أبو مازن نتفهم أن يكون القوم حديث عهد بالحرية والكرامة التي كانت نتاج ثورة يتلكأ أبناء القديمة في اجترار مفهومهما وينكرون فضلها عليهم قبل غيرهم. نتفهم أيضا أنّ عصا النظام الغليظة قد أصابت الديموفاشلون برهة من الزمن لاسيّما حين خلا الجو بعد أن حبس من حبس وهجّر من هجّر وقتل من قتل ونكّل بمن نكّل. لم يجد يومها النظام معارضين فابتدعهم ثم هشّ صبيانه يروّجون لبطولات وهمية، كفّ عند قاضي التحقيق ومنع من السفر على أقصى تقدير. نتفهم كل ذلك فالثورة جاءت لتقبر الغث والسمين من إساءة لحقوق الانسان ليتعايش الجميع تحت كنف الحرية والكرامة التي انطلقت في مثل هذه الأيام قبل عشر سنين أين يصبح القوم يبحثون على من مات ومن أحرق وأي المدن انتفضت وأي دوّار بات يبكي شهداءه وجرحاه. نتفهم أن الدستور جاء ليحفظ حقوق الجميع دون استثناء فالبلد الجميل الأخضر بلون غاباته والأحمر بدماء شهدائه والطيب الذي يستطاب فيه العيش واسع فسيح لكل أبنائه الذي لا يتجاوز تعدادهم الأحد عشر مليونا. لكن لم يستأثر البعض بالدين وغيرهم يستأثر بقيمة الحرية فيطلقون على أنفسهم الحر وآخرون هم ديمقراطيون بالولادة، هكذا سموا أنفسهم وهكذا يبقون مهما ارتكبوا من حماقات. آخرون يطلقون على أنفسهم أبناء الشعب وكأنّ البقية لاجئون من وراء البحار أو جابوا الصحراء الكبرى ليستقروا في هذا الوطن. أضف الى ذلك من سطا على الوطنية والعروبة والحداثة والمدنية وغيرها من الجامعات التي أصبحت مفرقات لهذا الشعب الكريم. هؤلاء هم الديموفاشلون الذين منحهم الزمان فرصة تاريخية ليبنوا وطنا حرا يقتات من أرضه ويصنع في مصانعه ما يحتاج من آلة بخبرات تونسية. هؤلاء هم الفاشلون الذين لم يكتفوا بالمصادقة على دستور وضع حدا لميلاد دكتاتورية اذ جعل أمر الحكم دُولة بين الناس على غير ما تعارف عليه العرب وأبناء منطقتهم المشتعلة. هؤلاء هم الفاشلون الذين يتخذون الديمقراطية ملاذا ليفرضوا الانقلاب ولينادوا ببيان عسكري والعسكر منه براء. الديموفاشلون لم تنصفهم الصناديق بالأمس ولا اليوم ويعلمون جيدا أنّها لن تنصفهم غدا لأنّ الناس رغم فاقتهم وقلة حيلتهم في كسب رزق كريم لا يرون عودة الدكتاتورية من أي باب حلا بل نهاية لكل حلم بوطن متقدم يعيش عصره.