بقلم الاستاذ و النقابي عادل الزواوي تنطلق يوم 15 جوان 2017 بوزارة التربية المحادثة الخاصة لتنصيب المديرين و النظار بالمعاهد الثانوية و المدارس الإعدادية و ستبدأ بتونس الكبرى (4 أيام) لتستأنف بعد عيد الفطر لبقية الولايات. تاريخيّة المسؤولية و المحادثة : نتذكر جميعا أن هذه المسؤوليات داخل معاهدنا كانت قبل الثورة حكرا على المنتمين للتجمع الدستوري الديمقراطي دون سواهم أين كان المدير و الناظر بدرجة أقل و إلى جانب مهمته التربوية و الادارية و المالية يفرض عليه جملة من المهام السياسوية (الإحتفال ب 7 نوفمبر ، جمع "التبرعات"لصندوق 26/26 ...) و للبعض الآخر مهمة مراقبة بعض الناشطين النقابيين و السياسيين و العديد منهم لعب دور الواشي بل و حتى التورط قي كتابة تقارير أمنية في بعض الأساتذة ( هذا الصنف قلّة لكنه وجد) ،فالانتماء إلى الحزب الحاكم لا يكفي حتى تكون مديرا أو ناظرا بل كانت منظومة كاملة الأطراف من المحاباة و المحسوبية و صلة القرابة و الجهويات ...إلى جانب طبعا ضرورة الإنتماء. الثورة و المحادثة : مثلت ثورة 17ديسمبر منعرجا للقطع مع التعيينات التي كانت حزبية صرفة و تم الإتفاق في 2011 بين الطرف النقابي ممثل في الأخ سامي الطاهري و وزارة الإشراف على ضرورة إجراء محادثة لكل المديرين و النظار حتى الذين هم بصدد المباشرة لضمان مبدأ تكافؤ الفرص و الشفافية بعد أن تم عزل العشرات من المديرين وفق تقارير و توصيات من النقابات الجهوية للتعليم الثانوي إلى النقابة العامة و مثّل هذا المنعرج و الذي يعتبر ثوري في تلك المرحلة ردة فعل عكسية من العديد من المديرين إذ أعلن عدد لا يستهان به في الدخول في إضراب مفتوح في صيف 2011 رفضا منهم للإتفاق الحاصل بين وزارة الإشراف و النقابة العامة رغم أن عزل البعض تم وفق خصام ذاتي و غير موضوعي في حين تم الابقاء على الأكثر خطورة منهم بل و تدخل الطرف النقابي لترقية البعض (مندوبية أريانة نموذجا ). رغم هنات الإتفاقية وقتها لكنها تعتبر مقبولة في زمنها ووقتها فالثورة باغتت الجميع وبقيت نفس الشروط التي تمّ التنصيص عليها في 2011 بدون مراجعة بل زادت إنحدارا في السنة الفارطة أساسا لتتواصل كذلك هذه السنة . كنت سابقا و منذ 2012 قد أطلقت على هذه الإتفاقية بإتفاقية "الشعر الأبيض" فسنوات الأقدمية هي المحددة في التنافس للوصول لهذه المسؤوليات فمثلا زميل لديه 25 سنة أقدمية يترشح لإدارة إعدادية مع زميل لديه 12 سنة .يتحصل الاول مباشرة على عدد فارقي ب 13نقطة (25-12=13 ) يعني مهما كانت مؤهلات الزميل الثاني و إمكانياته فإن الشعر الأبيض هو المحدد و هو ما أوجد عدد لا يستهان به في السنوات الماضية من المديرين الذين أنهكتهم الامراض و التعب فأختاروا الهروب من القسم أو للبحث عن مبلغ مالي إضافي و تسويغ منازلهم للإنتفاع بالمنازل الوظيفية (وهذا ليس إستنقاصا من الزملاء الذين يعرفون مدى حبي لهم بل هو توصيف للظاهرة) أدت هذه الوضعية لوجود العديد من الإشكاليات خلال هذه السنوات أين وقع رمي زملاء المحفظة إلى الإدارة و المال بدون أدنى تكوين وأصبح البعض يحكي على مفهوم " المحرقة" و أدى هذا الوضع إلى حدوث إشكاليات بالجملة في كل الولايات مع العديد من المديرين الذين فشلوا في إدارة مؤسساهم إما نتيجة الجهل أو نتيجة التقدم في السن (وهو معطى موضوعي ) أو نتيجة وجود هذا الهيكل نفسه بين مطرقة الإدارة التجمعية بإمتياز و التي مازالت متحكمة وبين سندان الطرف النقابي فلا هيكل قانوني خاص بهم ولا إجراءات و مناشير واضحة تنظمهم ... كانت المحادثة تجرى منذ 2011 داخل المندوبيات ويشرف عليها 3 من المندوبية و 3 من الطرف النقابي (عضوين من النقابة الجهوية للتعليم الثانوي و عضو لجان إدارية متناصفة )تسند 6 اعداد ليتحصل المترشح على عدد في المحادثة من 0 الى 20 (تجمع الاعداد من 6 الحاضرين و تقسّم على 6)لينضاف إليها الأقدمية (وهي المهمّة )و التنفيل إذا كان الزميل أو الزميلة لديه شهادة ماجستار أو الدكتوراه. و لأكون موضوعيا كان للطرف النقابي اليد الطولى في المحادثة حيث تغلب مقولة (متاعي أو موش متاعي) وتغلب حتى بعض التقسيمات السياسية التي غلّبت مصلحة الحزب أو التوجه على مصلحة المدرسة و مقتضياتها وتداخلت حتى الجوانب الذاتية و العلاقات على حساب مصداقية المحادثة وأشهد أني كنت أحد الفاعلين ضمن ما كتبت و قرّبت أساسا النقابيين وأبعدت المختلفين خاصة في أبعادهم الإيدولوجية و أعتذر . لئن كانت المحادثة داخل المندوبيات تضم النقابات الجهوية و اللجان الإدارية المتناصفة فهم يعلمون بحكم الجغرافيا زملاءهم و زميلاتهم و مدى إستعدادهم و حتى بعض خصوصياتهم داخل مؤسساتهم لكن في النهاية ينجح من يجد دعما من الطرف النقابي و ينجع بإمتياز من يجد الدعم من الطرفين (الإداري و النقابي)و يفشل من كانت علاقته عادية مع إدارته أو لديه مشاكل مع نقابته و في هذا الإطار عاد العديد من الذين تحصلوا على الإعفاء بعد الثورة ليعودوا من جديد إلى مسؤولياتهم... تغيير وجهة المحادثة إلى باب بنات : تغيرت السنة الماضية وجهة المحادثة إلى وزارة الإشراف أين يشرف عليها كاتب عام النقابة الجهوية و النقابة العامة و عضو لجان إدارية متناصفة وطنية و ثلاثة من وزارة الإشراف و تخضع لنفس المقاييس و هي العدد في المحادثة و الأقدمية و التنفيل .فلماذا تغيير الوجهة ؟ بعض التحاليل تؤكد أن صعود نقابة في جهة زغوان محسوبة على اليمين هي من دفعت النقابة العامة للعود على تطبيق الإتفاقية في صيغتها الأولى (المحادثة في الوزارة ) لكن بحكم علمي فإن سخط أن أحد أعضاء النقابة العامة بعد تكليف الزميل عثمان قويدر مدير إعدادية بالمنيهلة -أريانة-هو الذي سرّع بالعودة إلى النص المؤسس...أين سيضطر الجميع للحج لوزارة الإشراف من 25 مندوبية و سيضطر الاسانذة خاصة في الولايات البعيدة لتكبّد معاناة الطريق و سيارات الأجرة و الحافلات ليعود إلى منزله ربما مثقلا بهذه الاسئلة : ماهي المشروعية الأكادمية أن يسندني فلان عددا ؟ لماذا أذهب للمحادثة و من سينافسني على نفس الموقع تربطه علاقات متشابكة مع الطرفين ؟ ربما أقدميتي التي لم تتجاوز 20 سنة لن تسمح لي بالوصول إلى هدفي ؟ إجابة على هذه الجمل و غيرها كثير فهل يعقل أن يمنح أستاذ تربية بدنية شاء القدر أن يكون عضو نقابي عددا لزميله المتحصل على الدكتوراه في التاريخ أو الحضارة أو غيرها ؟؟ أي شفافية و عضو آخر ليس له الأستاذية يقيم زميله الذي يفوقه علما و دراية و خبرة بسنوات؟؟ هل أن الطرف الإداري (أولاد المكينة السابقة ) هم أطراف محايدين و لديهم المشروعية العلمية و الأكاديمية ؟؟ هذه الأسئلة ليست إساءة لأحد أو إستنقاص لأي كان بقدر ماهي دفع للعقل للتدبر و للمبادرة أن تنشط . لذلك فالمحادثة ستخضع العدد لميولات 3 دون سواهم ( ميولات الإدارة و جماعتها و ميولات المتحكمين في مكينة نقابة الثانوي و هما طرفين أساسا ...) هذه قراءة أولى للمحادثة ستكون مشفوعة بجملة من الإقتراحات علنا نساهم في تطوير منظومتنا التي تعاني من الموت السريري نتيجة غياب الرؤيا و الشطحات وإنعدام إستراتيجيا وطنية شاملة .