شركة النقل بصفاقس تتسلم 10 حافلات جديدة بقيمة 7 ملايين دينار    مقتل 10 أشخاص وإصابة 396 آخرين خلال ال24 ساعة الماضية    الأمطار الأخيرة أثرها ضعيف على السدود ..رئيس قسم المياه يوضح    وزير السياحة يؤكد أهمية إعادة هيكلة مدارس التكوين في تطوير تنافسية تونس وتحسين الخدمات السياحية    الرابطة الأولى: تشكيلة قوافل قفصة في مواجهة مستقبل سليمان    عاجل/حادثة اعتداء أم على طفليها وإحالتهما على الانعاش: معطيات جديدة وصادمة..    نرمين صفر تتّهم هيفاء وهبي بتقليدها    مدير مركز اليقظة الدوائية: سحب لقاح استرازينيكا كان لدواع تجارية وليس لأسباب صحّية    دائرة الاتهام ترفض الإفراج عن محمد بوغلاب    61 حالة وفاة بسبب الحرارة الشديدة في تايلاند    إتحاد الفلاحة : '' ندعو إلى عدم توريد الأضاحي و هكذا سيكون سعرها ..''    أنس جابر في دورة روما الدولية للتنس : من هي منافستها ...متى و أين ؟    نادي ليفربول ينظم حفل وداع للمدرب الألماني يورغن كلوب    الكشف عن توقيت مباراة أنس جابر و صوفيا كينين…برنامج النّقل التلفزي    نحو إنجاز مشروع جديد خاص بالشبكة الحديدية السريعة ..وزارة التجهيز توضح    طقس الجمعة: امطار متفرقة بهذه المناطق    اليوم: طقس ربيعيّ بإمتياز    تسجيل 10 وفيات و396 مصاب خلال 24 ساعة في حوادث مختلفة    وزير أملاك الدولة: تصفية بعض عقّارات الأجانب أمر صعب    منبر الجمعة .. الفرق بين الفجور والفسق والمعصية    خطبة الجمعة .. لعن الله الراشي والمرتشي والرائش بينهما... الرشوة وأضرارها الاقتصادية والاجتماعية !    اسألوني ..يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    بسبب خلاف مع زوجته.. فرنسي يصيب شرطيين بجروح خطيرة    قوات الاحتلال تمنع دخول 400 شاحنة مساعدات إلى قطاع غزة..#خبر_عاجل    عاجل/ هجوم جديد للحوثيين على سفينة في خليج عدن عبر زورق مسلحين    شركات تونسية وأجنبية حاضرة بقوة وروسيا في الموعد...صالون الفلاحة والصناعات الغذائية بصفاقس يصنع الحدث    اتحاد الفلاحة: لوبيات القطاع سيطروا على الميدان    بنزرت...بطاقة إيداع بالسجن في حق عون صحّة والإبقاء على 5 بحالة سراح    المهدية .. تم نقلهم إلى المستشفى لتلقّي العلاج.. إصابة 5 تلاميذ في حادثة رشق حافلة بالحجارة    ولي يتهجم على أعضاء مجلس التأديب بإعدادية سهلول...القضاء يتدخل    بلا كهرباء ولا ماء، ديون متراكمة وتشريعات مفقودة .. مراكز الفنون الدرامية والركحية تستغيث    أحمد العوضي عن عودته لياسمين عبدالعزيز: "رجوعنا أمر خاص جداً"    مدنين.. مشاريع لانتاج الطاقة    اليوم «السي .آس .آس» «البقلاوة» والمنستير الإفريقي...معركة مفتوحة على المركز الثاني    معاناة في البطولة وصَدمة في الكأس .. الترجي يثير مخاوف أنصاره    عاجل/ مفتي الجمهورية يحسم الجدل بخصوص شراء أضحية العيد في ظل ارتفاع الأسعار..    أضحية العيد: مُفتي الجمهورية يحسم الجدل    بلاغ هام للنادي الافريقي..#خبر_عاجل    اليوم: تصويت مرتقب في الأمم المتحدة بشأن عضوية فلسطين    ممثلة الافلام الاباحية ستورمي دانيلز تتحدث عن علاقتها بترامب    المغرب: رجل يستيقظ ويخرج من التابوت قبل دفنه    دراسة: المبالغة بتناول الملح يزيد خطر الإصابة بسرطان المعدة    حالة الطقس اليوم الجمعة    بعد معاقبة طلاب مؤيدين لفلسطين.. رئيسة جامعة كورنيل الأمريكية تستقيل    نبات الخزامى فوائده وأضراره    وزير الخارجية: تونس حريصة على المحافظة على العلاقات التّاريخية والطّبيعية التّي تجمعها بالاتّحاد الأوروبي    استدعاء سنية الدّهماني للتحقيق    أولا وأخيرا...شباك خالية    تونس تفوز بالمركز الأول في المسابقة الأوروبية لزيت الزيتون    اللغة العربية معرضة للانقراض….    تظاهرة ثقافية في جبنيانة تحت عنوان "تراثنا رؤية تتطور...تشريعات تواكب"    قابس : الملتقى الدولي موسى الجمني للتراث الجبلي يومي 11 و12 ماي بالمركب الشبابي بشنني    سلالة "كوفيد" جديدة "يصعب إيقافها" تثير المخاوف    سابقة.. محكمة مغربية تقضي بتعويض سيدة في قضية "مضاعفات لقاح كورونا"    مفزع: 376 حالة وفاة في 1571 حادث مرور منذ بداية السنة..    سليانة: تنظيم الملتقى الجهوي للسينما والصورة والفنون التشكيلية بمشاركة 200 تلميذ وتلميذة    كشف لغز جثة قنال وادي مجردة    الرابطة المحترفة الاولى (مرحلة التتويج – كلاسيكو الجولة السابعة) : الترجي للابتعاد بالصدارة والنجم لاعادة توزيع الاوراق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الذكي الغبيّ»
نشر في باب نات يوم 15 - 09 - 2008

كان من المعيب أن يطلبوا من رجال أن يعانوا ويموتوا، أن يصمدوا في وجه معاناة هائلة ووجع قلب، أن يتحملوا تجارب تجرد من الإنسانية لا يمكن تجنبها في القتال، من أجل قضية لا يؤيدها الشعب على المدى الطويل، وهي قضية اعتقد زعماؤنا خطأ انها ممكنة التحقيق بثمن أقل مما كان عدونا مستعداً لدفعه».
الكلام السابق قاله جون ماكين، إلا أنه لم يقله عن الحرب غير الشرعية على العراق، وإنما عن حرب فيتنام التي أُخذ فيها أسيراً.
كنت أحاول كتابة مقال خفيف عن «الذكي الغبيّ»، أو الذكي الذي لا يمنعه ذكاؤه من ارتكاب حماقة، عندما قادني البحث الى كتاب ديفيد هالبرستام «الأفضل والأذكى»، فهو دَرَس السياسة الخارجية لإدارتي كينيدي وجونسون بين 1961 و1965 كما صاغها أكاديميون ومثقفون من أرفع مستوى ممكن، ومع ذلك فهم قادوا البلاد الى حرب في فيتنام سقط فيها عشرات ألوف القتلى الأميركيين، وبقيت البلاد تدفع ثمنها من صحة الجنود العائدين وعقولهم عقوداً.
الكتاب «الأفضل والأذكى» بقي على رأس قائمة أكثر الكتب مبيعاً مدة طويلة، ووجدت كلام ماكين في مقدمة الطبعة العشرين منه. ثم قادني البحث الى بوب هربرت الذي كتب مقالاً في «نيويورك تايمز» بعنوان «لا نهاية في الأفق» في 11/8/2005 وقال فيه عن مقدمة ماكين ان كلامه ينطبق على الحرب في العراق.
هو رأيي ايضاً، فالسناتور ماكين الذي عاش ليعترض على الحرب في فيتنام، يؤيد الحرب على العراق، بل يؤيد كل حرب، فعنده حلّ عسكري لكل مشكلة، وهو الآن يخوض جدالاً وقحاً حول العراق يحاول أن يبيع الناخبين فيه كذبة النجاح، وحتى النصر، ولا يذكر أن أسباب الحرب كانت مزورة عمداً، وأنها قتلت أربعة آلاف أميركي (ومليون عراقي أيضاً)، ودمرت الاقتصاد الأميركي أو كادت، وجرّت معه اقتصاد العالم الى حافة الهاوية. وهو اختار نائبة له سارة بالين التي صرحت قبل يومين لجنود أميركيين بينهم ابنها، قبل ذهابهم الى العراق، ان العراق مسؤول عن إرهاب 11/9/2001، ما يعني مزيداً من الحروب القائمة على الجهل لو فاز ماكين - بالين.
في أهمية ما سبق ان إدارة بوش لم تنتصر أو تربح، وخفض القوات لا يعني شيئاً على أرض الواقع، فالإدارة الأميركية تنقل الجنود الأميركيين من العراق، حيث خفّت وتيرة القتال، الى أفغانستان حيث زادت حدة المعارك.
كل فجور الإدارة، وتطبيل عصابة الحرب، وتزمير ماكين، لن يغير الحقيقة، وهي كما يأتي:
زيدت القوات الأميركية في العراق فانتقل الإرهابيون الى أفغانستان، وعندما تزيد القوات الأميركية والحليفة في أفغانستان، يعود الإرهابيون الى العراق.
أتهمُ طالبان بالتخلف الديني والإنساني، واتهم القاعدة بالإرهاب وبإيذاء الإسلام كما لم يفعل أعداؤه، وأرجو أن يُهزما، إلا أن هذا لا يحجب حقيقة أن رجال طالبان على أبواب كابول، وأن الحرب على العراق وفرت للقاعدة مكتب تجنيد، فيتقاطر عليها طلاب القتال، وهي أصبحت «قواعد» والحرب عليها من دون نهاية.
في حرب فيتنام ارتكب بعض افضل العقول الأميركية خطأ فادحاً، فقد فصّل أركان إدارة كينيدي الحرب على قياسهم لا على قياس فيتنام، غير أن الوضع في الحرب على العراق يختلف، فجورج بوش الابن آخر من يُتهم بالذكاء لأنه يجمع بين الجهل والحمق والتطرف الديني، فكان أن عمل الرئيس الأميركي المعين (عينته المحكمة العليا) مخلب قط لعصابة حرب بعضها يريد بسط امبراطورية جديدة على العالم، وبعضها الآخر اسرائيلي حتى لو حمل الجنسية الاميركية، ومن الليكوديين الاميركيين الذين لا يمثلون غالبية يهود الولايات المتحدة.
كنت كتبت في هذه الزاوية بعد قرار زيادة القوات في العراق، ان الإرهابيين سيتجنبون مواجهة القوات الإضافية، فهم يعرفون ان هذه القوات لن تبقى الى الأبد، وانهم سينقلون المعركة ويختارون توقيتها كما يناسبهم. ووصلت الى هذه القناعة بالمنطق، كما وصل اليها غيري، ومن دون معلومات الاستخبارات التي اختارت إدارة بوش ان تتجاهلها مرة بعد مرة، فكان أن وجدت نفسها وقد انتقلت المعركة من ميدان الى ميدان.
في فيتنام هزم الأميركيين «رجالٌ حجمهم قليل يرتدون البيجامات»، كما كانوا يصفون الفيتكونغ. وفي العراق هزم الأميركيون أنفسهم، فالجريمة الأصلية اطلقت الإرهاب، واستمرارها من دون محاكمة المجرمين، زاد الإرهاب حول العالم، والأرقام مؤكدة ولا تكذب.
يكفي القراء عصابةَ حربٍ وإرهاباً، هذا الصباح، وسأحاول أن اعوض عن نكد طرفين يستحقان أحدهما الآخر بالعودة غداً الى الموضوع الخفيف عن «الذكي الغبي» وأحياناً «الغبي الذكي» الذي كنت في سبيله قبل أن أتعثر بجون ماكين والسياسة الفاشلة التي هاجمها يوماً وهو يرفع لواءها اليوم.
جهاد الخازن


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.