- استأثرت الملفات الاجتماعية، على غرار التشغيل والتربية والترفيع في الأجور وعمال الحضائر، بالجزء الأهم من النقاش العام أثناء الفترة الصباحية من الجلسة العامة المنعقدة اليوم السبت بمجلس نواب الشعب والتي خصصت لمناقشة مشروعي ميزانية الدولة والميزان الاقتصادي لسنة 2019 فقد دعا النائب اسماعيل بن محمود (كتلة الائتلاف الوطني) وزير التربية حاتم بن سالم إلى إيجاد حل سريع لأزمة المدرسين النواب خاصة في جهة الصخيرة والجهات الداخلية التي تشكو نقصا في عدد المدرسين، وفق تأكيده، داعيا إلى تكريس التمييز الايجابي تجاه هذه المناطق وتوفير مدرسين في اختصاصات تفتقدها مدارسها على غرار التربية التشكيلية والموسيقى واللغات الأجنبية. كما دعا النائب رضا الدلاعي (الكتلة الديمقراطية) إلى ايجاد حلول لأزمة التعليم "المتفاقمة والتي تتجاوز جوانب البنية التحتية" وفق قوله، معتبرا أن ميزانية 2019 تم اعدادها بعقل "محاسبي حرص على ايجاد التوازن بين الموارد والنفقات فحسب". وأضاف أن "الميزانية لم تعط البعد الاجتماعي الأهمية اللازمة حيث لم يتم التعرض لمسألة الانتدابات في الوظيفة العمومية كما لم يأت رئيس الحكومة على مسألة ايجاد تسوية لملفات الآلاف من عملة الحضائر وكيفية انصاف الجهات الداخلية بأرقام وسياسات واضحة". واعتبر النائب بشير بن عمر (كتلة الإئتلاف الوطني) أن الأجور في الوظيفة العمومية والقطاع العام "زهيدة ولا تستجيب لحاجيات المواطن"، داعيا إلى العمل على الزيادة فيها وربطها بمنحة الانتاج وتنقيح مجلة الشغل بهدف تمكين المرأة العاملة من حقها في عدد أقل من ساعات العمل ومزيد الاهتمام بواجباتها الأسرية. ومن جانبه طالب النائب يوسف الجويني (من غير المنتمين) بالترفيع في المنحة المخصصة للعائلات المعوزة وتحقيق التوازن بين البعدين الاقتصادي والاجتماعي، مقترحا مزيد الاهتمام بالجهات المهمشة والأحياء الشعبية المتاخمة للمدن. كما حث النائب حسن العماري (كتلة نداء تونس) على ضرورة تشغيل أصحاب الشهائد العليا من العائلات المعوزة والتعامل مع ملفهم بالجدية المطلوبة من طرف وزارة الشؤون الاجتماعية التي تغافلت، وفق تقديره، عن هذا الملف رغم تكرر مطالبهم طيلة سنة كاملة وفي أكثر من مناسبة، متسائلا عن سبب حرمان بعض المسنين الفاقدين للسند من دفاتر العلاج. كما لفت العماري الانتباه إلى تعطل عدد من المشاريع التي انطلقت منذ سنة 2015 رغم توفر الإعتمادات اللازمة لها وإلى عدم قدرة المؤسسات الوطنية على غرار ديوان التطهير والشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه والشركة التونسية للكهرباء والغاز على الايفاء بالتزاماتها المالية تجاه مزوديها. وأبرز النائب ابراهيم ناصف (كتلة الحرة لحركة مشروع تونس) أهمية دور الاتحاد العام التونسي للشغل في الدفاع عن حقوق منظوريه، داعيا الاتحاد إلى حث الشغالين على الانضباط وتفادي العطل غير المبررة ومكافحة الفساد في المؤسسات العمومية وضمان المساواة في الأجور في مختلف القطاعات. كما حث ناصف، الحكومة على أن جعل اصلاح الإدارة ضمن أوكد أولوياتها في السنة المقبلة وعلى الاستمرار في مكافحة الفساد والتهريب والتهرب الجبائي. أما النائب الجيلاني الهمامي عن كتلة الجبهة الشعبية، فقد اعتبر أن الفرضيات التي انبنت عليها ميزانية 2019 "غامضة" وأن الخيارات الواردة في البيان الحكومي "توحي بالفشل في حل الأزمة التي تعيشها البلاد"، مرجحا تفاقم الوضع المالي وارتفاع سعر صرف الأورو والدولار مقابل العملة المحلية مع نهاية السنة المقبلة. وأضاف الهمامي إن "الوضع الاجتماعي في تونس سيء وعلى درجة كبيرة من الخطورة ما دفع باتجاه اقرار الاضراب العام في الوظيفة العمومية والقطاع العام يوم 17 جانفي 2019 بعد تعطل المفاوظات بسبب رفض صندوق النقد الدولي مطالب الإتحاد العام التونسي للشغل بالترفيع في الأجور وفق اقرار الحكومة نفسها"، نافيا في سياق متصل وجود أي مؤشرات ايجابية طيلة السنة الحالية بخصوص التخفيض من نسب البطالة مقارنة بالسنة الماضية. وتطرق النائب عن كتلة النهضة حبيب خذر إلى مسألة المعرف الوحيد الذي تم اقراره منذ سنة 2013 بهدف توجيه الدعم إلى مستحقيه دون أن يتم الانتهاء منه إلى حد الآن، داعيا إلى ضرورة التحكم في الأسعار وايجاد حلول للعجز التجاري عبر توسيع اتفاقيات التبادل بالعملات الأجنبية واتفاقيات المقايضة (سلع مقابل سلع) لما سينتجه ذلك من تخفيف للضغط على المالية العمومية إضافة إلى الاهتمام بملف عمال الحضائر الذي قال انه لم تتم الاشارة إليه في البيان الحكومي. ومن جهة أخرى تناولت بعض المداخلات القرار الإطاري لجبر الضرر الصادر عن هيئة الحقيقة والكرامة يوم أمس الجمعة، حيث اعتبرت النائبة فاطمة المسدي (كتلة نداء تونس) أن الهدف من هذا القرار هو "نهب خزينة الدولة لفائدة أشخاص لمجرد تقدمهم بشكاوى للهيئة". واتهمت المسدي المنتسبين لحركة النهضة بوقوفهم وراء هذا القرار، داعية إلى إلغائه بالنظر إلى صدوره بعد الآجال القانونية وإلى مخالفته قرارات مجلس نواب الشعب والحكومة، حسب رأيها. وأفاد النائب زهير الرجبي (كتلة النهضة) في مداخلته أن التعويضات لا تعني فقط المنتسبين إلى حركة النهضة بل تشمل المنتسبين إلى كافة العائلات السياسية التي تضررت من الدكتاتورية منذ 1956 وبخصوص ميزانية 2019 دعا الرجبي إلى ايجاد حلول لانزلاق الدينار مقابل العملات الأجنبية والتخفيض في الضريبة في عدد من القطاعات وتبسيط الاجراءات أمام المستثمرين وايجاد حلول للتهرب الجبائي.