وات - تحرير أميمة العرفاوي - يطلق عليها "فاكهة الملوك" أو "حب الملوك" بينما تسمى في الأساطير والقصص ب"الكرز"، وهي فاكهة تلونت بالأحمر وتزينت بها ضيعات معتمديات مكثروبرقووسليانة الجنوبية، فباتت تجذب الناظر وتستهوي الزائر. على بعد مايقارب 15 كم من معتمدية مكثر، ورغم صعوبة التضاريس، تجدها عروس الشجيرات بضيعات بني حازم، وكلما إقتربت منها تستهويك حتى تكتشفها، فتجد النسوة يلامسن باصابعهن الخبيرة "حب الملوك" لتقطفها بكل لطف وتضعها في وعاء بلاستيكي تمرر وحيدة موسى (احدى العاملات في القطاع، في الثلاثين من العمر) أصابعها بكل حذر وشغف، همها الوحيد أن تحافظ على تلك الحبة، كما ترعى الأم جنينها، فتنحنى تارة وتقف تارة أخرى متبعة في ذلك غصن الشجرة حتى تظفر بأكبر عدد من الحبات تحدثت وحيدة ل(وات) قائلة أنها تستيقظ في الساعات الأولى من الفجر حتى تقوم بشؤونها المنزلية لتتوجه إلى الضيعة رفقة أخواتها أين تقضى ساعات من العمل الممزوج ب"البهجة والفرح" وفق تعبيرها، واكدت على انه يتم جمع جبات "حب الملوك" بالأظافر، حتى لا يقع نزع غصنها الفتي وبالتالي لا تجف وأضافت أن ساعات العمل تنطلق مع الساعة الخامسة صباحا لتتواصل إلى غاية منتصف النهار مقابل أجر يومي قدره 20 دينار، مشيرة الى ان مصاعب المهنة تكمن في طريقة القطف الحذرة التى ترهق الأيادي والرقبة، فضلا عن طول ساعات العمل في طقس حار. يواصل النسوة عملهن وسط ضحكات وأهازيج عالية ليتبادلن النكت والدعابة، هنا تتجلى كل مظاهر البهجة و البساطة في الآن ذاته فيتعاون النسوة عملا بمقولة "في الإتحاد قوة" وتكون بذلك المدة الزمنية للقطف أقل. من جهته، كشف صاحب الضيعة سمير موسى، أن أنواع الثمرة تتوزع بين "بيقارو ومورو فرنسي ومورو عادي و مورو بلاستيك والبيضاء"، لافتا إلى أن "البيقارو" من أجود وأغلى الأنواع وتترواح أسعار الأصناف بين 4 دنانير و10 دنانير واوضح أن زراعة حب الملوك تتوزع بين ماهو سقوي وبعلي، وأنها تعتبر "مربحة"، مناشدا السلط المعنية التدخل من اجل تثمينها ودعمها في شتى المجالات حتى تدر بمنتوج وفير وتستقطب أكبر عدد من العملة، خاصة وان فوائد تناولها كثيره تكمن خاصة في تطهير المعدة والأمعاء وعلاج آلام المفاصل ومشاكل المرارة وتعديل السكري وبين انه بالرغم من وفرة الإنتاج ومزاياها، تتعدد وتتنوع إشكاليات زراعة حب الملوك كسائر القطاعات الأخرى والتى تكمن في النقص الفادح في مياه الري، خاصة وأن أغلب مياه العيون مهدورة دون تدخل للسلط المعنية واضاف ان الفلاح يجد صعوبة في ترويج منتوجه نظرا لرداءة البنية التحتية وإهتراء الطريق المؤدي لمعتمدية مكثر، مما يتكبل مصاريف إصلاح أعطاب السيارة، وشدد كذلك على غياب الإرشاد والتوجيه من الهياكل المعنية خاصة في ما يتعلق بالأمراض التي تصيب النبتة من جانبه، صرح رئيس الإتحاد المحلي للفلاحة والصيد البحري بمكثر طارق المخزومي ل(وات) أن نبتة حب الملوك تتحمل البرودة القاسية شتاءً عند سباتها، لكنها تتأثر بها سلباً خلال فصل الربيع عند الإزهار، وتنمو بالأراضي ذات التربة الخفيفة التي لا تركد فيها المياه وأضاف أن من بين الإشكاليات التي ترهق الفلاح، غلاء الدواء، ومرض "الحمراء"، فضلا الاضرار التى يتسبب فيها طائر العصفور، وأضرار البرد، لاسيما مع غياب الشباك الواقية نظرا لغلاء كلفتها، واعتبر أن صابة هذا الموسم "طيبة" بإستثناء غياب اليد العاملة شبه المختصة والتي بدورها ترهق الفلاح ودعا بالمناسبة السلط المعنية إلى ضرورة التدخل لصيانة الطريق على طول 18 كم والتي تحول دون إصطحاب اليد العاملة وتنقل الفلاح، وذكر أن "حب الملوك" يتواجد بمنطقة بني حازم والسوالم من معتمدية مكثر و برقو ويغطي إنتاج الجهة أكثر من 50 بالمائة على المستوى الوطني من جهة أخرى، أوضح رئيس مكتب الأشجار المثمرة بالمندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية بسليانة خالد بدر الدين ل(وات) أن إنطلاق موسم جني "حب الملوك" يكون منذ منتصف شهر ماي إلى أواخر شهر جوان حسب تنوع أصنافه، مشيرا إلى أن صابة هذا الموسم تعتبر "متوسطة" مقارنة بالسنة الفارطة التي شهدت صابة قياسية وقدرت بحوالي 7 ألاف طن وفرة الإنتاج بالجهة، والتي تقدر بأكثر من 80 بالمائة من الإنتاج الوطني، لاتخفي حاجة الفلاح إلى تثمين هاته النبتة ودعمها عبر برامج تضبط إستراتيجية واضحه تضمن ديموميتها خاصة وانه يوجد بولاية سليانة 720 هكتارا من المساحات المزروعة من حب الملوك، موزعة بين معتمديات برقوومكثروسليانة الشمالية والجنوبية