نصرالدين السويلمي المتابع لكواليس التحركات الصهيونية والتي تهدف الى امتصاص تداعيات القرار الامريكي الاخير حول القدس سيقف على جملة من الفعاليات نفذتها وتنفذها مراكز النفوذ العالمي واللوبي الاخطبوط في الولاياتالمتحدة والمانيا وبلجيكا وكندا كما وصلت بعض الانشطة الى مجموعة من الدول الافريقية وذلك تحت رعاية الوكالة الإسرائيلية للتعاون الدولي "l'Agence israélienne de développement international – MASHAV-"، والملفت ان النشاطات التي تضاعفت منذ اعلنت الدوائر في واشنطن عن نية ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة للكيان، هذه النشاطات التي جاءت في شكل حملات تحسيس ركزت على محورين ، الاول يعتني بالجانب التاريخي وما عبرت عنه فعاليات اللوبي ب"أحقية اليهود بالمقدس"، كما ركز الجانب الثاني على المظلمة التي تعرضوا لها وخاصة المحرقة النازية او ما عرف بالهولوكست". لا يمكن الاستغراب من الخطوات التي اقدم عليها الكيان لأنه وببساطة يعمل لصالح فكرة قومية دينية ويحشد مختلف الاسباب لضمان نجاحها بل واكتساحها، لكن الغريب ان تنخرط المكتبة الوطنية والتي هي ذاكرة البلاد ومستودعها الفكري الثقافي ، في الحملة وتعمد الى مصادمة الامة وطعن القضية المركزية من خلال تنظيم معرض تحت عنوان "الدولة المخادعة.. السلطة والدعاية النازية" واختارت له السيدة مديرة المكتبة يوم الجمعة الموافق ل15 ديسمبر ! والموافق بدوره للذكرى الاولى لاغتيال الشهيد محمد الزواري، الذي وفي ذكرى غدره تصر بن سلامة ومن معها على تزكية قاتله نكاية فيه ونكاية في ولاء الشهيد للقضية المركزية للامة،ليس ذلك كل شيء لان الفاجعة لم تقتصر على المعرض وتوقيته واهدافه والحملة التي يأتي في سياقها وإنما الكارثة في الجهات المشرفة عليه او الراعية له، واي مصيبة اكبر من ان يكون " متحف الهولوكوست بواشنطن "احد اهم الداعمين للمعرض! إضافة الى الكزدغلي والجهات التي يمثلها والمنابر التي يستعملها في التطبيع وصولا الى الصهينة. لو تطرقت بن سلامة الى هذا المحور في سياق انساني وفي فضاء زمني غير مشحون وبعيدا عن الحملة التي تقودها اللوبيات الصهيونية الكاسحة لجلبت التعاطف والتغطية على مصيبة ترامب، ولكان الامر اكثر من عادي، فالهولوكوست من الاحداث البشعة التي لا تعنون بماهية المستهدف وانما بخطورة الجرم أي كان ضحيته، إنما الفاجعة هو هذا الاستعمال المهين للمكتبة الوطنية من خلال انعاش الخطة الصهيونية وارهاق الزخم العربي الإسلامي الانساني الذي يواجه جنون التهويد الصهيوامريكي، في مرحلة يحتكم فيها الورم "البلفوري" على اقوى مراكز النفوذ في العالم ويفتقر فيها اصحاب الحق الى ابسط اسباب القوة وليس لهم غير السواعد العزلاء وما لديها من دماء تجود بها تابعا منذ الوعد المشؤوم وما تبعه من خيانات تلاحقنا الى اليوم وتذكرنا سادنة المكتبة الوطنية بأرذلها. كان يسع بن سلامة ومكتبتها التي اقتطعتها لها السلطة ان تنشّط معرضا يهتم بالخرائط القديمة والحديثة للقدس او تسلط الضوء على ما قبل وبعد وعد بلفور والتخطيط قبل 100 سنة للتطهير والاغتصاب الديمغرافي عبر الهجرة المركزة الى "ارض الميعاد" ، كان يمكن استضافة خبراء للرد على المغالطات التي وردت في خطاب الرئيس الامريكي، كان يسعها ان تتطرق الى الوثائق الخطيرة التي استحوذ عليها الكيان الصهيوني اخيرا وخلال المدة التي اقفل فيها بوابات المسجد الاقصى طوال 14 يوما، كسر فيها الأقفال والمدرجات وعبث فيها بالوثائق سرقة واتلافا، كما كان يمكنا ان تشرف على معرض يوثق للجريمة التي استهدفت الشهيد الزواري وانتهكت حرمة بلادنا وعبثت بأمنها، كان يسعها الكثير كما كان يسعها ان تقوم بتحييد المكتبة الوطنية تماما وذلك اخف درجات الخيانة. ولأنهم اعلم بطبيعة الشعب التونسي التي تأبى العمالة، ولأنهم دأبوا على الخيانة ، ولأنهم يدركون الجفوة بينهم وبين خيارات وطموحات المجتمع التونسي العربي المسلم الاصيل، فقد تكتموا على الحدث، ولم يبادروا بنشره ولا هم روجوا له عبر صفحاتهم التي تعودوا على التبجح من خلالها حتى بالأحداث السخيفة، ولان الطبخة معدة بالتوافق مع منابر اعلام العار، فقد تواصوا بالتكتم وتمرير المعرض تحت جنح العار، وحين استشعروا انهم بصدد الفعل المشين، لازموا الصمت وبالغوا في التعتيم على امل ان يمر يوم الخيانة بسلام...فكان ان سلم الله بلادنا فلم تتلوث، وعرى آخر ورقات توتهم. قررت بن سلامة مستعينة بمخبر التراث الذي يشرف عليه عميد كلية منوبة السابق الحبيب الكزدغلي أن تمارس ابشع انواع الفاحشة على القدس في ايام اغتصابها وعلى محمد الزواري في ذكرى استشهاده، لكن وبما أن تونس ولاّدة، لم تخلو المكتبة الوطنية من الاحرار الذين جابهوا الخيانة بشجاعة وطردوا الخونة ووقفوا في وجه عراب الصهاينة الحبيب الكزدغلي ووقفوا اكثر في وجه بن "شالومة" التي سولت لها نفسها تحويل ذاكرة البلاد الى وكر للتجسس والترويج لبضاعة الكيان الغاصب. ألقى الخونة عصيّهم ، فألقى الاحرار ما بيمينهم تلقفت ما صنعوا، إنما صنعوا كيد خائن ولا يفلح الخائن حيث اتى.