- أكد وزير الشؤون الخارجية، خميس الجهيناوي، مساء الجمعة، أمام أعضاء البرلمان "وجود شبهة قوية لتورط جهاز أجنبي" في اغتيال المهندس التونسي محمد الزواري الخميس الماضي أمام منزله بولاية صفاقس، مشددا على أن هذه " الجريمة النكراء تشكل اعتداء على السيادة الوطنية لتونس". واعتبر الجهيناوي، في رده على أسئلة نواب الشعب خلال جلسة استماع مشتركة مع وزير الداخلية بخصوص حادثة قتل الزواري، " أن الدبلوماسية التونسية لن تتوانى عن القيام بكل مسؤوليتها في حماية السيادة الوطنية والدفاع عن المواطنين التونسيين بعد توفر الأدلة والإثباتات". وأكد أيضا أنه سيتم تتبع ومحاكمة أي شخص أو طرف أجنبي بغرض كشف الحقيقة وتحديد المسؤوليات المتعلقة باغتيال الزواري. من جهة أخرى لاحظ الجهيناوي أن وزارة الشؤون الخارجية شرعت في جمع مختلف المعطيات لتتبع الجناة فضلا عن الاتصال بالجهات المعنية وبالإنتربول وتسهيل المساعدات القضائية الضرورية لوزارتي العدل والداخلية لدى الدول التي ذكرت أسماؤها في التحقيقات. واعتبر الوزير أيضا أن جريمة اغتيال المهندس الزواري "وقعت في ظرف إقليمي متسم بتنامي الاهتمام بقضايا الارهاب"، مؤكدا أن التجربة الديمقراطية التونسية "تبقى مستهدفة من عدة أطراف عبر استغلال الظرفية الاقليمية والدولية من أجل زرع بذور الانقسام في المجتمع التونسي"، حسب تعبيره. ودعا في هذا الصدد إلى التحلي بأقصى درجات اليقظة والانتباه نظرا لأن تونس تمر بمرحلة دقيقة ومصيرية. وفي رده على ما أثاره عدد من النواب بخصوص التطبيع مع اسرائيل قال الجهيناوي "التطبيع بكل أشكاله ليس مطروحا على الدولة التونسية" ومناصرة القضية الفلسطينية كان دوما في صميم اهتمام الديبلوماسية التونسية طيلة نحو 60 عاما، ملاحظا أن فتح تونس أواخر تسعينيات القرن الماضي لقنوات اتصال مع الإسرائيليين والفلسطينيين، في الوقت ذاته لم، يكن بغاية التطبيع بل لمرافقة مسار قيام دولة فلسطين الذي كان منتظرا عام 1999 وفقا لإتفاق أوسلو. وبخصوص نتائج المؤتمر الدولي للاستثمار" تونس 2020" وما اعتبره بعض النواب " تسولا " من طرف تونس، قال الجهيناوي " تونس تبحث دوما عن الشراكة المتكافئة بعيدا عن التسول"، مضيفا أن "الدعم المالي الذي كشفه المؤتمر أتى بفضل الإعجاب والتقدير الدولي لما أنجزته تونس". وجدد الجهيناوي بالمناسبة تقديم تعازي تونسلألمانيا إثر حادثة الدهس بواسطة شاحنة والتي طالت رواد أحد أسواق الميلاد بالعاصمة برلين الاثنين الماضي وخلفت قتلى وجرحى، مؤكدا "تضامن تونس إثر هذه الحادثة مع الشعب الالماني ومع ألمانيا " التي قال إنها "بلد صديق وشريك لتونس في مواجهة آفة الارهاب وحماية حدودها". أعضاء البرلمان يطالبون بتجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني وتكريم الشهيد محمد الزواري وعائلته دعا أعضاء مجلس نواب الشعب، اليوم الجمعة، أثناء الفترة الصباحية للجلسة العامة الطارئة المتعلقة باغتيال "الشهيد" محمد الزواري، إلى "تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني واتخاذ التدابير اللازمة، لتجنب تكرر الإغتيالات في تونس وإلى ضرورة تكريم الشهيد بتنظيم جنازة وطنية والعناية بأرملته وأفراد عائلته". وقد تباينت مواقف النواب بخصوص طبيعة هذه الجلسة التي يحضرها وزيرا الداخلية والشؤون الخارجية، إذ اعتبرها أغلب المتدخلين جلسة استفسارية أكثر منها لمساءلة الوزيرين أو تقييم أدائهما. فقد أشاد أكثر من نائب بأداء المؤسسة الأمنية واعتبروا أنها "استعادت قدراتها في التصدي للإرهاب"، مؤكدين على عدم اعتبار جريمة إغتيال الزواري معيارا للحكم على قدرات هذه المؤسسة، بالنظر إلى أن "عديد الدول ورغم قوة أدائها الأمني والإستخباراتي، تعرضت لمثل ما شهدته تونس"، حسب نائب كتلة النهضة عبد اللطيف المكي الذي سانده في رأيه هذا النائب اسماعيل بن محمود عن كتلة النداء والذي دعا إلى "عدم استغلال الجريمة لتسجيل النقاط والمزايدة السياسية"، حاثا على "استغلالها لتوحيد المواقف من قضايا الأمة". وفي المقابل إعتبر شق آخر من النواب المتدخلين، أن ما حصل يعد "استباحة للسيادة الوطنية وكشف عن نقائص كبيرة تشكو منها المنظومة الإستخباراتية"، منتقدين تكرر عمليات الإغتيال (بعد الثورة) والتي "طالت 3 من أشد المناوئين للمشروع الصهيوني، في إشارة إلى شكري بلعيد ومحمد البراهمي ومحمد الزواري". وطالبوا وزير الداخلية، الهادي المجدوب، بتوضيح ما توصلت إليه وزارته من معلومات بشأن الجريمة الأخيرة. وفي هذا السياق انتقد عدد من النواب ما اعتبروه "تفكيكا ممنهجا لأجهزة وزارة الداخلية بعد الثورة وهو ما ذهب إليه أيضا نواب ينتمون إلى كتل مختلفة (بعد إنسحابهم من كتلة نداء تونس)، على غرار الصحبي بن فرج ومحمد الناصر جبيرة ومصطفى بن أحمد وأحمد الطرودي والمنجي الحرباوي، الذين قالوا إن "ما قام به فرحات الراجحي، وزير الداخلية الأسبق سنة 2011، من إقالة لخيرة إطارات الوزارة، هو السبب في حصول مثل هذه الإختراقات". وطالب عديد النواب التابعين لكتلة النهضة بالخصوص، بتمكين زوجة الشهيد (سورية الأصل)، من الجنسية التونسية، "بقرار سياسي وليس عبر الطرق الإدارية العادية وتوفير منحة تمكنها من العيش بكرامة". كما دعوا إلى تكريم الشهيد محمد الزواري، بتخليد إسمه (إطلاقه على بعض الأنهج والساحات)، مع تنظيم جنازة وطنية تليق بمسيرته. وفي سياق آخر أجمع أغلب نواب كتلة النهضة وكتلة الجبهة الشعبية بالخصوص، على الدعوة إلى تجريم التطبيع، غير أن النائبة عن كتلة الجبهة، مباركة عواينية عبرت عن استغرابها "مطالبة بعض نواب المجلس بتجريم التطبيع، فيما وقفوا في السابق أمام تجريمه في الدستور زمن المجلس الوطني التأسيسي". كما طالب جل المتدخلين بالإسراع في إحداث وكالة وطنية للإستخبارات، رغم تباين الرؤى حول شكلها وصلاحياتها. وتساءل عديد النواب خلال الجلسة الصباحية عن "تزامن إستقالة المدير العام للأمن الوطني، عبد الرحمان بلحاج علي مع وقوع الجريمة في اليوم ذاته"، داعين وزير الداخلية إلى تقديم إيضاحات بخصوص تصريحات بلحاج علي التي أشار فيها إلى "سعي بعض الأطراف السياسية لوضع يدها على وزارة الداخلية وكذلك تصريحات بعض الأمنيين من النقابيين المعزولين، بخصوص تزايد العمل الإستخباراتي الأجنبي في تونس". واستفسر النائب المنجي الحرباوي، من وزير الداخلية، الأسباب الكامنة وراء "صمت الأجهزة الأمنية إزاء تواجد أحد عناصر حماس على التراب التونسي". كما انتقد النواب بشدة ما أسموه "تراخي" الأجهزة الأمنية، تجاه "تعمد صحفي تابع للكيان الصهيوني، البث من أمام وزارة الداخلية" والإسراع في إقالة بعض المسؤولين بجهة صفاقس، "للتغطية على النقائص الأساسية في المنظومة الأمنية والإستخباراتية". وقد اعتبر مبروك الحريزي، عن الكتلة الديمقراطية، أنه "يفترض أن تكون لدى تونس قدرة تفاوضية مع الإتحاد الأوروبي وأن تطالبه في إطار التعاون في مجالات مكافحة الجريمة المنظمة، بتتبع الجناة وكشف هوياتهم". وفي سياق متصل طالب النائبان عن كتلة النهضة، سمير ديلو ورمزي بن فرج، وزير الشؤون الخارجية، خميس الجهيناوي، باتخاذ كافة الإجراءات الدبلوماسية والقانونية، "من أجل تتبع الجناة وتقديم الشكاوى اللازمة للمنظمات الدولية المختصة". واستفسر بعض المتدخلين عن "سبب عدم متابعة الشهيد وغياب المعلومات بشأنه، سيما أنه كان زار عديد الدول في السنوات الأخيرة". وقد رفعت الجلسة الصباحية في حدود الساعة الواحدة إلا الربع بعد الزوال على أن تستأنف مع الساعة الرابعة للإستماع إلى بقية المتدخلين في إطار النقاش وإلى ردود وزيري الداخلية والخارجية. يذكر أن الجلسة الطارئة كانت تقررت على إثر اغتيال المهندس محمد الزواري في صفاقس، يوم 15 ديسمبر 2016. وكان مكتب مجلس نواب الشعب قد قرر أثناء اجتماعه أول أمس الأربعاء عقد جلسة عامة طارئة اليوم، استجابة لطلب تقدمت به 4 كتل برلمانية، هي "النهضة" و"نداء تونس" و"الجبهة الشعبية" و"الكتلة الديمقراطية".