بقلم: شكري بن عيسى (*) لم يَطَلْ التصريح المسموم لعضو المكتب التنفيذي لحركة النهضة ووزير التشغيل عماد الحمامي، في برنامج "ملف الاسبوع" قبل ايام على القناة الوطنية، كتائب القسّام فحسب، بل تعداها ليمس شهيد تونس الرمز محمد الزواري، والاجماع الوطني الواسع الذي بعثه حول مركزية القضية الفلسطينية والمقاومة عند الشعب التونسي بمختلف شرائحه وجهاته وحساسياته السياسية. "ما ثماش حتى تقصير".. بالنسبة للحكومة.. "اذا كان ثمة تقصير راهو في كتائب عزالدين القسام".. لو لم يكن التسجيل موثقا لما صدّق الكثيرون ان هذا التصريح المتطاول على المقاومة الفلسطينية صادر عن احد قيادات الصف الاول للنهضة.. قالها وهو في قمة الغرور والتطاوس تتملكه الخيلاء بانه يمتلك الحقيقة المطلقة، وبيده ميزان العدل الذهبي، يسند الشهادات والاوسمة للحكومة ويضع الاخفاقات على شرف الامة وتاجها. انتظرنا الحقيقة ردة فعل فورية مناسبة، في الحد الادنى الاعتذار للمقاومة وشهيد تونس والامة والاستهجان والتنصل بشكل مكتوب من هذا التصريح المتحامل، المستهدف بشكل مجّاني ودون موجب للمدافعين على مقدسات الامة المرابطين في الثغور، من حركة تضع (في انظمتها ولوائحها) القضية الفلسطينية في مقدمة محاور سياستها الخارجية، خاصة وان الوزير المعني تمت استضافته كما قدمته منشطة البرنامج بصفته الحزبية اضافة لصفته الحكومية، لكن لحد اللحظة لم يحصل شيئا. العديد داخل النهضة استاء من التصريح خاصة وان المعني عضو مكتب تنفيذي بل وناطق رسمي باسم الحركة وطالب بمحاسبته، سيما وانه تمادى في تحاليله المختلة، متحديا بانه "كان عليها (اي كتائب القسام) ما دام عندها قادة بهذا الحجم أنّو توفرلهم الحراسة اللازمة"، ولكن الاغلب ان الوزير المعني يحوز حصانة خاصة من الدائرة المتنفذة في قيادة الحركة، وهي تسعى للتهوين من تصريحاته وتمييعها واخراجه في النهاية دون اي خطيئة. بيان النهضة الصادر بتاريخ 19 ديسمبر كان واضحا ونقاطه كانت دقيقة، طالب ب"كشف الحقيقة وفضح المورطين في الجريمة في داخل تونس وخارجها"، كما "ندد بوجود صحفيين تابعين لقناة صهيونية" و"طالب بفتح تحقيق في الغرض"، واعتبر في المنطلق جريمة الاغتيال ارهابية ووجه الاتهام للمخابرات الصهيونية، اما رئيس الحكومة فقد اقر بوجود اخلالات ونفس الشيء اقر به وزير الداخلية، الامر الذي كشفته الحقائق الصارخة، وهو ما تفنن الوزير النهضوي في طمسه وانكاره، وزيادة فقد تمادى في الاساءة للشهيد علاوة على القاء مسؤولية اغتياله على كتائب القسام باعادة افتراء كذٌبه اخ محمد الزواري حول امر "التمتع بالعفو العام". وزير النهضة المكلف بالتشغيل بعد قرابة اربعة اشهر على توليه الوزارة لم نسجل له مشروعا يعكسه برنامجا بارقام واليات تنفيذية واضحة في مجال التشغيل، وحتى اكثر اجاباته حول ماقدمه الشاهد في خصوص عقد الكرامة "التسكيني" واليات التمويل التي اعادتنا لبرامج فاشلة سابقة، فقد كانت ملتبسة ومتناقضة ولم تقدم رؤية واضحة، ولم تكن منسجمة ضمن مخطط بمؤشرات كمية مضبوطة. اغرقنا في المقابل بنرجسية متورمة لنفسه وللحكومة وللنهضة وحتى للرئاسة التي قال فيها في البرنامج التلفزي كل المديح، بانها تنازلت عن حقها الدستوري حول "المركز الوطني للاستخبارات، ومنح عبارات الاطراء للحكومة بعد ان برأها من كل مسؤولية، وتغنى بها طويلا بمعزوفة "الوحدة الوطنية" التي كانت كذبة في المنطلق وتلاشت اليوم بصفة كبيرة، في استعادة للغة خشبية ازدراها الشعب مع نظام المخلوع، في الوقت الذي لم يكلف فيه نفسه الترحم على الشهيد وتعزية عائلته وادانة الجريمة النكراء وتوجيه الاتهام السياسي للكيان الصهيوني التي كانت بصماته واضحة ولا تحتاج لبحث وتحقيق. طبعا لسنا في وارد الدفاع عن كتائب القسام، فهي تاريخ ناصع في مسار الامة العربية والاسلامية، واعترف بها العدو قبل الصديق، وما تم التصريح به من او هناك لم يسىء للشهيد الزواري كما لم ينل من حركة المقاومة الفلسطينية، ولكن للباحثين عن اجابة حول حقيقة الامور، يكفي الرجوع للتصويت على الفصل المتعلق بادراج تجريم التطبيع في الدستور لنجد الوزير "الحكيم" على راس قائمة الذين عارضوه، في حين كان يكفي الاحتفاظ بالصوت لاسقاطه!! وسيسجل التاريخ بالمؤكد في سجله الذهبي شهادة محمد الزواري ومنجزات المقاومة البطولية، ولن يكون ل "أعلام" التيار الدحلاني من مُدّعي "العقلانية" و"البراغماتية" السياسية المتنكرة لقيم ومبادىء الامة، في المحصلة، سوى الهوامش والحواشي المظلمة! (*) قانوني وناشط حقوقي