يوم دراسي برلماني لمناقشة مقترح قانون متعلق بالفنان والمهن الفنية    القصرين: الوضع الوبائي المرتبط بالامراض الحيوانية مستقر...لكن    وفاة شاب إثر مناوشات مع الأمن بالقيروان: النيابة تتدخّل..#خبر_عاجل    معز بن غربية ينضم رسميا إلى قناة تونسنا    هند صبري تكشف حقيقة خلافها مع هذه الممثلة    انتخاب وحيد العبيدي رئيسًا للاتحاد الإسلامي العالمي للكشافة والشباب    المنتخب الوطني: تواصل التحضيرات.. واليوم إكتمال النصاب    عاجل: الإفريقي يطالب بهزم الترجي جزائيًا بعد الدربي..والسبب البوغانمي    بطولة كرة اليد: كلاسيكو النادي الإفريقي والنجم الساحلي يتصدر برنامج مباريات الجولة الثامنة إيابا    عاجل-محرز الغنوشي:''المنخفض الجوي الموجود على المغرب هو الذي سيصلنا في النصف الثاني لهذا الأسبوع''    عاجل: أمطار وفيضانات تحصد الأرواح وتُعطّل الدراسة بعدة دول عربية    الكاف: خلال يوم...إجراء 13 عمليّة زرع وصلة شريانيّة وريديّة لمرضى القصور الكلوي    دكتور يحذّر التوانسة: الفيجل والحنّة، التحليق والتشليط...تقتلوا بيهم في صغاركم    المهدية: افتتاح الشباك الموحد لإتمام إجراءات مناسك الحج لموسم 2026    اتحاد بن قردان يكشف برنامج مبارياته الودية خلال تربص بسوسة    جربة: تنظيم المؤتمر الدولي الثالث للرياضيات وتطبيقاتها في هذا الموعد    جمع أكثر من مليون دولار لبطل هجوم أستراليا    "مسرحية إقامة شهيرة" أو كيف يلتحق "كاره النساء" بحاشية "العشاق".    المغرب : 37 حالة وفاة جرّاء سيول آسفي    عاجل/ من بينها تونس: موجة تقلبات جوية تضرب هذه الدول..    عاجل/ احباط تهريب رجلي أعمال ممنوعين من السفر عبر الحدود البرية..    عاجل/ نحو تنفيذ اضراب عام للتاكسي الفردي..؟!    العثور على هذا المخرج وزوجته جثتين هامدتين داخل منزلهما..#خبر_عاجل    ليندا حنيني: أول تونسية وعربية تدخل برنامج FIA Rising Stars 2025    خبر سارّ للتوانسة: إنخفاض سوم الدجاج في رأس العام    مسؤول بوزارة الصحة للتونسيات: ''ما تشريش الكحُل'' من السواق    شنيا يصير لبدنك وقلبك وقت تاكل شوربة العدس؟    تدعيم المستشفى الجهوي بمنزل تميم بتجهيزات طبية متطوّرة    الاتحاد التونسي لاعانة الاشخاص القاصرين ذهنيا يعقد مجلسه الوطني من 19 الى 21 ديسمبر 2025 بمدينة سوسة    هيئة السلامة الصحية للأغذية: حجز وإتلاف مواد غذائية غير صالحة للاستهلاك وغلق محلات لصنع المرطبات    أيام قرطاج السينمائية 2025: فيلم "كان يا مكان في غزة" يركز على الهشاشة الاجتماعية لشباب القطاع المحاصر ويضع الاحتلال خارج الكادر    القيروان: الدورة الثالثة ل"مهرجان الزيتون الجبلي وسياحة زيت الزيتون التونسي"    بطولة كرة السلة: نتائج مباريات الجولة الثالثة إيابا.. والترتيب    حجز 1400 قطعة مرطبات مجمّدة غير صالحة للإستهلاك..#خبر_عاجل    فلوسك تحت السيطرة: خطوات بسيطة باش تولّي واعي بمصاريفك    10 سنوات سجنا في حق كاتب عام نقابة أعوان وموظفي العدلية سابقا    بداية من جانفي: إذا دقّوا عليكم الباب...راهو استبيان على النقل مش حاجة أخرى    ما السبب وراء صمود توقعات النمو الاقتصادي لدول آسيان-6؟    الزهروني: إيقاف مشتبه به في جريمة طعن تلميذ حتى الموت    مؤسسة دعم تحتفي بمسيرة 10 سنوات من الإدماج المالي وتعلن تخفيض دائم في نسب الفائدة    شنيا حقيقة امضاء لسعد الدريدي مع شباب قسنطينة؟..بعد جمعة برك في باردو    عاجل: جمعية القضاة تحذر: ترهيب القضاة يهدد العدالة في تونس    بعد هجوم سيدني.. أستراليا تدرس تشديد قوانين حيازة الأسلحة    HONOR تطلق في تونس هاتفها الجديد HONOR X9d    على خلفية الاحتجاجات الأخيرة: إيقاف أكثر من 21 شخصا بالقيروان    كأس العرب قطر 2025: المغرب والإمارات في مواجهة حاسمة من أجل بلوغ النهائي    إقرار تجمع عمالي أمام شركة نقل تونس ومقاطعة اشغال اللجان (الجامعة العامة للنقل)    أب وابنه.. أستراليا تعلن تفاصيل جديدة عن مشتبه بهما في هجوم سيدني    أولا وأخيرا .. أنا لست عربيا ولن أكون    شجاعته جعلته بطلا قوميا في أستراليا.. من هو أحمد الأحمد؟    وزارة الفلاحة تنطلق في العمل ببرنامج تخزين كميات من زيت الزيتون لدى الخواص مع اسناد منح للخزن    مهرجان بدائل للفنون بالكاف يمنح جائزته التقديرية للممثل البحري الرحالي    إنشاء مجمع صناعي متكامل لإنتاج العطور ومستحضرات التجميل ببوسالم    الألواح الشمسية وقانون المالية 2026: جدل حول الجباية بين تسريع الانتقال الطاقي وحماية التصنيع المحلي    8 أبراج تحصل على فرصة العمر في عام 2026    شنوّا حكاية ''البلّوطة'' للرجال؟    تنبيه لكلّ حاجّ: التصوير ممنوع    بدأ العد التنازلي لرمضان: هذا موعد غرة شهر رجب فلكياً..#خبر_عاجل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في مسرحية ''الخوف'': جليلة بكار والفاضل الجعايبي ينبّهان من حصول ''الكارثة''
نشر في باب نات يوم 07 - 10 - 2017

- غبار كثيف يكسو أرجاء المكان، وأصوات رياح صرصر تصمّ الآذان. تظهر على الركح شخصيات منهارة جسديا، خائرة القوى وقد أنهكها الإعياء وأخذ منها التعب كل مأخذ. تبدو هذه الشخصيات تائهة وسط عاصفة رملية كثيفة، وقد قادها القدر إلى بناية مستشفى مهجور.
هم اثنا عشر شخصا من فريق كشافة ينجون من هلاك العاصفة الهوجاء ويحتمون بمبنى المستشفى المهجور، حيث تدور أحداث مسرحية "الخوف" لجليلة بكار والفاضل الجعايبي، أداء كل من فاطمة بن سعيدان ورمزي عزيز ونعمان حمدة ولبنى مليكة وأيمن الماجري ونسرين المولهي وأحمد طه حمروني ومعين مومني ومروى مناعي. وهو عمل جديد من إنتاج المسرح الوطني التونسي، تمّ تقديم عرضه الأول بتونس مساء الجمعة بقاعة الفن الرابع بالعاصمة، وحضرته عدة شخصيات سياسية وفنية.
وعوّل الفاضل الجعايبي في مسرحية "الخوف" على أداء الممثلين على الركح بدرجة أولى ليبلّغ أحاسيس الخوف والرهبة للجمهور، فكان الأداء يراوح بين السكون تارة والهيجان طورا، وهي خصوصية اعتمدها المخرج لتفادي سقوط العرض، الذي دام حوالي ساعتين، في الرتابة، بل خَطَّ الإيقاع منحًى تصاعديًّا انسجاما مع ذروة الأحداث وبنية المسرحية التراجيدية.
وفي ما يتعلّق أيضا بأداء الممثلين على خشبة المسرح، نجح "جنود" الجعايبي في تقمّص أدوارهم بحرفية، وجعلوا من أحاسيس الرهبة والخوف التي سكنتهم واقعا وحقيقة تسكن المتفرّج في حدّ ذاته.
ولعلّ اهتمام المخرج بعمل الممثل في جميع أعماله المسرحية، ومسرحية "الخوف" على وجه الخصوص، جعله يغيّب الديكور تقريبا، مكتفيا ببعض الأكسيسوارات كأسرّة المستشفى وبعض الجماجم البشرية.
وبخصوص ألوان الإضاءة اكتفى بالمراوحة بين اللونين الأبيض والأزرق، واعتمد اللون الأول للدلالة على زمن النهار، أما اللون الثاني فدلّ على زمن الليل من ناحية، ولعب وظيفة الدلالة على السكون والجمود والانغلاق والسجن من ناحية أخرى.
جمعت شخصيات مسرحية "الخوف" بين مختلف شرائح المجتمع من مركز القيادة (قائد الكشافة)، إلى المثقف، إلى الإنسان العامي.
وهي بذلك ترجمة للعلاقة بين مكونات الشعب الواحد من ناحية وبين أعلى هرم في الدولة والشعب من ناحية أخرى.
وقد بدت هذه العلاقة، وفق أحداث المسرحية، علاقة عمودية: فقائد الكشافة يأبى الامتثال إلى مقترحات العامة ومطالبهم، ويأتمر بأوامره فحسب، "لا يريد جعجعة ولا مطالب ولا حريات".
وأما بقية المجموعة فيسودها بينها الاختلاف رغم الكارثة التي تحيط بهم جميعا، وكلّ منهم يريد خلاصا ذاتيا للمأزق فيتفرّقون بحثا عن مخرج كّل على طريقته.
وللمكان في مسرحية "الخوف" أكثر من معنى: فالمستشفى بما هو فضاء يرتاده المريض للعلاج ورمز لإعادة الأمل والحياة، يصبح في هذا العمل مهجورًا لا حياة فيه، بل إنه يصبح سجنا لمن طلب الاحتماء به من العاصفة وفضاء للصراع من أجل البقاء والعنف حدّ الاقتتال.
أمّا العاصفة الرملية، فقد حاك منها الفاضل الجعايبي رمزية فنية تمتزج فيها مشاعر الرهبة بالخوف والحيرة والقلق وتكون مرآة العنف والقسوة التي يجسدها الممثلون على الركح بل ومكملا لجميع هذه العناصر القاسية، ليخلق صراعا وجوديا من أجل البقاء.
ويدفع الجعايبي من خلال مشاهد العاصفة الهوجاء، الجمهور للتساؤل ماذا لو حصلت الكارثة؟ ماذا أعدّت الدولة للنجاة منها؟ ولذلك فهو ينبّه من الهلاك الجماعي إذا حصلت الكارثة وفات الأوان.
ولم ينس المخرج أن يعرّج أيضا على علاقة الدولة بالمواطن، وهي علاقة اتسمت، وفق أحداث المسرحية، باللامبالاة والتهميش.
وقد أبرزها الجعايبي من خلال صوت الطائرة العمودية التي مرّت فوق البناية التي لاذت إليها الشخصيات وخالوها جاءت لنجدتهم، لكنها عبرت بسرعة ولم تعرهم أي اهتمام.
كما عرّى أيضا جانبا من الشعارات السياسية الجوفاء أبرزها حرية المرأة، وتجسّد ذلك في عدة مواقف من المسرحية منها عدم السماح للمرأة بقيادة المجموعة رغم فشل العنصر الذكوري، لتبقى السلطة حكرا على الرجل.
ولم تكن عودة الشخصيات إلى المستشفى المهجور بطريقة لاإرادية، في كل مرة يخرجون منه، إلا للدلالة على أن الشعب ثار على الظلم والفساد والاستبداد والفقر من أجل الحرية والعدالة وبناء مجتمع سليم، فإذا به في كل مرة يعود إلى المربع الأول الذي انطلق منه وهو مربع للاستبداد والفقر والصراع السياسي والعنف المتفشي في المجتمع.
وتمّت في مسرحية "الخوف" الإشارة إلى التلقائية والعبثية التي يتم فيها تسيير أفراد المجموعة دون مخطط واضح لإدارة الأزمة، وفي هذا السياق يحذر المخرج من الطريق المجهول الذي تسلكه البلاد وما يمكن أن تؤول إليه العواقب.
مسرحية "الخوف" التي تعدّ العمل الإخراجي الثالث للفاضل الجعايبي بعد ثورة 14 جانفي 2011، هي مسايرة آنية للأحداث الحاصلة في البلاد، كما تعدّ أيضا تتمّة لمسرحيتيْ "تسونامي" و"العنف" وجزءًا لا يتجزّأ منهما بحسب الملاحظين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.