جندوبة: اجلاء نحو 30 ألف قنطار من الحبوب منذ انطلاق موسم الحصاد    قافلة الصمود تُعلن العودة إلى تونس بعد رفض مصر منح التراخيص    قائمة الدول التي تصنّع وتملك السلاح النووي: من يملك القوة النووية في العالم؟    باكستان تغلق حدودها مع إيران    لا تفوت المشاهدة : موعد مباراة تشيلسي ضد لوس أنجلوس فى كأس العالم للأندية    عاجل/ باكستان: المصادقة على مشروع قرار يدعم إيران ضد إسرائيل    عاجل/ إضراب جديد ب3 أيام في قطاع النقل    بطولة برلين: أنس جابر تتأهل إلى الدور ثمن النهائي    فيليبي لويس: "أرقام الترجي الرياضي مبهرة حقا .. ولاعبوه يتميزون بروح قوية"    جندوبة: الادارة الجهوية للحماية المدنية تطلق برنامج العطلة الآمنة    "مذكّرات تُسهم في التعريف بتاريخ تونس منذ سنة 1684": إصدار جديد لمجمع بيت الحكمة    الدورة الأولى من مهرجان الأصالة والإبداع بالقلال من 18 الى 20 جوان    عاجل/ هذا موقف وزارة العدل من مقترح توثيق الطلاق الرضائي لدى عدول الإشهاد..    الكأس الذهبية: المنتخب السعودي يتغلب على نظيره الهايتي    منوبة: الاحتفاظ بمربيّي نحل بشبهة إضرام النار عمدا بغابة جبلية    إجمالي رقم اعمال قطاع الاتصالات تراجع الى 325 مليون دينار في افريل 2025    في قضية ارتشاء وتدليس: تأجيل محاكمة الطيب راشد    منذ بداية السنة: تسجيل 187 حالة تسمّم غذائي جماعي في تونس    عاجل/ هذه حصيلة قتلى الكيان الصهيوني جراء القصف الايراني..    من هو الهولندي داني ماكيلي حكم مباراة الترجي وفلامينغو في كأس العالم للأندية؟    معرض باريس الجوي.. إغلاق مفاجئ للجناح الإسرائيلي وتغطيته بستار أسود    القيروان: 2619 مترشحا ومترشحة يشرعون في اجتياز مناظرة "السيزيام" ب 15 مركزا    243 ألف وحدة دم أُنقذت بها الأرواح... وتونس مازالت بحاجة إلى المزيد!    كهل يحول وجهة طفلة 13 سنة ويغتصبها..وهذه التفاصيل..    الكاف: فتح مركزين فرعيين بساقية سيدي يوسف وقلعة سنان لتجميع صابة الحبوب    كيف نختار الماء المعدني المناسب؟ خبيرة تونسية تكشف التفاصيل    ابن أحمد السقا يتعرض لأزمة صحية مفاجئة    عاجل : عطلة رأس السنة الهجرية 2025 رسميًا للتونسيين (الموعد والتفاصيل)    تأجيل محاكمة المحامية سنية الدهماني    الحماية المدنية: 536 تدخلا منها 189 لإطفاء حرائق خلال ال 24 ساعة الماضية    10 سنوات سجناً لمروّجي مخدرات تورّطا في استهداف الوسط المدرسي بحلق الوادي    صاروخ إيراني يصيب مبنى السفارة الأمريكية في تل أبيب..    اليوم الإثنين موعد انطلاق الحملة الانتخابية الخاصة بالانتخابات التشريعية الجزئية بدائرة بنزرت الشمالية    وفد من وزارة التربية العُمانية في تونس لانتداب مدرسين ومشرفين    خبر سارّ: تراجع حرارة الطقس مع عودة الامطار في هذا الموعد    طقس اليوم..الحرارة تصل الى 42..    النادي الصفاقسي: الهيئة التسييرية تواصل المشوار .. والإدارة تعول على الجماهير    تعاون تونسي إيطالي لدعم جراحة قلب الأطفال    كأس المغرب 2023-2024: معين الشعباني يقود نهضة بركان الى الدور نصف النهائي    باريس سان جيرمان يقسو على أتليتيكو مدريد برباعية في كأس العالم للأندية    صفاقس : الهيئة الجديدة ل"جمعية حرفيون بلا حدود تعتزم كسب رهان الحرف، وتثمين الحرف الجديدة والمعاصرة (رئيس الجمعية)    بعد ترميمه فيلم "كاميرا عربية" لفريد بوغدير يُعرض عالميا لأوّل مرّة في مهرجان "السينما المستعادة" ببولونيا    لطيفة العرفاوي تردّ على الشائعات بشأن ملابسات وفاة شقيقها    زفاف الحلم: إطلالات شيرين بيوتي تخطف الأنظار وتثير الجدل    المبادلات التجارية بين تونس والجزائر لا تزال دون المأموال (دراسة)    الإعلامية ريهام بن علية عبر ستوري على إنستغرام:''خوفي من الموت موش على خاطري على خاطر ولدي''    قابس: الاعلان عن جملة من الاجراءات لحماية الأبقار من مرض الجلد العقدي المعدي    إطلاق خط جوي مباشر جديد بين مولدافيا وتونس    باجة: سفرة تجارية ثانية تربط تونس بباجة بداية من الاثنين القادم    هل يمكن أكل المثلجات والملونات الصناعية يوميًا؟    موسم واعد في الشمال الغربي: مؤشرات إيجابية ونمو ملحوظ في عدد الزوار    تحذير خطير: لماذا قد يكون الأرز المعاد تسخينه قاتلًا لصحتك؟    من قلب إنجلترا: نحلة تقتل مليارديرًا هنديًا وسط دهشة الحاضرين    المدير العام لمنظمة الصحة العالمية يؤكد دعم المنظمة لمقاربة الصحة الواحدة    قافلة الصمود فعل رمزي أربك الاحتلال وكشف هشاشة الأنظمة    خطبة الجمعة .. رأس الحكمة مخافة الله    ملف الأسبوع .. أحبُّ الناس إلى الله أنفعُهم للناس    طواف الوداع: وداعٌ مهيب للحجيج في ختام مناسك الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بورقيبة ،،أيها الزعيم :إن أبناءك المزيفين يخونونك وينهشون لحمك
نشر في باب نات يوم 05 - 06 - 2020


بقلم لطفي حجي *
وأنا أتابع أشغال جلسة مجلس نواب الشعب المخصصة لمناقشة موقف تونس من الوضع في ليبيا، صعقت لحجم التزييف - حتى لا أقول الجهل- لسياسات بورقيبة الخارجية ممن يدعون أنهم بورقيبيون.
وأول كذبة مخالفة لتصنيف الدبلوماسية التونسية كما أسس لها بورقيبة هي الحديث عن الحياد لمصلحة الوطن. كان بورقيبة سياسيا بارعا في رسم السياسات الخارجية وفي نحت العلاقات الخارجية حسب ما تقتضيه المرحلة والمصلحة، ولأن بورقيبة كان ذكيا وبارعا كذلك في السياسة فلم يكن يؤمن بالحياد ، لأنه يدرك تمام الإدراك أنه لا حياد في السياسة ولأن الحياد في السياسة يعني أن يلتقي الجميع ضدك، فيلحقون بك الضرر ولا تحقق أي نفع أو فائدة، وفي كل الحالات لن تجد من يدعمك منهم.
السياسة هي فن نسج العلاقات مع من ينفعك ويضمن مصالحك ، ومن هذا المنطلق فالسياسة هي الاصطفاف ضمن محاور ما ، لكن الاصطفاف لا يعني التبعية العمياء بل قوة الاصطفاف في أن تجيب عن الأسئلة الثلاثة، متى وأين وكيف، متى تصطف ومع من تصطف وكيف تصطف دون أن تذوب في أي دولة كانت أو أن تصبح تابعا لا موقف وطني لك. والإجابة الدقيقة عن الأسئلة الثلاثة ليست متاحة لأي سياسي، فضلا عن هواة السياسة، فقط يقدر عليها السياسيون المتمرسون البارعون الذين يمارسون السياسة بمنطق المصلحة الوطنية لا غير، وضمن استراتيجيا وطنية واضحة المعالم دون أن يكونوا أسرى للعوامل المعيقة لتلك المصلحة كالإيديولوجيا، والتوقف عند المعارك التاريخية، والاعتبارات القبلية الطائفية التي تحتكم إلى منطق انصر أخاك ظالما أو مظلوما.
إن الإجابة عن تلك الأسئلة وفق ذلك المنطق هي التي تجعلك تحافظ على وطنيتك في الوقت الذي تنسج علاقات متينة مع من تعتبرهم حلفاء. بهذا المنطق السياسي المحض لم يكن بورقيبة محايدا في أي ملف من الملفات السياسية منذ دخوله عالم السياسة. فبورقيبة كان في قطيعة فكرية وسياسية مع المقاومين الذين حملوا السلاح لمحاربة المستعمر ففكره لم يكن فكرهم ، ومشروعهم السياسي لم يكن مشروعه بالمرة ومع ذلك اصطف معهم بل وجههم وحرضهم على المقاومة والقتال لأنه كان ينظر إلى الهدف وهو تحرير البلاد فغلب تناقضاته مع المقاومين التي تفجرت بمجرد الحصول على الاستقلال .
وبورقيبة في ديبلوماسيته التحريرية كان مصطفا مع أطراف فرنسية ضد أطراف أخرى فكان يشهد له باللعب على تناقضات السياسيين الفرنسيين فيعارض عتاة المستعمرين أو من يسميهم أساطين الاستعمار ويصطف مع من يعتبرهم مع القضية التونسية أو من يسميهم الديمقراطيين الفرنسيين.
وبورقيبة كان يصطف مع قوى دولية ضد فرنسا عندما تضيق عليه الخناق الحكومات الفرنسية التي يصنفها متطرفة، بهدف كسب الدعم ضد فرنسا وأدوات الضغط التي يحقق بها مغانم لتونس ضد فرنسا، بورقيبة كان مع النقابات الأمريكية ضد النقابات الشيوعية الفرنسية ومن وراءها التي رأى إنها لا تعتبر مقاومة الاستعمار أولوية من أولوياتها. كما أن بورقيبة تحالف مع الأمريكان في مرحلة من مراحل سياسته عندما أيقن أنها علاقات يمكن ان يساوم بها الفرنسيين ويحقق مكاسب لا يحققها الحياد المزعوم. وبورقيبة وقف مع الأمريكان في حربهم في الفيتنام، ولم يمنعه من ذلك أنه ينتمي إلى حركة تحرير وطني، وكان هدفه هو تحقيق أهداف وطنية. ومن مواقف بورقيبة الأخرى التي لفتت إليه الانظار في رسم الاستراتيجيات والتكتيك معا هو موقفه اثناء الحرب العالمية الثانية الدائرة بين الحلفاء والمحور، وتحديدا خلال الاحتلال المحوري لتونس - الذي امتد من شهر نوفمبر سنة 1942 إلى شهر ماي من سنة 1943 - فقد كان المنطق الطبيعي آنذاك يدفع نحو وقوف بورقيبة إلى جانب الألمان حتى يحرروا تونس من الاستعمار الفرنسي، غير أن بورقيبة كان موقفه مناقضا تماما لذاك المنطق ، ففي الأسابيع الأولى من دخول الألمان إلى تونس راسل من منفاه بحصن سان نيكولا بفرنسا الحبيب ثامر القائم بإدارة الحزب الدستوري آنذاك وحذر قيادة الحزب من الوقوف إلى جانب القوات الألمانية وقد التزمت القيادة بموقف بورقيبة، وقد أنصفه التاريخ حين انهزم الألمان في الحرب.
لو قام بورقيبة من قبره واستمع إلى هؤلاء لضربهم بعكازه لأنهم بصدد إفساد مصالح تونس وقطع الطريق عن مكاسب المستقبل بالإضافة إلى تطبيقهم لأجندات خارجية واضحة في الوقت الذي ينادون فيه بالحياد استنادا إلى بورقيبة.
روى لي أحد وزراء بورقيبة أنه في آخر مرحلة حكومة محمد مزالي سنة 1986 عاشت تونس صعوبات اقتصادية بما أثر على قيمة الدينار وعلى مخزون العملة الصعبة. فتم تكليف محافظ البنك المركزي حينها إسماعيل خليل بمهمة للتفاوض مع صندوق النقد الدولي لإيجاد حل عاجل للوضعية الاقتصادية، وحين عاد من مهمته انعقد مجلس وزاري كانت أهم نقطة في جدول أعماله هي الاستماع إلى تقرير عن مهمة إسماعيل خليل ، في نفس الاجتماع تدخل وزير الوظيفة العمومية المازري شقير تدخل لعرض تقرير عن زيارته لدول افريقية منها الزمبابوي، استمع إليه بورقيبة بامتعاض ولما أنهى حديثه التفت بورقيبة إلى إسماعيل خليل وخاطبه بالقول: "يا سي إسماعيل عندما يسألك مدير صندوق النقد الدولي عن الوضع في تونس قل له الزمبابوي تسلم عليك"
رغم أن مواقف بورقيبة معلنة وواضحة سيحز في نفسه بالتأكيد أن من يتاجرون باسمه اليوم خانوه حيا وخانوه ميتا، خانوه حيا حين ابتلعوا السنتهم واختفوا عندما قمعه الدكتاتور المخلوع وأهانه وهو في ارذل العمر ولم يراع تاريخه وزعامته. وخانوه ميتا حين حرفوا مواقفه وهم يدعون أنهم يعيشون في جلبابه.
نم قرير العين يا بورقيبة فالتاريخ سجل أنك أكبر منهم فأنت السياسي الذي اصبح جزءا من تاريخ تونس لن يقدر على محوه أحد هما اختلف معك ، كما لن يقدر على المتاجرة بمواقفك المعلنة تجار السياسة الذين لا يميزون بعد بين الوطنية والعمالة .
* إعلامي تونسي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.