بريطانيا.. محتجزون من "فلسطين أكشن" يواصلون إضرابهم عن الطعام وسط تحذيرات طبية من "موت وشيك"    كأس السوبر الإيطالي.. نابولي يهزم بولونيا ويتوج باللقب    ترامب.. سنبدأ قريبا عمليات برية في فنزويلا وسنوجه ضربات في أمريكا اللاتينية    "كان" 2025.. التشكيلة المحتملة للمنتخب الوطني التونسي أمام أوغندا    في زيارة لميناء رادس.. وزير النقل يوصي بدعوة أصحاب الحاويات ذات المكوث المطوّل لرفعها في أقرب الآجال    عاجل/ هذا ما قرره القضاء في حق رئيسة هذه الجمعية..    تونس تتجاوز عتبة 11 مليون سائح    في دار الشباب مساكن...ملتقى شباب المواطنة 2025 تحت شعار: «أصوات مختلفة وحوار واحد»    مسرحية «العين اللي ما تشوفكشي»: عندما يتحوّل المسرح إلى ضمير حيّ    سليمان...تمثّل تجربة ثقافية ناجحة.. أيام قرطاج السينمائية تعزّز حضور السينما بالجهات    سوسة .. في تظاهرة «سبيطار الحومة» أكثر من 2000 مواطن استفادوا من 1600 عيادة مجانية    للاستفراد بهما كلاّ على حدة .. 6 أطراف... تحرّك خيوط المؤامرة    بعد طفرة الجراد بالمنطقة: وزارة الفلاحة ترفع منسوب اليقظة    اجتماع لتطوير الاستثمار الصناعي للشركات ذات المساهمات الأجنبية الناشطة في تونس    مع الشروق : تونس والجزائر، تاريخ يسمو على الفتن    بنزرت.. هيئة السّلامة الصحية للمنتجات الغذائية على خطّ المراقبة    البحث عن ضحية خامسة.. إصابة 4 أشخاص في انفجار بمصنع كيماويات في فرنسا    الطرابلسي: طقس الرباط والمرافق الرياضية مواتية لمنتخب نسور قرطاج    عاجل/بداية من اليوم.. لا "تاكسيات" مساء بهذه الولاية..    النفطي يدعو السفراء وممثلي البعثات الدبلوماسية الى دعم ترويج زيت الزيتون    برنامج التأهيل الصناعي للمؤسسات: المصادقة على 484 ملف خلال سنة 2025    قوات الاحتلال الصهيوني تعتقل 17 فلسطينيا بالضفة الغربية..#خبر_عاجل    أصحاب الصيدليات الخاصة يتجهون لاجتماع حاسم مع الكنام    هام/ فتح باب الترشح للحصول على رخص "لواج"..وهذه التفاصيل..    منوبة: القرية الحرفية بالدندان تكتسي حُلّة جديدة مع تهيئة المدخل في انتظار ادراجها ضمن المسلك السياحي    وزارة الشؤون الدينية تحدد 30 ديسمبر كاخر أجل لاتمام اجراءات الحج    تصنيف الفيفا: المنتخب التونسي يتراجع..    عاجل : جامعة التعلم الاساسي تلغي الإضراب القطاعي المقرر يوم 26 جانفي    بسمة بوسيل تقاضي عرافة ...و السبب تامر حسني ؟    سيدي بوزيد: 267 تلميذا يستفيدون من البرنامج الوطني للرحلات المدرسية    Ooredoo تونس تحتفي بكأس أمم إفريقيا من خلال مهرجان منطقة المشجعين    الديوانة تنتدب 250 عريفا    تونس ضد أوغندا: الماتش غدوة ...شوف الملعب و طاقم التحكيم    لجان التحكيم تعترض على غياب دورها خلال حفل اختتام أيام قرطاج السينمائية    الحماية المدنية: 394 تدخّلا خلال ال 24 ساعة الماضية    في رجب: أفضل الأدعية اليومية لي لازم تقراها    ممرضة تصاب بحروق بليغة بعد إغمائها..هذه حقيقة ما صار بالضبط في مستشفى قفصة    العاصمة: 10 سنوات سجنًا لمسنّ تخصص في ترويج المخدرات    عاجل : إيقاف طبيبة تجميل مشهورة في مصر    عاجل: هذه تفاصيل ''بركاج'' التاكسي الذي أنهى حياة السائق    وفاة الممثل الأمريكي جيمس رانسون انتحارا عن 46 عاما    البطولة العربية للاندية للكرة الطائرة: برنامج مباريات الدور الاول    زلزال بقوة 5.3 درجات يضرب هذه المنطقة..#خبر_عاجل    سعر الذهب يسجّل مستوى قياسيا جديدا    كنز غذائي على طبقك.. ماذا تفعل "السبانخ" بجسمك..؟    كيفاش تقيس ضغط الدم بطريقة صحيحة وتاخذ قراءة صحيحة؟    مخك في خطر؟ 6 علامات للاكتئاب ممكن تصيبك بالخرف    عاجل/ وضع حدا لحياته: انتحار هذا الممثل شنقا..    تحب تخلّص فاتورة الستاغ على أقساط؟ هاذم الشروط    من غرة 2026: خلّص ''الفينيات'' من دارك ...شوفوا التفاصيل    كاس افريقيا للأمم ( المغرب- جزر القمر 2-0) المباراة كانت صعبة ولكن الفوز جاء عن جدارة واستحقاق    طقس اليوم: سحب كثيفة وأمطار رعدية منتظرة    وزارة الصحة تحث على التلقيح وتحذّر: النزلة الموسمية قد تشكّل خطرًا على الفئات الهشة    اليوم: أقصر نهار في العام    اليوم: التوانسة يعيشوا الإنقلاب الشتوي    مهرجان المنصف بالحاج يحي لفنون العرائس ومسرح الطفل من 21 إلى 28 ديسمبر 2025    عاجل : وفاة الفنانة المصرية سمية الألفي    برّ الوالدين ..طريق إلى الجنة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المرشد السياحي، بين المخيال الشعبي و حقيقة الصورة..
نشر في باب نات يوم 18 - 04 - 2021


كتبه / توفيق زعفوري..
الغرض من هذه الورقة، هو توضيح قتامة الصورة النمطية التي ترسخت في الخيال الشعبي لدى أغلبية التونسيين من جهة و من جهة أخرى توضيح حقيقة المرشد السياحي التي أنتهكت و تهمشت بفعل فاعل رسمي و غير رسمي على مدى عقود طويلة..
مع انفتاح العالم الرقمي على مصراعيه بعد الثورة و تنامي الرغبة في الترفيه و التنقل للسياحة بفعل الضغوط اليومية و الحاجة إلى الاكتشاف، صار لزاما ضبط ايقاعات الرحلة و البرمجة، برمجة تبدأ من الهاتف الجوال ، مرورا بوكالة الأسفار ، و تنتهي في أغلبها ب "تبديل جو" لا علاقة لها بأسس السفر و الاستفادة، و الإستكشاف وهو ما يتجلى في ضعف اهتمام أغلب التونسيين بالمواقع الأثرية و التاريخ عموما..
يتسلح و يتنظم أغلب التونسيين ، ليس كلهم، ببرامج تنشر على صفحات التواصل الاجتماعي أحيانا وهمية و أحيانا تابعة لوكالات أسفار، لا تتوفر فيها شروط تنظيم الرحلات، و أحيانا أخرى تنظم في "last minute "و( إركب لاتمنك!! ) كل شيء يصبح جاهزا للسفر و المغامرة، يأخذ التونسيون معهم زادهم و ما يحتاجونه، في الصحراء و الواحات و المتاحف و المواقع، كله جاهز الا البوصلة التي ترشدك ، و الأسباب عديدة ومنها :
أولا، الصورة النمطية لدى أغلب التونسيين أن المرشد السياحي، هو في الأصل بزناس، زائد عن النصاب، و سيط في عملية يمكن الاستغناء عنه بأي وجه من الوجوه، و هذه الصورة هي نتاج تهميش و دليل جهل بدوره الفعلي، و يكفي هنا التذكير أن كارثة عمدون ما كان لها أن تحدث لو وقع الإعداد لها جيدا، و لو أن هناك مرشدا سياحيا ذو كفاءة و خبرة قادر على توجيه مراحل الرحلة في الإتجاه الصحيح..
ثانيا عدم انفتاح التونسيين عن السفر و التنقل الا في العشر سنوات الأخيرة مع تنامي ضغط الحياة اليومية و الرغبة في الخروج من الروتين..
غياب تقاليد السفر، رغم عراقة التقاليد السياحية للبلاد يفسر بالظروف الاقتصادية و الاجتماعية أكثر من غيرها، ناهيك أن وزارة السياحة لا تولي اهتماما ضافيا للمرشد السياحي ، بل و تحتاجه فقط عندما تأتي شخصية مرموقة، تعرفه بالمواقع و بالمنتوج السياحي لعدة ساعات، و ينتهي دوره في وقتها، و مستحقاته إلى أجل غير مُسمّى ، فهو إذن يمثل صورة البلاد و سفيرها لدى الأجنبي و بطاقة تعريفها، و لكنه غير مؤشر عليه في بلده،( كالانبياء لا يتنبؤون في بلدهم)، و أغلب التونسيين يظنون أن المرشد السياحي موظف لدى إحدى النزل، و أنه بحكم خبرته في التعامل مع الأجانب يمكن له أن يتمتع بكل ملذات الدنيا مجانا، و بكل الماركات العالمية من مأكل و ملبس و مشرب و غيرها، حتى السلطات الأمنية لها فهم ضائع تماما و بعيد سنوات ضوئية عن حقيقة المرشد السياحي!!
من هو المرشد السياحي! ؟؟
إن أنت سافرت خارج حدودك الجغرافية المعتادة، فلست فقط بحاجة إلى خارطة المدينة لترشدك إلى معالمها و آثارها و بنيتها التحتية، و لا أنت بحاجة إلى مطويات، أو خرائط غوغل فحسب، أنت بحاجة إلى من يرشدك فعلا عن دور الثقافة و مواعيدها و عن المواقع الأثرية و تاريخها و حضارات الشعوب القديمة و الجديدة ، أنت بحاجة إلى من يرشدك عن المطاعم الشعبية و تفاصيل المطبخ الشعبي، و عن المطاعم الفاخرة و طعم القهوة الراقي، أنت بحاجة إلى من يرشدك عن مواعيد القطارات و الحافلات و سيارات الأجرة، و المسافات القريبة أو البعيدة، أنت بحاجة إلى من يروي لك تاريخ البلد و تفاصيل أهله المتناهية في الصغر و المتناهية في الكبر، أنت بحاجة إلى من يقرأ لك تاريخ البلد و حضارته، و كيف بنى نهضته، أنت بحاجة إلى أن ترى بلدك في عيون الآخرين، أنت بحاجة إلى معرفة تقاليد الشعوب و رموزهم و أبطالهم ،و عباداتهم و طرائق تفكيرهم، أنت تحتاج هذا و أكثر، و هذا الكم الهائل من المعرفة بلغات مختلفة، لا أحد قادر على تقديمه لك بكل فخر و بكل شغف و بكل حب غير المرشد السياحي، هذا هو باختصار شديد المرشد السياحي.. أنت تحتاجه فقط لهذا لانه و ببساطة لو أنك تتخيل نفسك تائها بين ناطحات سحاب أو في ثنايا المدن العتيقة و تضيع منك الجهات الست، و تعود إلى بلدك فرحا مسرورا تحكي لأهلك و أصدقائك عما رأيته في بلاد الغرب أو غيرها و لا تملك من معالمها شيئا و لا من رموزها و لم ترى منها ما يميزها و ما يبرزها، أو تكون فعلا قد رأيت ما يسرّك و يبهرك من معالم و متاحف، و لكنك لا تعرف عنها الشيء الكثير، تكون وقتها قد مررت بجانب الجمال و المتعة دون أن تتمتع فعلا، عندها، و عندها فقط تتذكر أنه لو كان معك مرشد سياحي لأمكنك أن تتمتع بإقامتك و جزء منها بكل حيوية و بكل تفاصيلها، عندها فقط تتذكر أن ما أنفقته ذهب هباء و أنه لو كان بإمكانك الإستعانة بمرشد سياحي لاختلفت زاوية الرؤية و متعة الزيارة..
نحن هنا كمرشدين، نعيش تفاصيل الرحلة و ننقلها للحريف بكل حرفية و بكل حب، في الغرب، لا يولون اهتماما كبيرا للضيوف، هم فقط يعملون على أساس أن هناك حرفاء آخرين في طابور الإنتظار و عليه أن يعمل بسرعة حتى يتمكن من اللحاق بالفريق الموالي، ليست هناك روح في العمل هناك و لا سياسة التحليل و التعليم و التوضيح، أنه يُسمعك ما تعلّمه من قليل الكلام و بعض الكلمات، ثم يدعوك أن تتبعه إلى الزوايا الأخرى من الموقع أو من المتحف، و لا يهتم إن أنت فهمت القصد أو وصلت الرسالة أو حتى أن كنت تهتم له أصلا..
ما يميزنا هنا أننا مع كل الشروحات و التحاليل و إستنطاق التاريخ و النبش في ثقافة الشعوب و غيرها مع كل هذا نضيف توابلنا الخاصة و هو الشغف، نعم هو الشغف بالمهنة و بالمهمة ، لهذا فنحن نتميز عمن سوانا بكوننا ننقل تجاربنا و ثقافتنا لمن هو أهل لها و مهتم لمعرفة تفاصيلها، و هو من صميم عمل المرشد السياحي، و هذا ما يجعل شبكة علاقاتنا تتوسع من خلال الحرفاء الذين مرّوا من خلالنا..
المرشد السياحي ، هو من يتناول قهوته على عجل، و ينتظر حرفاءه في صالات الوصول أو في بهو النزل بابتسامة عريضة، و أناقة ظاهرة و معهودة، رغم ما يخفيه من مشاغل ككل البشر، المرشد السياحي هو من يصعد الجبل في فصول الصيف الحارة و في شهر الصيام و في ظروف الشتاء القاسية و ثلوج الشمال الغربي، و هو يدعوك بحماسته المعتادة و شغفه الدائم أن تتبعه لان هناك نقيشة من عصور النوميديين أو القرطاجيين، أو الرومان و غيرهم تستحق أن تراها و لا يمكنك أن تغادر المدينة قبل أن تتمتع برؤيتها، المرشد السياحي هو من يفكر في كل تفاصيل الرحلة و حتى في ميكانيك وسيلة النقل و كل ما لا تراه و لا تحس به، يمثل شغل المرشد السياحي..
النظرة النمطية لأغلبية التونسيين إذن لا علاقة لها بالمرشد السياحي، الذي كنت أتحدث عنه منذ قليل فهل عرفتم الآن من هو المرشد السياحي، و لماذا عليك أن تستأنس دائما و تستعين به..
المرشد السياحي الجيد، يستحق أن تتبَعه، أما المرشد السياحي السيء، فمن حقك أن تَتَبّعه...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.