- طارق عمراني - في مقال لها نشر علی موقها بتاريخ 30 جانفي 2018 تحت عنوان Tunisie : une gauche divisée, à l'avenir incertain تناولت المجلة الفرنسية جون افريك بالتحليل موضوع إنقسام مكونات اليسار التونسي وغياب رؤية واضحة ومقاربة تجعلها تتطور مع المجريات السياسية وتجعل مستقبلها غامضا, حيث اعتبرت المجلة الفرنسية ان حالة اليسار يمكن ان تتلخص في المظاهرات الاحتجاجية التي عرفتها تونس في شهر جانفي بمبادرة شبابية من حملة ''فاش نستناو'' وعجز الحركات اليسارية عن مسايرة هذه الموجة والركوب عليها وهو ماتجلی في كلام النائب عن الجبهة الشعبية في مجلس نواب الشعب والمتخصص في الشؤون الإقتصادية فتحي الشامخي والذي بالرغم من تحمسه فقد قال "هذه المظاهرات ليست مؤطرة وكثيرا ما حادت شعاراتها عن المطالب الاساسية فغياب اليسار القوي سيسهل ولا شك في انحراف هذه التحركات" . واضاف القيادي في حزب المسار بكار غريب مؤلف كتاب ("من أجل اعادة تأسيس اليسار التونسي" ) "اليسار هو قاطرة كل التحركات الاجتماعية" فالبنسبة لهذا المثقف الاولوية للقضايا الإجتماعية لكن اليسار الراديكالي لم يرق علی مستوی مقارباته الفكرية لمستوی هذا الرهان فبالنسبة لبكار غريب علی الاحزاب اليسارية دعم اي مطلب او احتجاج يكون مصدره الشعب ،لكنه لم يعلّق حول موقف حزبه "المسار" الذي ظل بعيدا عن دائرة الاحداث والاحتجاجات الاخيرة. واعتبر المقال ان اليسار يشهد الآن بالتوازي مع الاحتجاجات الاخيرة ضد قانون المالية حالة من التناقض والانقسام غير المسبوقة فبعض الاحزاب اليسارية تشارك في وثيقة قرطاج التي تتكون من خلطة حزبية هجينة تعمل علی تهيئة المناخ الملائم لانعاش الاقتصاد ويعتبر سمير بالطيب القيادي في حزب المسار من العقول التي ساهمت في اخراج هذه الوثيقة الی النور وفي مقابل ذلك فقد رفضت مكونات الجبهة الشعبية الامضاء علی هذا الاتفاق و بالنسبة لقانون المالية فإن نواب الجبهة الشعبية لم يكونوا علی وفاق في التصويت ضده بل ظهرت خلافات علی السطح وهو ما يتجلی في رفض القانون برمته والمصادقة علی فصول مثل الزيادة في نسبة القيمة المضافة وهو ما اعتبر بدعة تؤكد تذبذب الجبهة اليسارية وتشير الی خلافات داخلية . وأشارت المجلة الفرنسية إلی التشرذم الذي تعيشه الحساسيات اليسارية فهناك اختلاف في الرؤی والاولويات فهناك من يری ان الاولوية للنمط المجتمعي وهناك من يعتبر ان الاولوية للمشاكل الاقتصادية والاجتماعية فاليسار الاجتماعي ممثلا في التكتل لم يتعاف بعد من مخلفات تحالفه مع حركة النهضة ودفع ثمن ذلك في الانتخابات التشريعية في 2014 وبالنسبة لحزب المسار فهو في نظر الكثير بمثابة الحزب اليساري الذي يناضل فقط من اجل المساواة بين الجنسين والدفاع عن الاقليات ويری الجيلاني الهمامي القيادي في الجبهة الشعبية ان الاستقطاب بين حركة النهضة والنداء غطّی علی المسألة الاقتصادية بطرح اشكاليات الهوية والحداثة والمحافظة . وختم المقال بإعتبار خطاب اليسار مغرقا في الايديولوجيا إلی درجة الإنفلات كما يعاني اليسار من مشكلة حادة في تقديم المقترحات وطرح البدائل الی درجة ان مكوناته اصبحت تمارس المعارضة لاجل المعارضة حتی ان الجبهة الشعبية لم تقدم اي مبادرة تشريعية في مجلس النواب بإستثناء مبادرة تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني وحتی معركة الشارع فقد خسرتها لحساب تنظيمات شبابية علی غرار حركة فاش نستناو في التحركات الأخيرة.