لا خبرة له تؤهله لشغل منصب رئيس حكومة فلم يشغل سوى كاتب دولة لأقل من عام، ووزير خُلقت له حقيبة شبه فارغة (الحكم المحلي) استمر فيها لستة اشهر، ولم نشهد له ردحا في المجال العام سوى بعد تكليفه بقيادة "لجنة 13" التي فجّرت النداء، ما جعل الجميع يندهش لاقتراحه لاعلى منصب دستوري، والشبهات تزداد قوة اذ الاسم ظهر منذ اكثر من شهرين مع تسريب خبر "رحيل" الصيد، والامر يزداد في الغرابة اذا ما علمنا ثقل الرهانات والتحديات العالية المطروحة على الحكومة القادمة، التي سوّق لها السبسي بانها ستكون حكومة انقاذ، تستوجب شخصية كفأة محل اجماع واسع فضلا عن كونها تضمن فارقا معتبرا مع الصيد ولا تثير جدلا يجهض التمشي من البداية.
ما عمّق انشغال الجميع بالامر ان طغيان المصاهرة والمحسوبية والاستنسابية والشبكات العائلية هو احد العوامل التي فجّرت الثورة، وجاء على انقاضها السبسي الذي يبو انه لم يستوعب دروسها واستحقاقاتها العميقة، وقرار ساكن قرطاج في المحصلة صب في اتجاه خرق الدستور المفترض انه حاميه الذي يكرس القطع مع ماضي الاستبداد والفساد، ويرسّخ اعتبار المساواة بين المواطنين ويضمن مشاركة الجميع العادلة في الحكم على اساس قاعدة الجدارة والكفاءة وخدمة الصالح العام وليس لاعتبار العائلة والنفوذ واعادة التسلط عبر افراغ الدستور من مضامينه بخلق تكتلات عائلية في السلطة، مع تواجد العزابي وحافظ في مواقع حساسة وآخرين، تمنع فصل السلط والرقابة والحوكمة الرشيدة.
هذه النقطة الجوهرية لم تكن الوحيدة المتستر عليها، وتم ابراز الشاهد بمظهر الضحية الذي يستاهل اعلى منصب في الدولة، والناس تعترض على اعتبارٍ لم يختاره وهو "المصاهرة"، في تضليل مفضوح تجلى للجميع تهافته، فقد دعمت عدم اهلية المعني شواهد وقرائن اخرى صبّت في اتجاه مزيد الالتباس والغموض حول شخصية مفترض ان تكون شفافة، واليوم الناشطة نزيهة رجيبة بعد نشرها احدى التدوينات التي اختارتها من حساب المعني في ديسمبر 2014 وانتشرت انتشار النار في الهشيم، اذ تفضح تزلّف المعني للسبسي وتحامله وحمقه على النهضة، اكتشفت ان التدوينة تم حجبها والظاهر ان حساب الشاهد تم حجبه بتمامه.
التدوينة المنشورة بتاريخ 22 ديسمبر 2014 على الساعة 17 و44 دقيقة تتضمن: "الباجي وحش السياسة فتق النهضة والمولفة قلوبهم" والشخصنة والتمجيد يظهر مقرفا ولا يمكن ان يكون صاحبه مؤهلا لاعلى مناصب الدولة، كما ان تحامله على النهضة تجلى بوضوح، والرجل وقع في مأزق عميق مع من يفترض انهم سيكونون حلفاؤه، وطبعا اسهل طريقة كانت هي طمس الحقائق الثابتة عبر حجب الحساب وغاب عن ذهنه ان التوثيق قد تم، وان في منطق الاتصال والصحافة والاعلام كل حجب يقابله اثر عكسي يزيد من اهمية الموضوع المحجوب.
وطبعا تم حجب تدوينات نشر فيها تحامل على اتحاد الشغل، واتضح ان الشاهد ليس مبدئيا في مواقفه، وتقهقر من الاختبار الاول ولا يمكن الاعتداد به، والمصلحية والانتهازية برزت من البداية، اذ الخشية من الاطراف الكبرى الحزبية والنقابية جعله يحجب حسابه، ولو ان النهضة ما يعنيها هو ما يقدمه لها السبسي من ضمانات بل انها تحبذ الشخصيات الضعيفة والهشة ولا يهمها تحقيق نتائج على الاغلب، أما الاتحاد فهو لن ينظر كثيرا في هذه الاعتبارات الثانوية، وما يهمه هو عدم اهلية المعني وافتقاده للمؤهلات وللحد الادنى من الاجماع والمصداقية الذي يمكن ان يبعث بالرسائل الايجابية للشعب، وهو الاعتبار الاساسي الذي لا يمكن ان تقبل على اساسه منظمة حشاد بالمرشح.
السيرة الذاتية للشاهد تم النفخ فيها بعناوين واسطر جوفاء، لا علاقة لها بالمنصب العالي والوظيفة السامية موضوع الترشيح، ولم نر للمعني منجز وحيد معتبر حتى في اختصاصه الدقيق (الفلاحة) يستحق على اساسه الترشيح، وسفيان طوبال لم يجد ما يقدمه الثلاثاء على الاذاعة الوطنية سوى كلمات "توة تشوفوه"، كما عجز عن تبرير اعادة تقديم احد اعضاء حكومة تم اقرار فشلها وحجبت منها الثقة، والامر كانت دلالاته قوية اذ عجز رئيس كتلة النداء عن تبرير الترشيح سوى بكلمات انشائية خاوية، في المقابل اتضح حجب مجموعة من المعطيات ذات اهمية تم كشفها في وثائق سواء في "ويكيليكس" او في "رسالة دكتورا" المعني، تثير شبهات قوية في علاقة بالعمل بسفارة الولايات المتحدة الامريكية وحول موقف كاتب الدولة السابق الداعي للتحرير الكامل للفلاحة في نطاق اتفاق الشراكة مع الاتحاد الاروبي.
وثيقة ويكيليكس الحاملة لتاريخ 13 جانفي 2010 والصادرة عن سفارة الولايات المتحدة بتونس، تتضمن بريد الكتروني للشاهد هذا عنوانه: [email protected]، وهو ما يثير شبهات قوية بانتماء الشاهد للسفارة الامريكية، وما يثير الريبة ويزيد الشكوك هو عدم اشارة الشاهد في سيرته الذاتية لهذا الاعتبار الهام، ويبدو انه انتقى مجموعة من العناوين وتستر على اخرى وطمسها، واذ لا يحق لاحد اتهام المعني دون ادلة قطعية، فان حق الشعب التونسي اساسي في معرفة كل التفاصيل وبالدقة المستوجبة في الخصوص دون مواربة ولا تضليل خاصة من مرشح الشاهد رئيس الجمهورية المؤتمن على السيادة الوطنية، ومن الاحزاب التي ائتمنها الشعب على استقلاله وسيادته، وكل تعتيم او تضليل او التباس مواصلة لنهج قراش وبن تيشة سيؤكد الشبهة.
في اطروحة الدكتورا ليوسف الشاهد التي ناقشها سنة 2003 تحت عنوان: " Mesure de l'impact de la liberalisation des marches agricoles sur les echanges et le bien-etre"، وحسب ما وصل استقيناه من معطيات وما أكده الخبير مصطفى الجويلي تظهر ارتباطات مرشح السبسي لرئاسة الحكومة بالمنظومة العالمية المالية والتجارية، ومناصرته للتحرير الكامل لقطاع الفلاحة التونسي وانصهاره في المنظومة الدولية بكل المخاطر الناجمة عنها، مستبقا باكثر من عشر سنوات اتفاق ALEKA محل الجدل الكبير مع الاتحاد الاوروبي والمرفوض من اغلب الخبراء والفلاحين، ورجالات الكارتيلات والمنظمات الدولية لا يكترثون كثيرا للمخاطر التي يمكن ان تطال الفلاح التونسي الذي يعيش الهشاشة كما انهم لا يكترثون كثيرا للتشاريع والاتفاقيات التي تفرط في الاراضي الفلاحية التونسية، بل انهم يدعون لها دون حياء.
سيرة ذاتية منشورة ضحلة ومركبّة في مقابل سيرة ذاتية موازية محجوبة لا يقع الكشف عنها، ويقع التستر عليها والتضليل بخصوصها، ومهاجمة كل من يثير الاسئلة حولها وقمعه واتهامه وشيطنته، خاصة بعد المعزوفة الجديدة التي اصدروها باتهام كل من ينقد الاحزاب والسلطة ب"استهداف" النخب السياسية و"تشويهها"، والماكينة صارت شغّالة بقوّة، والامر تعقّد اكثر بتماهي وتذيّل النهضة للسبسي وعدم قيام نوابها وقياداتها بدورهم التقييمي والرقابي في الصدد، ما جعل عبء البحث والتثبت محمولا على عموم الشعب المرهق بمشاكل الحياة والمعيشة والاصطياف الحارق هذه السنة باسعاره المشطة.
"مبادرة" اتضحت نواياها المغالطة منذ البداية، استهدفت ازاحة الصيد الذي لم يعد طيعا في يد حافظ، ولا توجد لها علاقة بالوحدة الوطنية المزعومة ولن يبق فيها من المنتظر سوى الرباعي زائد واحد او اثنين، ارهقت الشعب ونكّلت به قبل تفعيلها، ولا ندري حقيقة ان كان السبسي سيمضي الى النهاية في هذا المرشح الذي شل البلاد قبل اشتغاله، وان كان هناك مرشح بديل غير بعيد في مشاكله عن الاول، والى اين يدفع السبسي بالبلد خاصة وان رسائل الاحباط ارتفعت وتيرتها، فلا احد يمكنه التنبؤ بمآل الامور، والحالة ذكرتنا بفترة بورقيبة في 1986، لما ضعفت الدولة وهرم الشيخ وطغت الحاشية على حساب القانون ومؤسسات الدولة المتهالكة!!
(*) قانوني وناشط حقوقي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.